دلالةُ قولِه تعالى: (فإذا إنشقَّت السّماءُ فكانَت وردةً كالدّهان) 

السلام عليكم ممكن اعرف دلالة الآية ٣٧ من سورة الرحمن فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان. والآية الكريمة واني غفار لمن تاب وأمن وعمل صالحا ثم اهتدى

: السيد رعد المرسومي

السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاته 

في بادئِ الأمرِ سنبيّنُ بعضَ مُفرداتِ الآيةِ مِن حيثُ اللّغة، فنقولُ: وردَ في كتابِ مُفرداتِ ألفاظِ القُرآنِ، للرّاغبِ الأصفهانيّ، [ص ٤٥٩]، قالَ: الشَّقُّ: الخرمُ الواقعُ في الشّيءِ. يقالُ: شَقَقتُه بنصفينِ . قالَ تعالى : * ( ثُمَّ شَقَقنَا ) * الأَرضَ شَقًّا [عبس / 26 ] ، * ( يَومَ تَشَقَّقُ ) * الأَرضُ عَنهُم سِراعاً [ ق / 44 ] ، * ( وانشَقَّتِ ) * السَّماءُ [ الحاقة / 16 ] ، * ( إِذَا السَّماءُ انشَقَّت ) * [ الإنشقاق / 1 ]. 

وفي كتابِ مُختارِ الصّحاحِ، لمُحمّد بن أبي بكر الرّازيّ، في مادّة [دهن]، قالَ: الدّهنُ معروفٌ والدّهانُ الأديمُ الأحمرُ، ومنهُ قولُه تعالى * (فكانَت وردةً كالدّهانِ )* أي صارَت حمراءَ كالأديمِ مِن قولِهم فرسُ وردٍ والأنثى وردةٌ والدّهانُ أيضاً جمعُ دهنٍ. 

وأمّا دلالةُ الآيةِ فقَد إنتخبنا لكَ أقوالَ طائفةٍ منَ المُفسّرينَ مِـمّن عرضوا لهذهِ الآيةِ، فمِن ذلكَ: ما جاءَ في كتابِ (مِن هُدى القُرآن) للسيّدِ محمّد تقي المُدرّسيّ، (ج ١٠/ ص ١٥٨)، قالَ: إنّ السّماءَ هذا السّقفُ العظيمُ الذي يحفظُ النّاسَ ويُظلّهُم تفقدُ تماسكَها يومَ القيامةِ ، ويتبدّل لونُها منَ الزّرقةِ إلى الحُمرةِ تُشبهُ في ذلكَ الوردةَ الحمراءَ ، وَانشَقَّت السَّمَاءُ فَهِيَ يَومَئِذٍ وَاهِيَةٌ [الحاقّةُ : 16 ] ، ثمّ تذوبُ وتسيلُ يَومَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالمُهلِ [ المعارجُ : 8 ] ، حتّى تُضحى دهاناً ، وهو ما يُستخرجُ منَ الوردِ بعدَ غليهِ وعصرِه. فَإِذَا إنشَقَّت السَّمَاءُ فَكَانَت وَردَةً كَالدِّهَانِ لعلَّ سببَ تشبيهِها بالوردةِ لأنّها ليسَت قطعةً واحدةً ، بَل عدّةُ قطعٍ مُنشقّةٍ عَن بعضِها ، ذاتُ صبغةٍ حمراء أو لونٍ آخر ، يجمعُها الأصلُ ، ولأنّ السّماءَ ( السّقفُ المرفوع ) هيَ رمزُ الأمنِ والسّلام ، فإنّ إنشقاقَها يؤذنُ بالأخطارِ والخوفِ ، ولهذهِ الآيةِ إتّصالٌ وثيقٌ بالآيةِ [ 35 : الرّحمن ] : يُرسَلُ عَلَيكُمَا شُوَاظ مِن نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ، ذلكَ أنّ الغلافَ الجويّ - أحد طبقاتِ السّماءِ - هوَ الذي يمنعُ عنّا النيازكَ والغازاتِ الحارقةَ ، ولو حدثَ - لا سمحَ اللهُ - أن إنشقَّ فإنَّ الأرضَ ستكونُ عُرضةً لتلكَ الأخطارِ ، ويقولُ العلماءُ: لو فُتحَت ثغرةٌ في الغلافِ الواقيّ - لنفترضَ مثلاً بمساحةِ كيلو مترٍ مُربّعٍ واحدٍ - فإنّ الأرضَ تحتَه لا تصلحُ للحياةِ أبداً . . لِما ينهالُ عليها مِن خلالِ تلكَ الثّغرةِ مِن أشعّةٍ ضارّةٍ أو نيازكَ حارقةٍ مدمّرةٍ.

وهَل لنا أن نفهمَ مِن هذهِ الحقيقةِ العلميّةِ شيئاً بسيطاً عَن طبيعةِ الحياةِ حينَما تنفطرُ السّماواتُ السّبعُ وتستحيلُ لهباً ومُهلاً ؟ ! إنّ أحداً لا يملكُ يومئذٍ أن يكذّبَ بهذهِ الآيةِ مِن آياتِ اللهِ ، والتي تُظهرُ هيمنتَه ، وضرورةَ التّسليمِ له - وهوَ لو شاءَ لجعلنا نُصدّقُ بآلائِه وآياتِه بالقوّةِ - وهو القائلُ : طسم، تِلكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِينِ، لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤمِنِينَ، إِن نَشَأ نُنَزِّل عَلَيهِم مِن السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّت أَعنَاقُهُم لَهَا خَاضِعِينَ [ الشّعراء : 1 - 4 ] . ولكنَّ رحمتَه تأبى ذلكَ كما أنّ حكمتَه مِن خلقِنا في الحياةِ الدّنيا والتي صرّحَ بها بقولِه : الَّذِي خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا [ الملكُ : 2 ] ، لا تتّفقُ معَ هذا النّهجِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. 

ويقولُ الشّيخُ مُحمّد جواد مغنية، في كتابِه التّفسيرِ الكاشفِ، [ج ٧، ص ٢١٢]. (فَإِذَا انشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَت وَردَةً كَالدِّهانِ)، يقولُ: تذوبُ السّماءُ بما فيها مِن كواكبَ كما يذوبُ الدّهنُ على النّار ، ويصبحُ لونُ هذا السّائلِ كحمرةِ الوردِ . والغرضُ مِن هذا التّشبيهِ وما إليه ممّا جاءَ في سائرِ الآياتِ هوَ الإشارةُ إلى خرابِ الكونِ ودمارِه يومَ تقومُ السّاعة.

ويقولُ الشّيخ ناصِر مكارِم الشّيرازيّ في كتابِه (التفسيرُ الأمثلُ ج17/ص412): ويستفادُ مِن مجموعِ آياتِ (القيامةِ) بصورةٍ واضحةٍ أنّ النّظامَ الحاليَّ للعالمِ سوفَ يتغيّرُ ويضطربُ وتقعُ حوادثُ مرعبةٌ جدّاً في كلِّ الوجودِ، فتتغيّرُ الكواكبُ والسّيّاراتُ والأرضُ والسّماءُ ، وتحصلُ تغيّراتٌ يصعبُ تصوّرُها ، ومِن جُملتِها: إنشقاقُ وتناثرُ الكراتِ السّماويّةِ ، حيثُ يصبحُ لونُها أحمرَ بصورةٍ مُذابةٍ كالدّهنِ . ( وردةٌ ) و ( وردٌ ) هوَ الوردُ المُتعارَفُ ، ولأنّ لونَ الوردِ في الغالبِ يكونُ أحمراً ، فإنّ معنى الإحمرارِ يتداعى للذّهنِ منها . ..، وبما أنّ لونَها يتغيّرُ في فصولِ السّنةِ حينَ يكونُ في الرّبيعِ مائِلاً إلى الصّفرةِ ، وفي الشّتاءِ يحمرُّ ، ويقتمُ لونُها في البردِ الشّديدِ، فتشبيهُ السّماءِ يومَ القيامةِ بها هوَ بلحاظِ التغيّراتِ التي تحصلُ في ألوانِها فتارةً يكونُ لونُها كالشّعلةِ الوهّاجةِ أحمرَ حارقاً ، وأحياناً أصفرَ ، وأخرى أسود قاتماً ومُعتماً . (دهانٌ) على وزنِ ( كتاب ) ، بمعنى الدّهنِ المُذابِ ، وتُطلقُ أحياناً على الرّسوباتِ المُتخلّفةِ للمادّةِ الدّهنيّةِ، وغالباً ما تكونُ لها ألوانٌ مُتعدّدةٌ ، ومِن هُنا وردَ هذا التّشبيهُ حيثُ يصبحُ لونُ السّماءِ كالدّهنِ المُذابِ بلونِ الوردِ الأحمرِ ، أو إشارةً إلى ذوبانِ الكُراتِ السّماويّةِ أو إختلافِ لونِها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

وأمّا دلالةُ قولِه تعالى: (وإنّي لغفّارٌ لمَن تابَ وآمنَ وعملَ صالِحاً ثُمَّ إهتدى). فمِن حيثُ اللّغة: فإنّ مفرداتِ الآيةِ واضحةٌ لا تحتاجُ إلى بيانٍ، وأمّا مِن حيثُ دلالتِها والمُرادِ مِنها، فيكمنُ ذلكَ في معرفةِ المقصودِ مِن قولِه (ثُمَّ إهتدى) بعدَ معرفةِ أنّ غُفرانَ اللهِ عزّ وجلّ - الواردَ بصيغةِ المُبالغةِ - للعبدِ متوقّفٌ على أربعةِ أمورٍ هيَ التّوبةُ والإيمانُ والعملُ الصّالحُ ثُمَّ الهدايةُ، وكما بيّنّا آنفاً أنّ مفرداتِ الآيةِ واضحةُ المعنى والمقصودِ، إلّا قولَه تعالى (ثُمَّ إهتدى)، فليسَ المقصودُ بها الإستقامةُ والثّباتُ على ما ذُكرَ منَ التّوبةِ والإيمانِ والعملِ الصّالحِ كما يذهبُ إلى ذلكَ جمهورُ علماءِ السّنّةِ، وإنّما المُرادُ منَ الهدايةِ هاهُنا إنّما هيَ الهداية إلى ولايةِ أهلِ البيتِ عليهم السّلام ومعرفتِهم، وهذا ما وقفنا عليهِ مِن كلماتِ عُلمائِنا الأبرارِ حينَ عرضوا لهذهِ الآيةِ، فمِن ذلكَ ما جاءَ في كتابِ (إثباتِ الهُداةِ بالنّصوصِ والمُعجزاتِ) للحُرّ العامليّ، (ج1/ص150)، نقلاً عن الشيخِ الصّدوقِ (ره) في كتابِه ثوابِ الأعمالِ (194): - إذ قالَ: حدّثنا أبي عَن سعدٍ بنِ عبدِ اللّهِ عَن عبّاد بنِ سليمان عَن سليمان الدّيلميّ عَن داود بنِ كثير قالَ: دخلتُ على أبي عبدِ اللّهِ عليه السّلام فقلتُ: جُعلتُ فداكَ قوله تعالى : وإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تابَ وآمنَ وعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهتَدى؛ ما هذا الهُدى بعدَ التّوبةِ والإيمانِ والعملِ الصّالح ؟ قالَ فقالَ : معرفةُ الأئمّةِ واللّهِ إمامٌ بعدَ إمام.  

وفي كتابِ (الأمالي)، للشّيخِ الصّدوقِ، ص ٥٨٣ بإسنادِه إلى محمّدٍ بنِ خالد البرقيّ، قالَ: حدّثنا سهلٌ بنُ المرزبانِ الفارسيّ ، قالَ : حدّثنا محمّدٌ بنُ منصور ، عَن عبدِ اللهِ بنِ جعفر ، عَن محمّدٍ بن الفيضِ بن المُختار ، عَن أبيهِ ، عَن أبي جعفرٍ مُحمّد بن عليّ الباقر ، عِن أبيه ، عن جدّه (عليهم السّلام)، قالَ : خرجَ رسولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآلِه) ذاتَ يومٍ وهوَ راكبٌ ، وخرجَ عليٌّ (عليه السّلام) وهوَ يمشي، فقالَ له : يا أبا الحسنِ ، إمّا أن تركبَ ، وإمّا أن تنصرفَ ، فإنّ اللهَ عزّ وجلّ أمرَني أن تركبَ إذا ركبتُ ، وتمشي إذا مشيتُ ، وتجلسَ إذا جلستُ ، إلّا أن يكونَ حدٌّ مِن حدودِ اللهِ لا بدّ لكَ منَ القيامِ والقعودِ فيه ، وما أكرمَني اللهُ بكرامةٍ إلّا وقَد أكرمَك بمثلِها ، وخصّني بالنّبوّةِ والرّسالةِ ، وجعلكَ وليّي في ذلكَ ، تقومُ في حدودِه وفي صعبِ أمورِه ، والذي بعثَ مُحمّداً بالحقّ نبيّاً ما آمنَ بي مَن أنكرَك ، ولا أقرّ بي مَن جحدَك ، ولا آمنَ باللهِ مَن كفرَ بكَ، وإنّ فضلَك لمِن فضلِي ، وإنّ فضلِي لكَ لفضلُ اللهِ ، وهوَ قولُ ربّي عزّ وجلّ : (قُل بفضلِ اللهِ وبرحمتِه فبذلكَ فليفرحوا هوَ خيرٌ ممّا يجمعونَ )، ففضّلَ اللهُ نبوّةَ نبيّكم ، ورحمتُه ولايةُ عليٍّ بنِ أبي طالب، ( فبذلكَ ) قالَ : بالنّبوّةِ والولايةِ ( فليفرحوا )، يعني الشّيعةُ ( وهوَ خيرٌ ممّا يجمعونَ ) يعني مُخالفيهِم منَ الأهلِ والمالِ والولدِ في دارِ الدّنيا . واللهِ - يا عليّ - ما خُلقتَ إلّا ليُعبدَ ربّكَ، ولتُعرفَ بكَ معالمُ الدّينِ ، ويصلحُ بكَ دراسُ السّبيل ، ولقد ضلَّ مَن ضلَّ عنكَ ، ولن يهتدي إلى اللهِ عزّ وجلّ مَن لم يهتدِ إليكَ وإلى ولايتكَ، وهوَ قولُ ربّي عزّ وجلّ : (وإنّي لغفّارٌ لمَن تابَ وآمنَ وعملَ صالحاً ثمّ إهتدى )، يعني إلى ولايتِك.

وفي كتابِ الكافي لثقةِ الإسلامِ الكُلينيّ (ره)، (ج2/ص47-48) بإسنادِه إلى أبي عبدِ الله (عليه السّلام) قالَ : إنّكم لا تكونونَ صالحينَ حتّى تعرفوا ولا تُعرفونَ حتّى تُصدِّقوا ولا تصدَّقونَ حتّى تسلِّموا أبواباً أربعةً لا يصلحُ أوّلها إلّا بآخرها ، ضلّ أصحابُ الثلاثةِ وتاهوا تيهاً بعيداً ، إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى لا يقبلُ إلّا العملَ الصّالحَ ، ولا يتقبّلُ اللهُ إلّا بالوفاءِ بالشّروطِ والعهودِ ، ومَن وفّى اللهُ بشروطِه واستكملَ ما وصفَ في عهدِه نالَ ما عندَه واستكملَ وعدَه ، إنّ اللهَ عزّ وجلّ أخبرَ العبادَ بطريقِ الهُدى وشرّعَ لهم فيها المنارَ ، وأخبرَهم كيفَ يسلكونَ ، فقالَ:  (وإنّي لغفّارٌ لمَن تابَ وآمنَ وعملَ صالِحاً ثمَّ إهتدى)، وقالَ : (إنّما يتقبّلُ اللهُ منَ المُتّقينَ)، فمَن إتّقى اللهَ عزّ وجلّ فيما أمرَه لقيَ اللهَ عزّ وجلّ مؤمناً بما جاءَ بهِ مُحمّدٌ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه ). هيهات هيهات، فاتَ قومٌ وماتوا قبلَ أن يهتدوا وظنّوا أنّهم آمنوا ، وأشركوا مِن حيثُ لا يعلمونَ، إنّه مَن أتى البيوتَ مِن أبوابها إهتدى ومَن أخذَ في غيرِها سلكَ طريقَ الرّدى، وصلَ اللهُ طاعةَ وليِّ أمرِه بطاعةِ رسولِه ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) وطاعةَ رسولِه بطاعتِه، فمَن تركَ طاعةَ ولاةِ الأمرِ لم يُطِع اللهَ ولا رسولَه، وهوَ الإقرارُ بما نزلَ مِن عندِ الله.

وفي كتابِ (الأمالي الخميسيّة) للسيّدِ يحيى بنِ الحُسين الحسنيّ الشجريّ الجرجانيّ (ج1/ص195)، رقمُ الحديثِ (724)، إذ قالَ : أخبرَنا مُحمّدٌ بنُ عليّ بن محمّد المكفوفِ بقراءتي عليهِ ، قالَ : أخبرَنا أبو محمّدٍ عبدُ اللّه بنُ محمّد بن جعفر بن حيّان ، قالَ : حدّثنا محمّد بن يحيى ، قالَ : حدّثنا إسحاقُ بنُ الفيض ، قالَ : حدّثنا سلمةُ بن الفضل ، قالَ : حدّثنا شملال بن إسحاق عن جابرٍ الجعفيّ ، عَن أبي جعفرٍ عليه السّلام في قولِه عزّ وجلّ : وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهتَدى [ طه : 82 ] قالَ : إلى ولايتِنا أهلَ البيت . 

وفي الحديثِ رقم (725)، قالَ : أخبرَنا أبو محمّدٍ ، قالَ : أخبرَنا أبو عبدِ اللّه ، قالَ : حدّثنا موسى بن هارون ، قالَ : حدّثنا إسماعيلُ بن موسى ، قالَ : حدّثنا عمرُ بن شاكر البصريّ عن ثابت البنانيّ في قولِه تعالى : وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهتَدى ( 82 ) [ طه : 82 ] قالَ : إلى ولايةِ أهلِ بيتِه. 

وفي كتابِ (الكاملِ لابنِ عديّ الجرجانيّ)، (ج3/ص ١٩٠): ثنا أحمدُ بنُ عليٍّ بنِ الحُسين بنِ زيادٍ الكوفيّ حدّثني يحيى بنُ زكريّا اللؤلؤيّ ثنا محمّد بنُ سنان عن أبي الجارودِ عَن أبي جعفرٍ قالَ (وإنّي لغفّارٌ لمَن تابَ وآمنَ وعملَ صالحاً ثمّ إهتدى)، قالَ تابَ مِن ظُلمِه وآمنَ مِن كُفرِه وعملَ صالحاً بعدَ إساءةٍ ثمَّ إهتدى إلى ولايتِنا أهل البيت. 

وفي كتابِ (المناقبِ، لابنِ شهر آشوب، ج3/ص ٨٤) أوردَ عن ثَابِت البُنَانِيّ فِي قَولِهِ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهتَدى قَالَ إِلَى وَلَايَةِ عَلِيٍّ وَأَهلِ البَيتِ ع . 

وفي كتابِ (المُنتخبِ مِن تفسيرِ القرآنِ والنّكتِ المُستخرجةِ من كتابِ التبيانِ، لابنِ إدريس الحليّ، (ج2/ص ١٠٧)، عندَ قولِه « وإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهتَدى »، قالَ: أخبرَ اللَّهُ تعالى عن نفسِه أنّهُ غفّارٌ ، أي : ستّارٌ لمَن تابَ منَ المعاصي ، فأسقطَ وأسترَ معاصيَه إذا أضافَ إلى إيمانِه الأعمالَ الصّالحاتِ . « ثُمَّ اهتَدى » قالَ قتادةُ : معناه ثمّ لزمَ الإيمانَ إلى أن يموتَ ، كأنّه قالَ : ثمَّ إستمرّ على الإستقامةِ ، وإنّما قالَ ذلكَ لئلّا يتّكلَ الإنسانُ على أنّه قد كانَ أخلصَ الطّاعةَ . وفي تفسيرِ أهلِ البيتِ أنّ معناه : ثمَّ إهتدى إلى ولايةِ أوليائِه الذينَ أوجبَ اللَّهُ طاعتَهم والإنقيادَ لأمرِهم . وقالَ ثابتُ البنانيّ : ثمَّ إهتدى إلى ولايةِ أهلِ بيتِ النبيّ عليهِ السّلام . ودمتُم سالِمين.