الامام المهدي (ع) في الرسالات السماوية

: اللجنة العلمية

إنّ الإيمان بوجود المصلح يظهر في آخر الزمان ليس من مختصّات الفكر الشيعي الإمامي، ولا الإسلامي، بل هنالك من يؤمن بوجود المصلح من غير المسلمين. 

فالبوذيون يؤمنون بوجود بوذا بروحة في الدلاي لاما عبر نظرّية التناسخ، وأنّ هنالك بوذا آخر سيظهر في المستقبل اسمه مايتريا.

والمسيحية تؤمن بخروج عيسى (عليه السلام) في آخر الزمان، وينتظر مسيحيوا الأحباش عودة ملكهم تيودور، كمهدي في آخر الزمان.

واليهوديّة تؤمن أيضاً بالمسيح المخلّص، ومن اليهود من يؤمن بعودة عزير، أو منحاس بن العازر بن هارون.

والمجوس يؤمنون بحياة أوشيدر.

والماركسيّة الماديّة الملحدة تؤمن بوصول البشريّة إلى اليوم السعيد الذي سينتهي فيه وجود الطبقيّة في المجتمعات الإنسانيّة. 

يقول المفكر الـبـريـطـانـي الـشهير برتراند راسل: (إنّ العالم في انتظار مصلح يوحّده تحت لواء واحد وشعار واحد)(1)

ويقول العالم الفيزيائي المعروف ألبرت آينشتاين صاحب النظريّة النسبيّة: (إنّ اليوم الذي يسود العالم كله فيه السلام والصفاء ، ويكون الناس متحابيّن متخين ليس ببعيد)(2).

قال المفكر الأيرلندي الشهير (برناردشو) في كتابه الإنـسـان الـسوبرمان ـ وحسب ما نقله الدكتور عباس محمود العقاد في كتابه عن برناردشو في وصف المصلح العالمي ـ بأنّه: إنسان حي ذو بنية جسديّة صحيحة وطاقة عقليّة خارقة، إنسان أعلى يـتـرقـى إليه هذا الإنسان الأدنى بعد جهد طويل ، وأنّه يطول عمره حتى ينيف على ثلاثمئة سنة ، ويـسـتـطـيـع أن يـنـتـفـع بـمـا اسـتـجمعه من أطوار العصور، وما استجمعه من أطوار حياته الطويلة)(3)

يقول السيد محمد باقر الصدر في مقدمّة بحثه القيّم عن المهدي : لـيـس المهدي (عجل الله تعالى فرجه) تجسيداً لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب ، بل هو عنوان لطموح اتجهت إلـيـه البشريّة بمختلف أديانها ومذاهبها ، وصياغة لإلهام فطري أدرك الناس من خلاله على تنّوع عـقـائدهم ووسائلهم الى الغيب، إنّ للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض تحقق فيه رسالات السماء مـغـزاها الكبير وهدفها النهائي ، وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مر التاريخ استقرارها وطماءنينتها، بعد عناء طويل.

إذن كل المجتمعات البشريّة والثقافات تقريباً تؤمن بفكرة المصلح الذي يكون على يديه إصلاح الأمة وجعلها تسير على جادة الصواب.

وعليه فعقيدة الإنسان المصلح والمخلّص أو ما نسميه نحن المسلمون بالمهدي (عليه السلام) ليس من إبداعات المسلمين بل هي عقيدة راسخة لدى كل المجتمعات البشريّة.

 

هنالك آيات عديدة جداً في ما يسمّى بالكتاب المقدّس، تتحدث عن الإمام المهدي (عليه السلام)، سوف نتعرّض لكثير منها بعنوان أمثلة وشواهد لما هو ثابت عندنا باليقين.

1. سفر دانيال النبي (فأُعًطيَ سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض)(4).

وهذا الوصف (فأُعًطيَ سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة) لم يتحقق لأيّ نبي أو رسول أبداً، بل هو خاصّ بالإمام صاحب العصر والزمان، وهذا الوصف مطابق لقوله تبارك وتعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(5)

ولقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)(6).

2ـ انجيل مرقس (وَأَمَّا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بَعْدَ ذلِكَ الضِّيقِ، فَالشَّمْسُ تُظْلِمُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، 25وَنُجُومُ السَّمَاءِ تَتَسَاقَطُ، وَالْقُوَّاتُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 26وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ، 27فَيُرْسِلُ حِينَئِذٍ مَلاَئِكَتَهُ وَيَجْمَعُ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاءِ.)(7).

وموضع الشاهد هو قوله: (وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ، فَيُرْسِلُ حِينَئِذٍ مَلاَئِكَتَهُ وَيَجْمَعُ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاءِ) فإنّ هذه الآيات خاصة أيضاً بالإمام المهدي (عليه السلام)؛ لأنّ قوله: آتياً في سحاب كناية عن خفاء أمره (صلوات الله عليه)، وقوله: ويجمع مختاريه من الأربع، كناية عن أصلاح أمر الإمام (عليه السلام) واجتماع أصحابه له (عليه السلام). 

3ـ إنجيل مرقس (أَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فِي هذَا الْجِيلِ الْفَاسِقِ الْخَاطِئِ، فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ)(8).

الظاهر من هذا أنّ المسيح (عليه السلام) كان يُستهزأ به، وأنّه (عليه السلام) قد حذّرهم من العقاب بمجيء ابن الإنسان الذي سيستهزئ بهم أيضاً، وهذه النبوءة لم تتحقق إلاّ في زمن القائم (عليه السلام). 

 

إنجيل متّى: (فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ)(9)

4ـ فالآية تتحدث عن مجيء أبن الإنسان يجيء ممتلكاً لمجد أبيه مع الملائكة وسيحاسب كل إنسان على عمله.

وهذه النبوءة الأخرى لا انطباق لها إلاّ على صاحب العصر (عليه السلام). ووجهه واضح، فإنّ إبن الإنسان لا ينطبق على عيسى (عليه السلام)، كما لا ينطبق على أي نبي من انبياء الله تعالى لعدم تحقق ـــــ محاسبة كل واحد حسب عمله ـــــ لهم باليقين، أضف إلى أنّ جملة (في مجد أبيه مع الملائكة) ظاهرة في صاحب الأمر (عليه السلام)، إذ لا يوجد إنسان اكتسب مجداً وسمعة كرسول الله (صلى الله عليه وآله). 

5 ـ إنجيل مرقس (لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فِي هذَا الْجِيلِ الْفَاسِقِ الْخَاطِئِ، فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ )(10).

6. إنجيل متّى (لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ )(11).

وهو كناية عن سرعة إصلاح أمره (عليه السلام) كما ورد في حديث الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال: (إنّ صاحب هذا الأمر فيه سنّة من يوسف ابن أمة سوداء يصلح الله أمره في ليلة واحدة)(12).

7.إنجيل متّى (وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ)(13).

8. إنجيل لوقا (وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ، فَحِينَئِذٍ اعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ خَرَابُهَا. 21حِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، وَالَّذِينَ فِي وَسْطِهَا فَلْيَفِرُّوا خَارِجًا، وَالَّذِينَ فِي الْكُوَرِ فَلاَ يَدْخُلُوهَا، 22لأَنَّ هذِهِ أَيَّامُ انْتِقَامٍ، لِيَتِمَّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ. 23وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! لأَنَّهُ يَكُونُ ضِيقٌ عَظِيمٌ عَلَى الأَرْضِ وَسُخْطٌ عَلَى هذَا الشَّعْبِ. 24وَيَقَعُونَ بِفَمِ السَّيْفِ، وَيُسْبَوْنَ إِلَى جَمِيعِ الأُمَمِ، وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ، حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ.

(وَتَكُونُ عَلاَمَاتٌ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَعَلَى الأَرْضِ كَرْبُ أُمَمٍ بحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَالأَمْوَاجُ تَضِجُّ، 26وَالنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفٍ وَانْتِظَارِ مَا يَأْتِي عَلَى الْمَسْكُونَةِ، لأَنَّ قُوَّاتِ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 27وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 28وَمَتَى ابْتَدَأَتْ هذِهِ تَكُونُ، فَانْتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ)(14).

وهذه النبوءة مطابقة للمروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (لتُقاتِلُنَّ اليهود فلتقتُلُنَّهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي، فتعال فاقتله)(15).

 

الآيات التي تحدّثت عن وراثة عباد الله الصالحين للأرض ومن عليها:

1ـ مزامير داوود (وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. 10بَعْدَ قَلِيلاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ. تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ. 11أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ)(16).

2ـ مزامير داوود (22لأَنَّ الْمُبَارَكِينَ مِنْهُ يَرِثُونَ الأَرْضَ، وَالْمَلْعُونِينَ مِنْهُ يُقْطَعُونَ)(17).

3ـ مزامير داوود (29الصِّدِّيقُونَ يَرِثُونَ الأَرْضَ وَيَسْكُنُونَهَا إِلَى الأَبَدِ.)(18).

4ـ سفر اشعياء (وَشَعْبُكِ كُلُّهُمْ أَبْرَارٌ، إِلَى الأَبَدِ يَرِثُونَ الأَرْضَ، غُصْنُ غَرْسِي عَمَلُ يَدَيَّ لأَتَمَجَّدَ. اَلصَّغِيرُ يَصِيرُ أَلْفًا وَالْحَقِيرُ أُمَّةً قَوِيَّةً. أَنَا الرَّبُّ فِي وَقْتِهِ أُسْرِعُ بِهِ)(19).

5ـ إنجيل متّى (طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ)(20).

إنّ هذه الآيات كلها مطابقة بمضمونها لقوله تبارك وتعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)(21).

وهذه الوراثة لم تتحقق الى الآن، نعم نحن موعودون بها بحسب ما بأيدينا من الأدلة، وأنّها سوف تتحقق على يد صاحب العصر والزمان عليه الآف التحيات الزاكيات وعلى آبائه الاطهار.

من هنا نفهم ما ذكرناه في المقالة الأولى، من أنّ البشارة بالمنقذ توافقت عليها كل الرسالات السماوية.

والعجيب في هذه الآيات المذكورة في (الزبور والإنجيل وسفر أشعياء النبي والقرآن العظيم) كلها متفقه على لفظ واحد وهو (الوراثة) وإن اختلفت الألفاظ في الوارث إلاّ أنّها كلّها هي الأخرى متفقة على معنى واحد أيضاً (الودعاء أو المباركين أو الصدّيقون أو الأبرار) حيث عبّر القرآن عن جميع هذه الألفاظ بلفظة (الصالحون).

6. إنجيل متّى (وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ)(22).

فإنّ يمين القوة كناية عن تأييد السماء له، وقوله: آتياً على السحاب، كناية عن خفاء أمره وسرعة إصلاح أمره (عليه السلام).

7ـ إنجيل مرقس (فَقَالَ يَسُوعُ أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ )(23).

 8. مزامير داوود (اللهم أعطِ شريعتك للملك وعدلك لابن الملك. ليحكم بين شعبك بالعدل ولعبادك المساكين بالحق. فلتحمل الجبال والآكام السلام للشعب في ظل العدل. ليحكم لمساكين العب بالحق ويخلّص البائسين ويسحق الظالم. يخشونك ما دامت الشمس وما أنار القمر على مر الأجيال والعصور. سيكون كالمطر يهطل على العشب وكالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشى. يشرق في أيامه الأبرار ويعم السلام إلى يوم يختفي القمر من الوجود. ويملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض. أمامه يجثو أهل الصحراء ويلحس أعداؤه التراب. ملوك ترسيس والجزائر يدفعون الجزية. وملوك سبأ وشبا يقدّمون هدايا. يسجد له كل الملوك. وتخدمه كل الأمم. لأنّه ينجي الفقير المستغيث به والمسكين إذ لا معين له. يشفق على الضعفاء والبائسين ويخلص أنفس الفقراء. ويحررهم من الظلم والجور وتكرم دماؤهم في عينيه. فليعش طويلاً وليعطَ له ذهب سبأ وليصل عليه دائماً وليبارك كل يوم. فليكثر القمح والبر في البلاد حتى أعالي البلاد. ولتتمايل سنابل القمح كأشجار جبل لبنان. وليشرق الرجال في المدينة كحشائش الحقول. ويبقى اسمه أبد الدهر. وينتشر ذكره واسمه أبدا ما بقيت الشمس مضيئة وليتبارك به الجميع. وجميع الأمم تنادي باسمه سعيدة)(24).

إنّ كل الأوصافِ والنعوتِ والنبوءاتِ المذكورة في هذه النبوءة لا تنطبق على غير صاحب الزمان (عليه السلام).

9ـ سفر أشعياء (وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتًا فِي رَأْسِ الْجِبَالِ، وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ، وَتَجْرِي إِلَيْهِ كُلُّ الأُمَمِ) وَتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ، وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، إِلَى بَيْتِ إِلهِ يَعْقُوبَ، فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ، وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ فَيَقْضِي بَيْنَ الأُمَمِ وَيُنْصِفُ لِشُعُوبٍ كَثِيرِينَ، فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكًا وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفًا، وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ)(25).

لقد ورد في هذه الآيات (جبل الرب) و(جبل بيت الرب) والمراد من جبل بيت الرب هو جبل عرفة وبيت الرب هو المسجد الحرام. 

وهذه النبوءة مختصة بصاحب الزمان أيضاً، والدليل على ذلك قوله: (فيطبعون سيوفَهم سككاً ورماحَهم مناجل، ولا ترفع أمّةٌ على أمّةٍ سيفاً ولا يتعلّمونَ الحرب فيما بعد) وهو تصريح بعموم السلام في ربوع الأرض والمراد من قوله: (ثَابِتًا فِي رَأْسِ الْجِبَالِ، وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ، وَتَجْرِي إِلَيْهِ كُلُّ الأُمَمِ وَتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ، وَيَقُولُونَ) هو سيادة وحاكميّة الدين الإسلامي.

وهذا لم يحدث في أي زمان قط إلاّ في زمان الإمام المهدي (عليه السلام).

10ـ سفر أشعياء ( وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ،  وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ.٣ وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ،٤ بَلْ يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ، وَيَحْكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ، وَيَضْرِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ، وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ.٥ وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَهَ مَتْنَيْهِ، وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقْوَيْهِ.٦ فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا. وَالْبَقَرَةُ وَالدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعًا، وَالأَسَدُ كَالْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْنًا. ٨ وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ الأُفْعُوَانِ. ٩ لاَ يَسُوؤُونَ وَلاَ يُفْسِدُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ)(26). 

ليقل لنا من يخالف أين تحققتْ هذه النبوءة؟ ومتى سوف تتحقق؟ وعلى يد من؟ فقد وردت لدينا نصوص عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تؤيد كل ما هو مذكور في هذه النبوءة في كتب المسلمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه للسيد عبد الرضا الشهرستاني / ص٦٥

(2) م. ن.

(3) بـرنـاردشـو، لـلاسـتاذ عباس محمود العقاد: ١٢٤ ـ ١٢٥.

(4) سفر النبي دانيال الاصحاح 7 / ايه 14

(5) التوبة- اية / 33 والصف- اية / 9

(6) الفتح- اية /28.

(7) انجيل مرقس: اصحاح 13 / ايه 24.

(8) انجيل مرقس اصحاح 8 / ايه 38.

(9) انجيل متى اصحاح 16 / اية 27 – 28.

(10) انجيل مرقس اصحاح 8 / اية 38.

(11) انجيل متى اصحاح 24 / ايه 27.  

(12) بحار الأنوار ج: 51 ص / 219.

(13) انجيل متى اصحاح 24 / ايه 31.

(14) انجيل لوقا اصحاح 21 / اية 11 – 30.

(15) صحيح البخاري باب قتل اليهود / ج 10 / ص 411 / ح 2925.

(16) مزامير داوود مزمور 37 / اية 10 و11

(17) مزامير داوود مزمور 37 / اية 22

(18) مزامير داوود مزمور 37 / اية 29

(19) سفر اشعياء اصحاح 60 / ايه 21.

(20) انجيل متى اصحاح 5 / اية 5.

(21) الانبياء / اية 105.

(22) انجيل متى اصحاح 26 / ايه 64.

(23) انجيل مرقس اصحاح 14 / ايه 62

(24) مزامير داوود المزمور 72/ ايه 1 – 17.

(25) سفراشعياء / اصحاح 2 / 3

(26) سفر اشعياء اصحاح 11 / ايه 1 - 9