إنّ الله عزّ وجلّ جعلَ للرجال المؤمنينَ زوجاتٍ من الحور العين في الجنةِ فما هو نصيبُ النساءِ المؤمنات؟ 

إنّ الله عز وجل جعل للرجل ذو الأعمالِ الصالحه كما هو الحال مع الشهيد درجاتٍ عُليا وأولها يُزوجهُ الله حور العين . اذا كان للرجل الصالح حورعين فماذا يعط الله للمرأه؟؟؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

قد أجيبَ عن هذا السؤالِ بوجوهٍ متعددة، من بينها أنّ القرآن لم يتطرق لهذا الأمرَ حفاظاً على حياء المجتمع الذي لا يحبّ الخوض في هذه القضايا، ولذا لجأ إلى الحديث عن ذلكَ بطريقةٍ غير مباشرة، من قبيل ما جاء في قوله تعالى: (وَلَكُم فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُم وَلَكُم فِيهَ ما تدعون) حيث تشملُ الآية النساء وكلّ ما تشتهي أنفسهنّ بما فيه الزوج، وبناءً على هذا التوجيه للمرأة نصيبٌ خاصٌّ في الجنةِ إلا أنّ القرآن لم يتطرق للتفصيل فيه حفاظاً على الحياء العام، ويشهد لهذا الأمر بعضُ الشواهد، منها ما روي أنّ امرأةً جاءت النبيّ (صلى الله عليه وآله) تريد أن تسأله عن احتلام المرأة وعمّا إذا كان يجبُ عليها الغسل، فمهدت لسؤالها بقولها: (إنّ الله لا يستحيي من الحق)، ممّا يعني أنّ هذه القضايا كان فيها حياءٌ مجتمعي، وقد علّقت أمّ سلمة على كلامها قائلة: (فضحتِ النساء!) (صحيح مسلم ج 1 ص 172). ممّا يوحي أنّ المجتمع كان ينفرُ من الحديث عن قضايا المرأة حتى على نحو السؤال عن الحكم الشرعي. 

وقد أجيبَ أيضاً بأنّ هناك حوراً عيناً من الرجال كما أنّ هناك حوراً عيناً من النساء، وهذا ممّا لا دليل عليه، فالآيات القرآنية التي تحدثت عن الحور العين تحدثت عنهم بلسان المؤنث، مضافاً للحديث عن مواصفاتهم الجسدية من أنهنّ أبكار، وأنهنّ كواعب، أو غيرها من الصفات الجمالية في المرأة، قال تعالى: (وحورٌ عين ..... إنّا أنشأناهنّ إنشاءً فجعلناهنّ أبكاراً عرباً أتراباً) وقال تعالى: (وكواعبَ أتراباً) وقال: (وعندهم قاصرات الطرف عين كأنهنّ بيضٌ مكنون) وقال: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَم يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُم وَلَا جَانٌّ)، وعليه لا دليلَ على هذا الرائي، بل هو مخالف لظاهر القرآن.

ومن الأجوبة المشهورة في هذا المقام هو أنّ المرأة في الجنة تكون زوجة لزوجها في الدنيا إن كان مؤمناً، وقد استدلوا على ذلك بقوله تعالى: (هُم وَأَزْوَاجُهُم فِي ظِلَالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ)، إلا أنّ ذلك لا يعدّ جواباً شافياً، لأنّ ذلك لا يشملُ النساء اللاتي لم يتزوجن في الدنيا أو اللاتي لم يكن أزواجهنّ مؤمنين، أو كان لهنّ أكثر من زوج في الدنيا فأيّهم يكون زوجها في الجنة؟ وربّما يتساءلُ البعض: لم تُلزم المرأة بزوجها يوم القيامة أليس من حقها أن يكونَ لها الخيار؟ ومن الأخبار التي تطرّقت لهذا السؤال ما رواه العياشي بالإسناد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلتُ فداك أخبرني عن الرجل المؤمن، تكونُ له امرأة مؤمنة، يدخلان الجنة، يتزوّجُ أحدهما الآخر؟ فقال: يا أبا محمد! إنّ الله حكمٌ عدل، إذا كان هو أفضل منها خيّره، فإن اختارها كانت من أزواجه، وإن كانت هي خيراً منه خيّرها، فإن اختارتهُ كان زوجا لها) (مجمع البيان ج 9 ص 351). مع أنّ الخبر يؤكّد إجتماع الزوجين المؤمنين في الجنّة إلا أنه يجعل باب الخيار أمامَ المرأة أو الرجل مفتوحاً. والأمرُ عينه يجري إذا كان للمرأة أكثر من زوج في الدنيا، فأنها تخيّر بينهما في الآخرة، كما نصّت عليه بعضُ الأخبار، فقد روى الصّدوق بإسناده عن موسى بن إبراهيم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السلام)، قال: قالت أمّ سلمة (رضي الله عنها) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): بأبي أنت وأمي، المرأة يكون لها زوجان فيموتون ويدخلون الجنة، لأيهما تكون؟ فقال (صلى الله عليه وآله): يا أمّ سلمة، تخيّر أحسنهما خلقاً وخيرهما لأهله) (الأمالي ص 588، والخصال ص 42). وبذلك يتضحُ أنّ إمكانية إختيار الزوجة لزوجها أو عدم إختياره موجودة وعليه يبقى السؤالُ فمن يكون زوجها إذا لم تختر زوجها الذي كان معها في الدنيا؟ ومن يكون زوج من لم تكن متزوجة في الدنيا؟

وفي المحصّلة من الصّعب جداً الجزمُ بشيء له علاقة بعالم الآخرة لم يأتِنا تفصيله في الوحي، وما يمكننا الجزمُ به هو أنّ الجنة دارُ رحمة الله لعباده الصالحين من المؤمنين والمؤمنات، فلا تضيعُ فيها الحقوق ولا يُظلمُ فيها أحد، وإنّ المرأة المؤمنة سوف يعطيها ربّها منَ النعم حتى ترضى، (وَلَكُم فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُم وَلَكُم فِيهَ ما تدّعون) أمّا تفاصيل زوجها وكيف تتحقق لها متعتها الجنسية فعلمها عند الله تعالى.