لِمَاذَا لَمْ تَحْتَجْ الزَّهْرَاءُ (ع) بِالعِصْمَةِ فِي مَوْضُوعِ فَدَكٍ.؟!!

أُمُّ أَحْمَدَ:      السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.      سُؤَالِي هُوَ: - لِمَاذَا لَمْ تَحْتَجْ سَيِّدَتُنَا الزَّهْرَاءُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) بِالعِصْمَةِ عِنْدَمَا طَالَبَهَا أَبُو بَكْرٍ بِأَنْ تَأْتِيَ بِالشُّهُودِ فِي حَادِثَةِ فَدَكٍ؟ فَالسَّلَفِيَّةُ يَرَوْنَ هَذَا دَلِيلًا قَاطِعًا عَلَى عَدَمِ عِصْمَتِهَا, فَإِنْ كَانَتْ مَعْصُومَةً فَكَانَ لَهَا أَنْ تَحْتَجَّ عَلَيْهِ؟ 

: اللجنة العلمية

     الأُخْتُ أُمُّ أَحْمَدَ المُحْتَرَمَةُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     لَقَدْ شَهِدَ بِعِصْمَةِ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) القُرْآنُ الكَرِيمُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا), وَشَهِدَ بِعِصْمَتِهَا رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حِينَ قَالَ - كَمَا فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ -: فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ. وَحِينَ قَالَ - كَمَا يَرْوِي ذَلِكَ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ - :(فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي, فَمَنْ أَغْضَبَهَا فَقَدْ أَغْضَبَنِي).

     وَحِينَ قَالَ - كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ -: (إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي, يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا). انْتَهَى.

      فَكُلُّ هَذِهِ البَيَانَاتِ القُرْآنِيَّةِ وَالنَّبَوِيَّةِ تُشِيرُ إِلَى عِصْمَةِ البَضْعَةِ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ), وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ خَالَفَهَا وَلَمْ يَعْمَلْ بِهَا, فَأَيُّ مَجَالٍ بَعْدَ هَذَا يَبْقَى لِبَيَانِهَا (صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهَا) فِي إِثْبَاتِ عِصْمَتِهَا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ؟!!

     وَيُوجَدُ هَا هُنَا إِشْكَالٌ مُسْتَحْكَمٌ فِي المَوْضُوعِ لَا يُمْكِنُ دَحْضُهُ بِأَيِّ حَالٍ مِنْ الأَحْوَالِ, حَاصِلُهُ:

     لَقَدْ وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ (ص) قَالَ: (مَنْ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ). انْتَهَى. 

     فَبِحَسَبِ هَذَا النَّصِّ النَّبَوِيِّ الوَارِدِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فَاطِمَةُ حِينَ مُطَالَبَتِهَا بِمَا لَيْسَ لَهَا فِي مَوْضُوعِ فَدَكٍ - حَسَبَ مَا يَرَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَهْلُ السُّنَّةِ - مِنْ أَهْلِ النَّارِ.. فَكَيْفَ صَارَتْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ (حَسَبَ حَدِيثِ البُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ)؟!!

     فَهُنَا الأَمْرُ لَا يَخْلُو مِنْ اثْنَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) جَاهِلًا بِادِّعَائِهَا بِمَا لَيْسَ لَهَا فِي مَوْضُوعِ فَدَكٍ.. وَهَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ بِذَلِكَ قَطْعًا.. أَوْ يَكُونَ الخَلِيفَةُ مُخْطِأً فِي مَنْعِهَا حَقَّهَا, وَلَا يُوجَدُ شَقٌّ ثَالِثٌ فِي الْبَيْنِ.

     فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) لَمْ تَسْمَعْ بِهَذَا الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ بِأَنَّ مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ لَا يُوَرِّثُونَ!

     قُلْنَا: حَتَّى لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهَا لَمْ تَسْمَعْهُ، وَلَكِنَّهَا مَعَ سَمَاعِهَا لَهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ غَضِبَتْ عَلَيْهِ وَهَجَرَتْهُ حَتَّى مَاتَتْ (كَمَا يَنْقُلُ ذَلِكَ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ) فَهَلْ تَرَى أَنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) أَثَابَهَا عَلَى مُخَالَفَتِهَا هَذِهِ لِلحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَأَعْطَاهَا مَنْصِبَ سَيِّدَةِ أَهْلِ الجَنَّةِ اعْتِبَاطًا مِنْهُ وَهِيَ بِحَسَبِ حَدِيثِ مُسْلِمٍ المُتَقَدِّمِ تَسْتَحِقُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟!! 

     إِنَّهُ إِشْكَالٌ مُسْتَحْكَمٌ فِي هَذَا المَوْضُوعِ وَلَا يُوجَدُ أَحَدٌ قَادِرٌ عَلَى حَلِّهِ, وَهُوَ شَاهِدُ صِدْقٍ عَلَى خَطَأِ الخَلِيفَةِ فِي حَقِّ البَضْعَةِ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَظُلْمِهِ لَهَا.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.