( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ) ما معنى السفهاء في تفسير اهل البيت للقران؟

: السيد رعد المرسومي

السّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته. 

السّفهُ لغةً ضدّ الحلمِ، وأصلُه الخفّةُ والحركةُ كما في مُختارِ الصّحاح للجوهريّ في مادّة (سفهَ)، وفي كتابِ مُفرداتِ ألفاظِ القُرآنِ للرّاغبِ الأصفهانيّ: قالَ: السّفهُ خفّةٌ في البدنِ، ومنهُ قيلَ: زمامٌ سفيهٌ: كثيرُ الإضطرابِ، وثوبٌ سفيهٌ رديءُ النّسجِ، واستعملَ في خفّةِ النّفسِ لنقصانِ العقلِ، وفي الأمورِ الدّنيويّةِ والأخرويّة، فقيلَ سفهَ نفسَه، ... قالَ في السّفهِ الدّنيويّ: (ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم). 

وأمّا مِن حيثُ التّفسيرِ فالظّاهرُ أنّ هناكَ إختلافاً في معنى السّفهاء، إذ نقلَ الميرزا محمّد المشهديّ في كتابِه تفسيرُ كنزِ الدّقائق (ج3/ص330 وما بعدَها)، نقلَ عَن الطّبرسيّ في كتابِه مجمعُ البيان (2/7-8) عند تعرّضِه لهذهِ الآيةِ قوله: إختلفَ في المعنى بالسّفهاءِ على أقوالٍ، أحدُها: أنّهم النّساءُ، والصّبيانُ، ورواهُ أبو الجارودِ عَن أبي جعفرٍ عليه السّلام، وثالثها ، أنّه عامٌّ في كلِّ سفيهٍ ، مِن صبيٍّ أو مجنونٍ أو محجورٍ عليهِ للتّبذيرِ . وقريبٌ منه ما رويَ عَن أبي عبدِ اللَّه - عليه السّلام - أنّه قال : إنّ السّفيهَ شاربُ الخمرِ ومَن جرى مجراهُ . وقيلَ: عنى بقولِه : أموالُكم ، أموالُهم . وقد رويَ أنّه سُئلَ الصّادقُ - عليه السّلام - عن هذا فقيل : كيفَ يكونُ أموالهم أموالنا ؟ فقالَ : إذا كنتَ أنتَ الوارثَ له ( إنتهى ).  

قالَ المشهديّ: فعلى هذا ، يمكنُ الحملُ على عمومِ النّهي عن إيتاءِ المالِ إلى السّفهاء ، وإرادةُ العمومِ مِن إضافةِ الأموالِ بإرادةِ ما يشملُ أموالهم أو مالهم الولايةُ فيه ، وفي الأخبارِ ما يدلُّ عليه . في تفسيرِ العيّاشيّ (1/220) عن يونسَ بنِ يعقوب قالَ سألتُ أبا عبدِ اللَّه - عليه السّلام - في قولِ اللَّه : « ولا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ » قالَ : مَن لا تثقُ به . عن يونس بن يعقوب ، قالَ سألتُ أبا عبدِ اللَّه - عليهِ السّلام - في قولِ اللَّه « ولا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ»، قال : مَن لا تثقُ به . 

عَن إبراهيم بنِ عبدِ الحميد قالَ : سألتُ أبا جعفرٍ - عليه السّلام - عَن هذهِ الآية :« ولا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ» قالَ : كلُّ مَن يشربُ المُسكرَ ، فهوَ سفيهٌ . 

عن عليٍّ بن أبي حمزة ، عَن أبي عبدِ اللَّه - عليه السّلام - قالَ : سألتُه عَن قولِ اللَّه : « ولا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ . » هُم اليتامى ، ولا تعطوهم أموالَهم حتّى تعرفوا منهم الرّشد .قلتُ : فكيفَ يكونُ أموالهم أموالنا؟ فقالَ: إذا كنتَ أنتَ الوارثَ لهم .

وفي قربِ الإسنادِ  للحميريّ  (131): هارونُ بن مسلم ، عَن مسعدةَ بنِ صدقة بنِ زياد قالَ : سمعتُ أبا الحسنِ - عليهِ السّلام - يقولُ لأبيه : يا أبة ، إنّ فلاناً يريدُ اليمنَ ، أفلا أزوّدُه ببضاعةٍ ليشتري بها عصبَ اليمنِ؟ فقالَ له : يا بنيّ ، لا تفعَل .قالَ : ولمَ؟ قالَ : لأنّها إذا ذهبَت لم تؤجَر عليها ولم تخلِف عليكَ ، لأنّ اللَّهَ - تعالى - يقولُ : « ولا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُم قِياماً » فأيُّ سفيهٍ أسفهُ بعد النّساءِ مِن شاربِ الخمر ؟ 

وفي مَن لا يحضرُه الفقيهُ، رقمُ الحديث ( 5534 ) : سُئلَ أبو جعفرٍ - عليهِ السّلام - عن قولِ اللَّه - عزّ وجلّ - : « ولا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ» قالَ : لا تؤتوها شرّابَ الخمرِ، ولا النّساءَ ، ثمّ قالَ : وأيّ سفيهٍ أسفهُ مِن شاربِ الخمر ؟ 

وفي أصولِ الكافي (1/60) : عليٌّ بن إبراهيم [عن أبيه] عَن محمّدٍ بن عيسى ، عن يونس ، عن حمّاد ، عن عبدِ اللَّهِ بن سنان ، عَن أبي الجارودِ قالَ : قالَ أبو جعفرٍ - عليه السّلام - : إذا حدّثتُكم بشيءٍ فاسألوني مِن كتابِ اللَّه ، ثمّ قالَ في بعضِ حديثِه : إنّ رسولَ اللَّه - صلَّى اللَّهُ عليه وآله - نهى عن القيلِ والقالِ وفسادِ المالِ وكثرةِ السّؤالِ، فقيلَ له : يا بنَ رسولِ اللَّه ، أينَ هذا مِن كتابِ اللَّه ؟ قالَ : إنَّ اللَّهَ - عزَّ وجلّ - يقولُ : (لا خَيرَ فِي كَثِيرٍ مِن نَجواهُم إِلَّا مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعرُوفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النَّاسِ)، وقالَ : « ولا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُم قِياماً » وقالَ لا تَسئَلُوا عَن أَشياءَ إِن تُبدَ لَكُم تَسُؤكُم. . 

وفي الكافي (5/300) عَن عليٍّ بنِ إبراهيم ، عَن أبيه ، عن إبنِ أبي عُمير ، عن حمّاد بنِ عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبدِ اللَّه - عليه السّلام - حديثٌ طويلٌ ، يقولُ فيه - عليه السّلام - : ولا تأمَن بشاربِ الخمرِ ، فإنَّ اللَّهَ - عزَّ وجلّ - يقولُ في كتابِه : « ولا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ » . فأيّ ( 6 ) سفيهٍ أسفهُ مِن شاربِ الخمر ؟ 

وفي تفسيرِ عليٍّ بنِ إبراهيم (1/131 ) : حدّثني أبي ، عَن إبن أبي عُمير ، عن أبي بصيرٍ ، عن أبي عبدِ اللَّه قالَ : قالَ رسولُ اللَّه - صلَّى اللَّهُ عليه وآله - : شاربُ الخمرِ لا تصدّقوهُ إذا حدّث ، ولا تزوّجوه إذا خطبَ ، ولا تعودوهُ إذا مرضَ ، ولا تحضروهُ إذا ماتَ ، ولا تأتمنوهُ على أمانةٍ ، فمَن أئتمنَه على أمانةٍ واستهلكَها، فليس لهُ على اللَّهِ أن يخلفَ عليهِ ولا أن يُؤجرَه عليها ، لأنّ اللَّهَ - تعالى - يقولُ : « ولا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ » وأيُّ سفيهٍ أسفهُ مِن شاربِ الخمرِ. ونكتفي بهذا المِقدار منَ البيانِ. ودمتُم سالِمين