فَلَاسِفَةُ الإِسْلَامِ.

هَلْ تَأَثَّرَ المُسْلِمُونَ وَبِالخُصُوصِ الشِّيعَةُ بِفَلَاسِفَةِ اليُونَانِ؟ وَمَا حَاجَتُهُمْ لِعُلُومِ الآخَرِينَ إِذَا كَانَتْ عُلُومُ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) كَافِيَةً وَ وَافِيَةً؟

: اللجنة العلمية

      إِنَّ مِمَّا لا شَكَّ فِيهِ أنَّ الأَفْكَارَ تَتَلَاقَحُ فِيمَا بَيْنَهَا، وَأَنَّ العُلُومَ بَعْضُهَا يُعِينُ بَعْضًا، فَمَثَلًا: المَنْطِقُ مِنْ العُلُومِ الَّتِي تَسْتَعِينُ بِهَا الدِّرَاسَةُ الفَلْسَفِيَّةُ، وَمِنْ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ العُلَمَاءِ تَطَوُّرُ الأَفْكَارِ وَالعُلُومِ بِمُرُورِ الزَّمَانِ، فَمَنْ لَاحَظَ النَّشْأَةَ التَّارِيخِيَّةَ لِنَظَرِيَّةِ الإحْتِمَالِ يَجِدُ اتِّفَاقَهُمْ صَرِيحًا، وَأنَّ بَعْضَهُمْ يُكَمِّلُ بَعْضًا.

       إِذَنْ: لَا يُوجَدُ مَحْذُورٌ أَوْ مُخَالَفَةٌ عَقْلِيَّةٌ أَوْ عُقَلَائِيَّةٌ أَوْ حَتَّى شَرْعِيَّةٍ، فِي اسْتِفَادَةِ عُلَمَاءِ الإِسْلَامِ مِنْ عُلُومِ الأُمَمِ الأُخْرَى.

      كَمَا أَنَّ عُلَمَاءَ اليُونَانِ كَانُوا مِنْ المُوَحِّدِينَ، وَبَرَاهِينُهُمْ عَلَى وُجُودِ الخَالِقِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شَأْنُهُ مَسْطُورَةٌ فِي كِتَابَاتِهِمْ.

      أضِفْ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ المَبَانِيَ العَقْلِيَّةَ وَالحُكْمِيَّةَ لَا تَتَنَافَى مَعَ مَنْهَجِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ)، فَأَوَّلُ حَدِيثٍ لِثِقَةِ الإِسْلَامِ الكُلَيْنِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هُوَ فِي مَدْحِ العَقْلِ.

      إنَّ مَنْ كَانَ لَهُ اطِّلَاعٌ وَمَعْرِفَةٌ وَلَوْ مُتَوَسِّطَةً بِمُدَوَّنَاتِ عُلَمَاءِ الإِسْلَامِ يَجِدُ الشَّوْطَ الكَبِيرَ الَّذِي قَطْعَتْهُ العُلُومُ العَقْلِيَّةُ عَلَى أَيْدِي عُلَمَاءِ الإِسْلَامِ، وَأَنَّ المَسائِلَ الَّتِي ذَكَرَهَا حُكَمَاءُ اليُونَانِ لَا تَصِلُ فِي أَحْسَنِ الأَحْوَالِ إِلَى رُبْعٍ مَا عَلَيْهِ المَسائِلُ فِي مُدَوَّنَاتِ شَيْخِ فَلَاسِفَةِ الإِسْلَامِ الشَّيْخِ الرَّئِيسِ وَالفَارَابِي وَالكِنْدِيِّ وَالخَوَاجَة نَصِيرِ الدِّينِ الطُّوسِيِّ.

      كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ مُخَالِفِي الإِسْلَامِ الحَنِيفِ يَتَكَلَّمُ وِفْقَ القَوَاعِدِ المَنْطِقِيَّةِ وَالفَلْسَفِيَّةِ، فَاقْتَضَتْ مُحَاوَرُتُهُمْ الكَلَامَ وِفْقَ تِلْكَ القَوَاعِد، لِأَنَّهَا قَوَاعِدُ عَامَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الجَمِيعِ.

      مَعَ أَنَّ الإحْتِجَاجَ بِالنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ يَسْتَلْزِمُ المُصَادَرَةَ، خُصُوصًا لَمَّا يَكُونُ الطَّرَفُ الآخَرُ غَيْرَ مُؤْمِن بِالإِسْلَامِ أَصْلًا.