هل وردت روايات تثبت ان الطبيب وصف الماش واللبن كعلاج لجرح الامام علي عليه السلام ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أريد الاجابة عن هاتين النقطتين فقد توقّفت عندهما وسألت ولم أجد لهما جواباً : هل وردت روايات تثبت ان الطبيب وصف الماش واللبن كعلاج لجرح الامام علي عليه السلام ؟ وهل وردت روايات تثبت ان الاطفال اليتامى تجمعوا حول دار الامام عليه السلام وهم يحملون اللبن؟ مع ذكر مصادر الروايات لانه اريد ان اكتب في موضوع مايسمى بالمشتهاية وهذا خطأ اكيد فتبقى التفاصيل الاخرى جزاكم الله خيرا

: سيد حسن العلوي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أوّلاً : حسبَ تتبّعنا لم نعثُر على نصٍّ يدلُّ على وصفِ الطّبيبِ الماشَ واللّبنَ (الحليبَ) لأميرِ المؤمنينَ (ع) بعد ضربتِه ، فإنّ المرويَّ أنّ أفضلَ أطبّاءِ الكوفةِ بعدَ أن فحصَ الإمامَ (ع) أخبرَه بأنّ الضّربةَ قد وصلَت إلى الدّماغِ ، وطلبَ منهُ الوصيّةَ ، روى أبو الفرجِ بسندِه عَن عُمرَ بنِ تميمٍ وعمرو بنِ أبي بكّارٍ أنَّ عليّاً لمّا ضُربَ جُمعَ لهُ أطبّاءُ الكوفةِ فلم يكُن منهُم أحدٌ أعلمُ بجرحِه مِن أثيرٍ بنِ عمرو بنِ هاني السّكونيّ ، وكانَ مُتطبّباً صاحبَ كرسيٍّ يعالجُ الجراحاتِ ، وكانَ منَ الأربعينَ غلاماً الذينَ كانَ خالدٌ بنُ الوليدِ أصابَهم في عينِ التّمرِ فسباهُم ، وإنَّ أثيراً لمّا نظرَ إلى جرحِ أميرِ المؤمنينَ - عليهِ السّلام - دعا برئةِ شاةٍ حارّةٍ وإستخرجَ عِرقاً منها ، فأدخله في الجرحِ ثمَّ إستخرجَه فإذا عليهِ بياضُ الدّماغِ فقالَ لهُ . يا أميرَ المؤمنينَ أعهَد عهدَك فإنَّ عدوَّ اللهِ قَد وصلَت ضربتُه إلى أمِّ رأسِك فدعا عليٌّ عندَ ذلكَ بصحيفةٍ ودواةٍ وكتبَ وصيّتَه : ... (مقاتلُ الطّالبيّينَ ص23) . ولكنَّ هذا النّصَّ لا يمنعُ مِن وجودِ أطبّاءَ قَد فحصوا الإمامَ (ع) قبلَ هذا الطبيبِ ، بل ربّما يدلُّ على ذلكَ ما وردَ فيه : فلم يكُن أحدٌ أعلمُ بجرحِه مِن أثيرٍ بنِ عمرو الذي يُستظهرُ منهُ وجودُ أطبّاءَ قد فحصُوا أميرَ المؤمنينَ (ع) قبلَ هذا الطّبيبِ ، ولعلّهم أوصوهُ بشربِ اللّبنِ ، أو كانَ اللّبنُ مشهوراً لعلاجِ السّمِّ ، أو لاِستطبابِ الجروحِ ، ولِذا وردَ في نصٍّ أنّهم لمّا أرجعوا أميرَ المؤمنينَ (ع) إلى بيتِه سقوهُ لبناً ، فقد رويَ عَن لوط بنِ يحيى عَن أشياخِه : ثمَّ أغميَ عليهِ ساعةً طويلةً وأفاقَ ، وكذلكَ كانَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه يُغمى عليهِ ساعةً طويلةً ويفيقُ أخرى ، لأنّه صلّى اللهُ عليهِ وآله كانَ مسموماً ، فلمّا أفاقَ ناولَه الحسنُ عليهِ السّلام قعباً مِن لبنٍ ، فشربَ منهُ قليلاً ثمَّ نحّاهُ عَن فيهِ وقالَ : إحملوهُ إلى أسيرِكم ، ثمَّ قالَ للحسنِ عليهِ السّلام : بحقّي عليكَ يا بُني إلّا ما طيّبتُم مطعمَه ومشربَه ، وارفقوا بهِ إلى حينِ موتي ، وتطعمُه ممّا تأكلُ وتسقيهِ ممّا تشربُ حتّى تكونَ أكرمَ منهُ ، فعندَ ذلكَ حملوا إليهِ اللّبنَ وأخبروهُ بما قالَ أميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلام في حقِّه ، فأخذَ اللّعينُ وشربَه . (بحارُ الأنوارِ : 42 / 289) . 

 

ويروي محمد بن الحنفية أنه في صباح اليوم العشرين من شهر رمضان طلب منهم أمير المؤمنين (ع) وقال : هل من شربة من لبن ؟ فأتوه بلبن في قعب ، فأخذه وشربه كله ، فذكر الملعون ابن ملجم وأنه لم يخلف له شيئا ، فقال عليه السلام : " وكان أمر الله قدرا مقدورا " اعلموا أني شربت الجميع ولم أبق لأسيركم شيئا من هذا ، ألا وإنه آخر رزقي من الدنيا ، فبالله عليك يا بني إلا ما أسقيته مثل ما شربت ، فحمل إليه ذلك فشربه . (بحار الأنوار : 42 / 290) . 

 

إذن : لم يرِد أنّ الأطبّاءَ وصفوا لهُ اللّبنَ ، ولكِن لا يبعدُ ذلك . ثانياً : حسبَ تتبّعنا لم نظفَر بمصدرٍ يذكرُ تجمّعَ الأيتامِ حولَ بابِ بيتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) وبأيديهم اللّبنُ ، ولكِن لا يمنعُ وقوع ذلكَ ، فلعلَّ الإستطبابَ باللبنِ كانَ مشهوراً في ذلكَ الوقتِ ، ولذا هيّئوا لهُ اللّبنَ ، كيفَ لا وهوَ أبو الأيتامِ والأراملِ وكفيلهم . ولعلَّ الخطباءَ (أعزَّهم اللهُ) يذكرونَ ذلكَ سماعاً مِن مشايخِهم جيلاً عَن جيلٍ، أو يذكرونَه مِن بابِ شاهدِ الحال . والحمدُ للهِ ربِّ العالمين .