طَبِيعَةُ أَمْرِ الصِّبْيَانِ بِالصَّلَاةِ.

سُؤَالٌ: تُعْتَبَرُ الصَّلَاةُ عِنْدَ المُسْلِمِينَ عِمَادُ الدِّينِ وَأَهَمُّ رُكْنٍ، وَحَسَبَ الحَدِيثِ: (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ). يُعْتَبَرُ الأَمْرُ بِالضَّرْبِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ عَمَلاً إجْحَافِيّاً لِعِدَّةِ أَسْبَابٍ أَهَمُّهَا: - الطِّفْلُ ذُو السَّبْعَةِ أَوْ العَشْرَةِ أَعْوَامٍ لَا يُعْتَبَرُ كَامِلَ الإِدْرَاكِ لِمَا يَقُومُ بِهِ أَوْ يَفْعَلُهُ، وَبِالتَّالِي فَإِنَّ الصَّلَاةَ سَتَتَحَوَّلُ إِلَى عَادَةٍ مُتَأَصِّلَةٍ فِي الإِنْسَانِ دُونَ أَنْ يُدْرِكَ كَيْفَ اخْتَارَ المَسِيرَ فِي هَذَا الطَّرِيقِ. - حَسَبَ القَوْلِ (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)) وَ)مَنْ شَاءَ فَلْيُؤمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) فَإِنَّ الطِّفْلَ لَا يَحِقُّ لِأَيِّ أَحَدٍ إِجْبَارُهُ عَلَى القِيَامِ بِطُقُوسٍ دِينِيَّةٍ مَا دَامَ أَنَّهُ لَيْسَ بَالِغَاً رَاشِدَاً، وَبِذَلِكَ لَا يَجُوزُ إجْبَارُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ مِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ. - أَلَيْسَ مِنْ المُفْتَرَضِ أَنَّ الصَّلَاةَ (كَعِبَادَةٍ رُوحِيَّةٍ مُهِمَّةٍ وَأهَمِّ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ) أَنْ يَتُمَّ تَأْدِيَتُهَا بِشِكْلٍ طَوْعِيٍّ وَبِإِرَادَةٍ حُرَّةٍ دُونَ تَدَخُّلِ الأَهْلِ وَدُونَ اسْتِخْدَامِ الضَّرْبِ؟

: اللجنة العلمية

     الجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:

       الأَوَّلُ: لَا مُلَازَمَةً بَيْنَ الأَمْرِ بِالصَّلَاةِ وَالضَّرْبِ، فَحَصْرُ الأَمْرِ بِالضَّرْبِ أَوَّلُ الكَلَامِ وَلَا مُعَيِّنَ لَهُ.

     الثَّانِي: افْتَرَضَ السَّائِلُ أَنَّ الأَمْرَ بِالصَّلَاةِ يَسْتَلْزِمُ الضَّرْبَ، وَهَذِهِ النُّقْطَةُ ارْتَكَزَ وَفَرَّعَ السَّائِلُ عَلَيْهَا مَا بَعْدَ السُّؤَالِ، وَالحَالُ أَنَّ ضَرْبَ الطِّفْلِ فِي الشَّرِيعَةِ مُحَرَّمٌ وَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِنَحْوٍ يَسِيرٍ وَلِأَجْلِ التَّأْدِيبِ.

     الثَّالِثُ: الأَمْرُ مُتَوَجِّهٌ لِلآبَاءِ، وَتَبْقَى طَرِيقَةُ إِيصَالِ هَذَا التَّوْجِيهِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الأَبُ مُنَاسِباً، وَهَذَا قَدْ بُيِّنَ مُفَصَّلاً فِي عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ.

     الرَّابِعُ: أنَّ الأَمْرَ لِلآبَاءِ بِتَدْرِيبِ الصِّبْيَانِ عَلَى الصَّلَاةِ لِأَجْلِ حُصُولِ الإسْتِأنَاسِ النَّفْسِيِّ بِهَا حِينَ البُلُوغِ وَيَكُونُ مُسْتَعِدّاً بِتَقَبُّلِ الأَوَامِرِ وَالتَّوْجِيهَاتِ الَّتِي سَتُوَاجِهُهُ عِنْدَ البُلُوغِ.

      فَإِنَّ الإنْسَانَ بِطَبْعِهِ يَتَمَرَّدُ عَلَى مَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ مِنْ قُيُودٍ حَتَّى لَوْ كَانَ ذَلِكَ القَيْدُ رَاجِعَاً لِمَصْلَحَةِ الشَّخْصِ نَفْسِهِ.

     وَالوِجْدَانُ شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ.