مَن (حمّادُ بنُ سلمة)؟

ب- يُقالُ: إنّهُ ضعيفُ المسلكِ في الأخذِ منهُ روايةً وحديثاً، فهَل صحيحٌ؟ ج- هَل هُنالكَ إنصافٌ في حقّهِ يذكرُه علماءُ الرّجالِ والحديثِ؟ د- أذكُر المصادرَ المادحةَ لهُ مِن كتبِ أهلِ الخلافِ (المذاهبِ الأربعة).

: اللجنة العلمية

- أمّا ما يتعلّقُ بالتّعريفِ به، فهوَ أحدُ المُحدّثينَ مِن رواةِ العامّةِ المعروفين، واسمُه حمّادٌ بنُ سلمةَ بن دينار، ويُكنّى بأبي سلمةَ البصريّ، ويصفُه الذّهبيّ في ترجمتِه، بقولِه: الإِمَامُ، القُدوَةُ، شَيخُ الإِسلاَمِ، أَبُو سَلَمَةَ البَصرِيُّ، النَّحوِيُّ، البَزَّازُ، الخِرَقِي، البَطَائِنِيُّ، مَولَى آلِ رَبِيعَةَ بنِ مَالِكٍ، وَابنِ أُختِ حُميد الطَّوِيلِ. سَمِعَ: إبنَ أَبِي مُلَيكَةَ -وَهُوَ أَكبَرُ شَيخٍ لَهُ- وَأَنَسَ بنَ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدَ بنَ زِيَادٍ القُرَشِيَّ، وأبا جمرةَ نصرَ بنَ عمرانٍ الضّبعي، وثابتَ البُنَانِيَّ، وَعَمَّارَ بنَ أَبِي عَمَّارٍ، وَعَبدَ اللهِ بنَ كَثِيرٍ الدَّارِيَّ المُقرِئَ، وَأَبَا عِمرَانَ الجَونِيَّ، وَأَبَا غَالِبٍ حَزَوَّر صَاحِبَ أَبِي أُمَامَةَ، وَقَتَادَةَ بنَ دِعَامَةَ، وَسِمَاكَ بنَ حَربٍ، وَحَمِيداً خَالَهُ، وحمادَ بنَ أبي سليمان الفقيه، وسعيدَ بنَ جُمهان، وَأَبَا العُشَراء الدَّارِمِيَّ، وَيَعلَى بنَ عَطَاءٍ، وسُهيل بنَ أَبِي صَالِحٍ، وَإِسحَاقُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلحَةَ، وَإِيَاسَ بنَ مُعَاوِيَةَ، وَبِشرَ بنَ حَربٍ النَّدَبي، وَعَلِيَّ بنَ زيد، وَخَالِدَ بنَ ذَكوان، وَشُعَيبَ بنَ الحَبحَابِ، وَعَاصِمَ بنَ العجَّاج الجَحدَري، وَأَيُّوبَ السِّختِيَانِيَّ، وَيُونُسَ بنَ عُبَيدٍ، وَعَمرَو بنَ دِينَارٍ، وَأَبَا الزُّبَيرِ المَكِّيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ وَاسِعٍ، وَمَطَرَ بنَ طَهمَانَ الورَّاق، وَيَزِيدَ الرُّقاشي، وَأَبَا التَّيَّاح الضُّبَعي يَزِيدَ، وَعَطَاءَ بنَ عَجلاَنَ، وَعَطَاءَ بنَ السَّائِبِ، وَأُمَماً سِوَاهُم.

حَدَّثَ عَنهُ: إبنُ جُرَيجٍ، وَابنُ المُبَارَكِ، وَيَحيَى القَطَّانُ، وحَرَمي بنُ عُمَارَةَ، وَابنُ مَهدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيمٍ، وَعَفَّانُ، وَالقَعنَبِيُّ، وَمُوسَى بنُ إِسمَاعِيلَ، وَشَيبَانُ بنُ فَرُّوخ، وَهُدبَةُ بنُ خَالِدٍ، وَعَبدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيُّ، وَعَبدُ الوَاحِدِ بنُ غِيَاثٍ، وَعَبدُ الأَعلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرسِيُّ، وَإِبرَاهِيمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، وَعُبَيدُ اللهِ بنُ عَائِشَةَ التَّيمِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ مُظفَّر بنُ مُدرِك الحَافِظُ، وَالحَسَنُ الأَشيَبُ، وَيَحيَى بنُ إِسحَاقَ السَّيلَحيني، وَالأَسوَدُ بنُ عَامِرٍ، وَالهَيثَمُ بنُ جَمِيلٍ، وَأَسَدُ السُّنَّةِ، وَسَعِيدُ بنُ سُلَيمَانَ، وَخَلقٌ كَثِيرٌ. وَآخِرُ مَن زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنهُ: أَحمَدُ بنُ أَبِي سُلَيمَانَ القَوَارِيرِيُّ المَترُوكُ المُتَّهَمُ الَّذِي لَقِيَهُ مُحَمَّدُ بنُ مَخلَد العَطَّارُ فِي سَنَةِ سَبعِينَ وَمائَتَينِ.

وَقَد رَوَى الحُرُوفَ عَن: عَاصِمٍ، وَابنِ كَثِيرٍ. أَخَذَ عَنهُ الحُرُوفَ حَرَمي بنُ عُمَارَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذكي.

قَالَ شُعبَةُ: كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ يُفِيدُنِي عَن عمَّار بنِ أَبِي عمَّار. وَقَالَ وُهَيبُ بنُ خَالِدٍ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ سَيِّدُنَا وَأَعلَمُنَا. قَالَ أَحمَدُ بنُ حَنبَلٍ: هُوَ أَعلَمُ مِن غَيرِهِ بِحَدِيثِ عَلِيِّ بنِ زَيدِ بنِ جُدعَانَ. قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِينِيِّ: كَانَ عِندَ يَحيَى بنِ ضُرَيسٍ الرَّازِيِّ، عَن حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ عَشرَةُ آلاَفِ حَدِيثٍ. قُلتُ: يَعنِي بِالمَقَاطِيعِ وَالآثَارِ.

قَالَ أَحمَدُ: أَعلَمُ النَّاسِ بِثَابِتٍ البُنَانِيِّ حماد بن سلمة، وهو أثبهم فِي حُمَيدٍ الطَّوِيلِ. وَرَوَى إِسحَاقُ الكَوسَجُ، عَنِ ابنِ مَعِينٍ، قَالَ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِينِيِّ: هُوَ عِندِي حُجَّةٌ فِي رِجَالٍ، وَهُوَ أَعلَمُ النَّاسِ بِثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَعَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ، وَمَن تَكَلَّمَ فِي حَمَّادٍ، فَاتَّهَمُوهُ فِي الدِّينِ.

قُلتُ [والقائل هو الذهبيّ نفسه]: كَانَ بَحراً مِن بُحُورِ العِلمِ، وَلَهُ أَوهَامٌ فِي سَعَةِ مَا رَوَى، وَهُوَ صَدُوقٌ حُجَّةٌ -إِن شَاءَ اللهُ- وَلَيسَ هُوَ فِي الإِتقَانِ كَحَمَّادِ بنِ زَيدٍ، وَتَحَايدَ البُخَارِيُّ إِخرَاجَ حَدِيثِهِ، إِلاَّ حَدِيثاً خَرَّجَه فِي الرِّقَاقِ، فَقَالَ: قَالَ لِي أَبُو الوَلِيدِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَن ثَابِتٍ، عَن أَنَسٍ، عَن أُبَيٍّ. وَلَم يَنحَطَّ حَدِيثُه عَن رُتبَةِ الحَسَنِ وَمُسلِمٌ رَوَى لَهُ فِي الأُصُولِ، عَن ثَابِتٍ، وَحُمَيدٍ، لِكَونِهِ خَبِيراً بِهِمَا. قَالَ عَمرُو بنُ عَاصِمٍ: كَتَبتُ عَن حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ بِضعَةَ عَشَرَ أَلفاً. جَعفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعتُ عَفَّانَ يَقُولُ: كَتَبتُ عَن حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ بِضعَةَ عَشَرَ أَلفاً. وَقَالَ حَجَّاجُ بنُ مِنهَالٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَكَانَ مِن أَئِمَّةِ الدِّينِ. قَالَ عَبدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحي: حَدَّثَنَا الحَمَّادَانِ، وفَضلُ بن سَلَمَةَ عَلَى ابنِ زَيدٍ، كَفَضلِ الدِّينَارِ عَلَى الدِّرهَمِ -يَعنِي: الَّذِي اسمُ جَدِّهِ دِينَارٌ، أَفضَلُ مِن حَمَّادِ بنِ زَيدٍ الَّذِي اسمُ جَدِّهِ دِرهَمٌ. وَهَذَا مَحمُولٌ عَلَى جَلاَلتِهِ وَدِينِهِ، وَأَمَّا الإِتقَانُ، فمسلَّم إِلَى ابنِ زَيدٍ، هُوَ نَظِيرُ مَالِكٍ فِي التَّثَبُّتِ. قَالَ شِهَابُ بنُ مُعَمَّر البَلخي: كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ يُعَدُّ مِنَ الأَبدَالِ.

قُلتُ: وَكَانَ مَعَ إِمَامَتِهِ فِي الحَدِيثِ إِمَاماً كَبِيراً فِي العَرَبِيَّة، فَقِيهاً، فَصِيحاً، رَأساً فِي السُّنَّةِ، صَاحِبَ تَصَانِيفَ. قَالَ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ مَهدِيٍّ: لَو قِيلَ لِحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ: إِنَّكَ تَمُوتُ غَداً، مَا قَدِرَ أَنَّ يَزِيدَ فِي العَمَلِ شَيئاً. قُلتُ: كَانَت أَوقَاتُهُ مَعمُورَةً بِالتَّعَبُّدِ وَالأَورَادِ. وَقَالَ عَفَّانُ: قَد رَأَيتُ مَن هُوَ أَعبَدُ مِن حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، لَكِن مَا رَأَيتُ أَشدَّ مُوَاظِبَةً عَلَى الخَيرِ، وَقِرَاءةِ القُرآنِ، وَالعَمَلِ للهِ -تَعَالَى- مِنهُ.

2- وأمّا جوابُ السّؤال الثّاني، فسببُ ذلكَ أنَّ حمّادَ بنَ سلمة معَ جلالةِ قدرِه قَد ساءَ حِفظُه وتغيّرَ في آخرِ أيّام حياتِه، ولهذا تكلّمَ فيهِ نُقّادُ الحديثِ مِن هذهِ الجهة. قَالَ أَحمَدُ بنُ حَنبَلٍ: إِذَا رَأَيتَ مَن يَغمِزُهُ، فَاتَّهِمهُ فَإِنَّهُ كَانَ شَدِيداً عَلَى أَهلِ البِدَعِ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا طَعَنَ فِي السِّنِّ، سَاءَ حِفظُه، فَلِذَلِكَ لَم يَحتَجَّ بِهِ البُخَارِيُّ، وَأَمَّا مُسلِمٌ، فَاجتَهَدَ فِيهِ وَأَخرَجَ مِن حَدِيثِهِ عَن ثَابِتٍ، مِمَّا سَمِعَ مِنهُ قَبل تَغَيُّرِهِ، وَمَا عَن غَيرِ ثَابِتٍ، فَأَخرَجَ نَحوَ اثني عَشَرَ حَدِيثاً فِي الشَّوَاهِدِ، دُونَ الاحتِجَاجِ، فَالاحتِيَاطُ أَن لاَ يُحتَجَّ بِهِ فِيمَا يُخَالِفُ الثِّقَاتِ، وَهَذَا الحَدِيثُ مِن جُملَتِهَا. قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ الحَاكِمُ: قَد قِيلَ فِي سُوء حِفظِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَجَمعِهِ بَينَ جَمَاعَةٍ فِي الإِسنَادِ بِلَفظٍ وَاحِدٍ، وَلَم يُخرِّج لَهُ مُسلِمٌ فِي الأُصُولِ، إلا من حَدِيثِهِ عَن ثَابِتٍ، وَلَهُ فِي كِتَابِهِ أَحَادِيثُ فِي الشَّوَاهِدِ عَن غَيرِ ثَابِتٍ.

3- وأمّا جوابُ السّؤالِ الثّالث، فإليكَ أهمَّ المصادرِ التي عُنيَت بترجمتِه، فمِنها:

1- كتابُ (سيرِ أعلامِ النّبلاءِ) للذّهبيّ، رقمُ التّرجمةِ (1169), وكتابُ (تهذيبِ الكمال) للمزّيّ، رقمُ التّرجمةِ (1466), وكتابُ (تهذيبِ التّهذيبِ) لابنِ حجرٍ العسقلانيّ.

ودمتُم سالِمين.