دَعْوَى انْعِدَامِ عَدَالَةِ خَالِقِ الْكَوْنِ.
مَاهِر/: إنَّ انْعِدَامَ العَدَالَةِ فِي العَالَمِ وسِيَادَ الفَوْضَى وَالفَقْرِ وَالدَّمَارِ وَالأَوْبِئَةِ وَالفَيَضَانَاتِ وَالزَّلَازِلِ وَمَوْتِ المَلَايِينِ مِنْ الأَطْفَالِ بِسَبَبِ الجُوعِ وَالفَقْرِ فِي أفْرِيقْيَا وَالآلَافِ مِنْ أَطْفَالِ السَّرَطَانِ وَالمُشَوَّهِينَ، وَعَبَثِيَّةُ الْكَوْنِ تَدُلُّ عَلَى: إمَّا أَنَّ الإلَهَ عَبَثِيٌّ، أَوْ لَا يُوجَدُ إلَهٌ؟
يُمْكِنُ الإِجَابَةُ عَمَّا ذُكِرَ بِمَا يَلِي:
1 - إِنَّ العَدَالَةَ هِيَ: عِبَارَةٌ عَنْ وَضْعِ الشَّيْءِ فِي مَحَلِّهِ المُنَاسِبِ لَهُ.
2 - بِنَاءً عَلَى الضَّابِطَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الأَخُ يَكُونُ الإِلَهُ مَوْجُودًا وَحَكِيمًا لَوْ نَظَرْنَا إِلَى البُلْدَانِ المُتَطَوِّرَةِ وَالَّتِي يَنْعُمُ سُكَّانُهَا بِالأَمْنِ وَالخَيْرَاتِ.
3 - مَا ذُكِرَ أَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ سِيَاسَاتِ حُكُومَاتِ تِلْكَ البُلْدَانِ، وَمَا طَرَأَ عَلَيْهَا مِنْ اسْتِعْمَارٍ.
انْظُرْ مَثَلًا مَا ذَكَرَهُ البَنْكُ الأفْرِيقِيُّ لِلتَّنْمِيَةِ - بِحَسَبِ مَوْقِعِهِ الرَّسْمِيِّ - الدُّوَلُ العَشْرُ الأَغْنَى مِنْ بَيْنِ دُوَلِ الإتِّحَادِ الأَفْرِيقِيِّ، فَجَاءَ هَذَا التَّصْنِيفُ:
حَلَّتْ دَوْلَةُ نَيجِيرِيَا فِي صَدَارَةِ الدُّوَلِ الأَغْنَى فِي قَارَّةِ أفْرِيقْيَا، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ النَّاتِجُ المَحَلِّيُّ الإِجْمَالِيُّ، وَمِنْ المُتَوَقَّعِ أَنْ يَصِلَ النَّاتِجُ المَحَلِّيُّ الإِجْمَالِيُّ الحَالِيُّ لِنَيجِيرِيَا، إِلَى 581 مِلْيَار دُولَارٍ هَذَا العَامُ مُقَابِلَ 519 مِلْيَار دُولَارٍ فِي عَامٍ 2016، وَذَلِكَ بِفَضْلِ ارْتِفَاعِ أَسْعَارِ النِّفْطِ فِي الفَتْرَةِ الأَخِيرَةِ.
وَجَاءَتْ دَوْلَةُ جَنُوبِ أفْرِيقْيَا فِي المَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ، حَيْثُ يُقَدَّرُ أَنْ تَتَجَاوَزَ الثَّرْوَةُ الَّتِي خَلَقَهَا سُكَّانُ جَنُوبِ أفْرِيقْيَا خِلَالَ العَامِ الحَالِيِّ 276 مِلْيَار دُولَارٍ.
أَمَّا مِصْرُ فَقَدْ جَاءَتْ فِي المَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ، كَأَوَّلِ دَوْلَةٍ مِنْ شَمَالِ أفْرِيقْيَا تَحْتَلُّ هَذَا التَّرْتِيبَ، وَذَلِكَ بِفَضْلِ حَجْمِ النَّشَاطِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَصِلَ إِلَى حَوَالَيْ 264 مِلْيَار دُولَارٍ، تَلِيهَا الجَزَائِرُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَصِلَ إِلَى 170 مِلْيَار دُولَارٍ، ثُمَّ السُّودَانُ الَّتِي تَسْعَى لِلوُصُولِ فِي نِهَايَةِ هَذَا العَامِ إِلَى 124 مِلْيَار دُولَارٍ، وَبِذَلِكَ تَتَّفِقُ عَلَى المَغْرِبِ 121 مِلْيَار دُولَارٍ الَّتِي تَحْتَلُّ المَرْتَبَةَ السَّادِسَةَ عَلَى الرُّغْمِ مِنْ دِينَامِيَّةِ اقْتِصَادِهِا.
وَبِفَضْلِ 104 مِلْيَارَاتِ دُولَارٍ حَافَظَتْ أَنْغُولَا سَابِعَ أَغْنَى بَلَدٍ فِي أفْرِيقْيَا عَلَى مَوْقِعِهَا، وَمِثْلُهَا أَثْيُوبِيَا الَّتِي تَحْتَفِظُ بِمَرْكَزِهَا الثَّامِنِ بِ 93 مِلْيَار دُولَارٍ (مُقَابِلَ 84 مِلْيَارٍ فِي عَامٍ 2016 ) وَأَخِيرًا، حَلَّتْ كِينِيَا فِي المَرْتَبَةِ التَّاسِعَةِ بِ 77 مِلْيَار دُولَارٍ، لتَتذَيَّلَ دَوْلَةُ تَنْزَانِيَا تَرْتِيبَ أَغْنَى 10 دُوَلٍ فِي القَارَّةِ بِ 52 مِلْيَار دُوَلَارٍ.
مَعْنَى هَذَا أَنَّ أفْرِيقْيَا لَيْسَ جَمِيعُهَا فُقَرَاءَ وَمَرَضًى وَمُعْدَمِينَ.
وَانْظُرْ أيضًا http://hdr.undp.org/ الأُمَمُ المُتَّحِدَةُ نُسْخَةٌ مَحْفُوظَةٌ 16 مَارِس 2018 عَلَى مَوْقِعِ وَأَي بَاك مشين
نَصُّ التَّقْرِيرِ مِنْ المَوْقِعِ: (عَلَى الرُّغْمِ مِنْ وَفْرَةِ المَوَارِدِ الطَّبِيعِيَّةِ، إِلَّا أَنَّ أفْرِيقْيَا لَا تَزَالُ هِيَ الأَكْثَرُ فَقْرًا وَتَخَلُّفًا بَيْنَ قَارَّاتِ العَالَمِ. وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى مَجْمُوعَةٍ مِنْ الأَسْبَابِ الَّتِي قَدْ تَشْمُلُ انْتِشَارَ الأَمْرَاضِ القَاتِلَةِ وَالفِيرُوسَاتِ (وَلَا سِيَّمَا فيرُوسُ العَوَزِ المَنَاعِيِّ البَشَرِيِّ / الإِيدِزْ وَالملَاريَا) فَضْلًا عَنْ الحُكُومَاتِ الفَاسِدَةِ والَّتي غَالِبًا مَا تَرْتَكِبُ انْتِهَاكَاتٍ خَطِيرَةً ضِدَّ حُقُوقِ الإِنْسَانِ، وَكَذَلِكَ فَشَلٌ فِي التَّخْطِيطِ المَرْكَزِيِّ، وَارْتِفَاعُ مُسْتَوَيَاتِ الأُمِّيَّةِ، وَعَدَمُ الحُصُولِ عَلَى رُؤُوسِ الأَمْوَالِ الأَجْنَبِيَّةِ، وَالصِّرَاعَاتُ القَبَلِيَّةُ وَالعَسْكَرِيَّةُ المُتَكَرِّرَةُ (بِدَايَةً مِنْ حَرْبِ العِصَابَاتِ إِلَى الإِبَادَةِ الجَمَاعِيَّةِ).
وَوِفْقًا لِتَقْرِيرٍ التَّنْمِيَةِ البَشَرِيَّةِ لِعَامٍ 2003 الصَّادِرِ عَنْ مُنَظَّمَةِ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ، فَإِنَّ الدُّوَلَ الخَمْسَ وَعِشْرِينَ الأَقَلُّ مِنْ حَيْثُ التَّرْتِيبُ (مِنْ الدَّوْلَةِ الوَاحِدَةِ وَالخَمْسِينَ بَعْدَ المِائَةِ إِلَى الدَّوْلَةِ الخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ).
فَإِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بِالإتِّفَاقِ أَنَّهُمْ عُقَلَاءُ لَمْ يَقُولُوا: إنَّ سَبَبَ الفَقْرِ وَالمَرَضِ هُوَ دام الإِلَهِ، بَلْ شَخَّصُوا الأَسْبَابَ.
إِلَّا نَحْنُ مَنْ نَدَّعِي وَنَدَّعِي وَنَدَّعِي ونُوكِلُ الأَسْبَابَ إِلَى الخَالِقِ، لِأَنَّ هَذَا كَمَا يُقَالُ: سَهْلُ المَؤُونَةِ.
الخَالِقُ مَنَحَ الإِنْسَانَ العَقْلَ - الَّذِي يَتَبَجَّحُ بِهِ الإِنْسَانُ وَيَعْتَرِضُ بِهِ عَلَى خَالِقِهِ - وَالَّذِي مِنْ خِلَالِهِ يُنَظِّمُ حَيَاتَهُ وَيُدِيرُ شُؤُونَهُ، لَكِنَّ ظُلْمَ الإِنْسَانِ لِأَخِيهِ الإِنْسَانِ هُوَ مَنْ أَفْسَدَ الحَيَاةَ وَنَغَّصَ عَيْشَهَا، فَمَنْ الَّذِي حَرَمَ مِئَاتِ الآلَافِ مِنْ اليَابَانِيِّينَ - كُوزَاكِي وَهِيرُوشِيمَا - مِنْ نِعْمَةِ الحَيَاةِ؟ هَلْ هُوَ الخَالِقُ أمْ الإِنْسَانُ، هَلْ الخَالِقُ الظَّالِمُ أَمْ الإِنْسَانُ؟
يَقُولُ الفَيْلَسُوفُ الأَلْمَانِيُّ هيجل: "إنَّ العُبُودِيَّةَ هِيَ خَاصِّيَّةٌ أَفْرِيقِيَّةٌ بِامْتِيَازٍ، إِذْ أنَّ فِي كُلِّ المَمَالِكِ الأفْرِيقِيَّةِ المَعْرُوفَةِ تُشَكِّلُ العُبُودِيَّةُ مُؤَسَّسَةً مَحَلِّيَّةً وَهِيَ تَطْغَى بِشِكْلٍ طَبِيعِيٍّ. وَرُغْمَ أَنَّ الأُورُبِّيِّينَ يَبِيعُونَ الأَفَارِقَةَ كَعَبِيدٍ فِي العَالَمِ الجَدِيدِ "الأمرِيكَتَينِ".... .
وَأَخِيرًا: فَهَلْ مِنْ الإِنْصَافِ بَعْدَ هَذَا أَنْ نَصِفَ الخَالِقَ الحَكِيمَ تَعَالَى شَأْنُهُ بِالظُّلْمِ، وَنُحَمِّلُهُ مَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ.
اترك تعليق