حَولَ كِتَابِ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ.
السَّيدُ أحمدُ المُوسَويُّ: سَلامٌ علَيكُم/ وفَّقَكُم اللهُ لمَراضِيهِ؛؛ ما هو مَوقِفُ مَذهَبِ أهلِ البَيتِ (علَيْهم السَّلامُ) وعُلمَائِنَا الأبرَارِ مِن كِتَابِ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ الهِلَالِي بصُورَةٍ عَامَّةٍ، وما هو مَوقِفُ السَّيدِ الخُوئِيِّ (قُدسَ سِرُّه) ورَأيُه في هذا الكِتَابِ بصُورَةٍ خَاصَّةٍ؟
الأخُ السَّيد أحمدُ المُحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكُم ورَحمةُ اللهِ وبَركَاتُه.
اخْتلَفَ عُلمَاؤُنا في كِتَابِ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ، فمِنْهم مَن طَعنَ في الكِتَابِ مِن جِهَةِ رَاوِيهِ (أبانِ ابنِ أبِي عيَّاشٍ)، ومِنْهم مَن طَعنَ فيْه مِن جِهَةِ عَدمِ الوَثاقَةِ بأنَّ المُتدَاوَلَ الآنَ هو كِتَابُ سُلَيمٍ نَفسِه. وهذِهِ جُملَةٌ مِن أقوَالِهِم:
قَالَ الشَّيخُ المُفِيدُ (رَحِمَه اللهُ) في كِتَابِه (تَصْحِيح اعْتقَادَاتِ الإمَاميَّةِ) ، ص149: "وأمَّا ما تَعلَّقَ به أبو جَعْفرٍ (يُرِيدُ الشَّيخَ الصَّدُوقَ (رَحِمَه اللهُ)) مِن حَدِيثِ سُلَيمٍ الَّذي رَجعَ فيْه إلى الكِتَابِ المُضَافِ إليْه برِوَايةِ أبانِ بنِ أبِي عيَّاشٍ، فَالمَعنَى فيْه صَحِيحٌ، غَيرَ أنَّ هذا الكِتَابَ غَيرُ مَوثُوقٍ به، وقد حَصَلَ فيْه تَخلِيطٌ وتَدلِيسٌ، فيَنبَغِي للمُتدَيِّنِ أنْ يَجتَنِبَ العَملَ بكُلِّ ما فيْه ولا يُعوِّلَ على جُملَتِه والتَّقلِيدِ لرِوَايَتِه، وليَفزَعَ إلى العُلمَاءِ فيمَا تَضمَّنَه مِن الأحَادِيثِ ليُوقِفُوهُ على الصَّحِيحِ مِنْها والفَاسِدِ، واللهُ المُوفِّقُ للصَّوَابِ". انتَهى.
وجَاءَ عن العَلَّامةِ الحِلَّيِّ في أبانِ بنِ أبِي عيَّاشٍ رَاوِي كِتَابَ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ:
"والأقْوَى عِندِي التَّوقُّفُ فيمَا يَروِيهِ؛ لشَهَادةِ ابنِ الغَضَائِريِّ عليْه بالضَّعْفِ، وكذا قَالَ شَيخُنَا الطُّوسِيُّ في كِتَابِ "الرِّجَالِ" قَالَ: إنَّه ضَعِيفٌ". (خُلاصَةُ الأقْوَالِ، ص: 325-326).
وقَالَ -أيضاً-: "وكَانَ أصْحَابُنا يَقُولُونَ: إنَّ سُلَيْماً لا يُعرَفُ ولا ذُكِرَ في خَبَرٍ، وقد وَجدْتُ ذِكْرَه في مَواضِعَ مِن غَيْرِ جِهَةِ كِتَابِه، ولا مِن رِوَايهِ أبانِ بنِ أبِي عيَّاشٍ عنْه، وقد ذَكَرَ لَه ابنُ عقدةٍ في رِجَالِ أمِيرِ المُؤمِنِينَ (ع) أحَادِيثَ عنْه، والكِتَابُ مَوضُوعٌ لا مِرْيَةَ فيْه، وعلى ذلِك عَلامَاتٌ تَدلُّ على ما ذَكَرْنا:
مِنْها: ما ذُكِرَ أنَّ مُحمَّدَ بنَ أبِي بَكْرٍ وَعَظَ أبَاهُ عِندَ المَوْتِ.
ومِنْها: أنَّ الأئمَّةَ ثَلَاثةَ عَشَرَ، وغَيرُ ذلِك.
وأسَانِيدُ هذا الكِتَابِ تَختَلِفُ تَارَةً برِوَايةِ عُمرَ بنِ أُذَيْنةَ، عن إبرَاهِيمَ بنِ عُمرَ الصَّنعَانِي، عن أبانِ بنِ أبِي عيَّاشٍ، عن سُلَيمٍ، وتَارَةً يَروِي عن عُمرَ عن أبانٍ بلَا وَاسِطَةٍ.
والوَجْهُ عِندِي الحُكْمُ بتَعدِيلِ المُشَارِ إليْه، والتَّوقُّفُ في الفَاسِدِ مِن كِتَابِه". (خُلاصَةُ الأقوَالِ، ص: 161).
كمَا نُقِلَ عن الشَّهِيدِ الثَّانِي أنَّه علَّقَ على الكِتَابِ، بقَولِه: "لا وَجْهَ للتَّوقُّفِ في الفَاسِدِ، بل في الكِتَابِ، لضَعْفِ سَنَدِه على ما رَأيْتُ، وعلى التَّنزُّلِ، كمَا يَنبَغِي أنْ يُقَالَ بِرَدِّ الفَاسِدِ منْه والتَّوقُّفِ في غَيْرِه". (رَوضَاتُ الجَنَّاتِ، ج: 4، ص: 68).
وجَاءَ عن الشَّيخِ التَّبرِيزِيِّ (قُدسَ سِرُّه) في جَوَابِه عن سُؤَالٍ: ما رَأيُكُم في كِتَابِ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ؟
بِسْمِه تَعَالى: كِتَابُ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ كِتَابٌ مُعتَبرٌ. ولكنْ لم يَثبُتْ أنَّ الكِتَابَ المُتدَاوَلَ بَينَ أيدِينَا هو نَفسُ ذلِك الكِتَابِ، واللهُ العَالِمُ. (الأنوَارُ الإلَهيَّةُ في المَسَائلِ العَقَائِديَّةِ، ص: 254).
وأمَّا السَّيدُ الخُوئِـيُّ (قُدسَ سِرُّه) فقَد ذَكَرَ في كِتَابِه "مُعجَمِ رِجَالِ الحَدِيثِ" ج9 ص 262-229 عِندَ تَرجُمَتِه لسُلَيمِ بنِ قَيسٍ الهِلَالِي بأنَّ هُناكَ بَعْضَ الطُّرُقِ إلى كِتَابِ سُلَيمٍ وهي كُلُّها ضَعِيفَةٌ.
ودُمتُم سَالِمينَ.
اترك تعليق