ما صحّةُ كتابِ (توحيدِ المُفضّل) الذي أملاهُ الإمام الصّادق (ع) على المُفضّلِ بنِ عُمر خلال أربعِ جلساتٍ؟  

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكم ورحمة الله،  

 لقد اشتهرَ بأنّ الكتابَ (توحيدُ المفضّلِ أو فكّر) مِن إملاءاتِ الإمامِ الصّادق عليهِ السّلام على المُحدّثِ المُفضّلِ بنِ عُمر الجعفي الكوفي الذي هوَ مِن أصحابِ الإمامِ الصّادق عليه السّلام، وقد أملاهُ الإمامُ الصّادق عليهِ السّلام في أربعةِ مجالسَ في أربعةِ أيّامٍ منَ الصّباحِ إلى الظهر. إذ يستدلُّ الإمامُ في هذا الكتابِ بعجائبِ الخلقةِ لإثباتِ وجودِ إلهٍ حكيمٍ وعليم. ولكن وقعَ الخلافُ بينَ أهلِ العلمِ في الاعتدادِ بهذا الكتابِ وفي مؤلّفه، وبيانُ ذلكَ فيما يلي:  

إذ يعتقدُ أغلبُ علماءِ الشيعةِ أنّ المُفضّلَ بنَ عُمر الجُعفي مِن أصحابِ الإمامِ الصّادقِ والإمامِ الكاظم. عليهما السّلام الكبار، [ينظر: الإرشادُ  للشيخِ المُفيد، ج2، ص216، ومناقبُ آلِ أبي طالب لابنِ شهرِ آشوب، ج4، ص219]، ويحتجّ بعضُ العلماءِ للردِّ على آراءِ المُشكّكينَ في ذلك، [تنقيحُ المقالِ في علمِ الرّجال (ج3/الطبعة الحجريّة]. وقد نسبَ النجاشيُّ هذا الكتابَ إلى المُفضّلِ بعنوان فكّر، وعدّهُ منَ الكُتبِ التي لا يُعوّلُ عليها، وقد عدَّ المُفضّلَ نفسَه منَ الغُلاةِ الخطّابيّين. [ينظر: فهرست النجاشي، ترجمة رقم 1112].  

1. ورد عنوانُ توحيدِ المُفضّلِ في الفهارسِ التي ذكرَها السيّدُ ابنُ طاووس، [ينظر: كولبرك، اتان، كتابخانه ابن طاووس واحوال وآثار او، قم ، ترجمة: عليّ قرائي ورسول جعفريان، 1371 ش]، ويبدو منَ التفاصيلِ التي يذكرُها أنّ الكتابَ هوَ نفسُ الكتابِ الذي بينَ أيدينا،[ينظر: ابنُ طاووس، الأمانُ مِن أخطارِ الأسفار، ج1، ص91]، ويؤكّدُ ابنُ طاووس على عدمِ تصحيفِ هذا الكتابِ وتحريفِه، ولم يدّعِ أحدٌ أنَّ توحيدَ المُفضّلِ المعروفُ في المكاتبِ غيرَ ما رواهُ المُفضّلُ بنُ عمر الجعفي عن الإمامِ الصّادق عليه السّلام ، بل نصّ على ذلكَ العلماء، ونظراً لأهمّيّةِ هذا الكتابِ لدى علماءِ الشيعةِ أكّدَ السيّدُ ابنُ طاووس على اصطحابِه في السّفر، والمداومةِ على مُطالعتِه والتأمّلِ في مضامينِه. [ابنُ طاووس، الأمانُ مِن أخطارِ الأسفار، ج1، ص91].  

2. ويشيرُ الشيخُ آغا بزرك في كتابِه الذريعةِ [الذريعةُ، ج4، ص482ـ483] إلى أنَّ قسماً مِن كتابِ توحيدِ المُفضّل الذي يتطرّقُ إلى أحوالِ الملأ الأعلى لم يكُن معروفاً في عهدِ السيّدِ ابن طاووس، [ابنُ طاووس، الأمانُ مِن أخطارِ الأسفار، ج1، ص91]، فقامَ السيّدُ ميرزا ابو القاسمِ الذهبي المُعاصرُ لآغا بزرك بإقحامِه بالكاملِ في كتابِه المدعوّ (تباشيرُ الحكمة). هذا ما لدينا عَن حقيقةِ هذا الكتاب. ودُمتم سالِمين.