كَذِبُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي تَكْذِيبِهِ لِفَضَائِلِ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) الصَّحِيحَةِ.
كَرِيمٌ: مَا هُوَ مِيزَانُ صِحَّةِ حَدِيثِ ((إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَ اللهُ ذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ)) عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ، عِلْمًا بِأَنَّ ابْنَ تَيْمِيَّةَ يَعْتَقِدُ كَذِبَهُ وَيَقُولُ: وَالحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّبِيُّ (ص (عَنْ فَاطِمَةَ، هُوَ كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ المَعْرِفَةِ بِالحَدِيثِ، وَظَهَرَ كَذِبُهُ لِغَيْرِ أَهْلِ الحَدِيثِ أَيْضًا، فَإِنَّ قَوْلَهُ: (إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ...) (مِنْهَاجُ السُّنَّةِ 462).
1- إِنَّ دَيْدَنَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَمَنْهَجَهُ وَأُسْلُوبَهُ الَّذِي فَاحَتْ رَائِحَتُهُ الكَرِيهَةُ حَتَّى أَزْكَمَ الأُنُوفَ وَاشْتَهَرَ بِهِ - حَتَّى بَيْنَ أَبْنَاءِ مَذْهَبِهِ وَمِمَّنْ يَحْتَرِمُونَهُ وَيَحْتَرِمُونَ عِلْمَهُ - هُوَ الحَسَّاسِيَّةُ المُفْرِطَةُ لَدَيْهِ مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) فَهُوَ يَرُدُّ الأَحَادِيثَ الَّتِي تَذْكُرُ فَضَائِلَ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) حَتَّى وَإِنْ كَانَتْ مُتَوَاتِرَةً، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُصَحِّحَ مِثْلَ هَذَا الحَدِيثِ؟! حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُ قُوَّتَهَا وَمَعَانِيَهَا العَظِيمَةَ الَّتِي لَا تَشْبَهُ أَحَادِيثَ فَضَائِلِ غَيْرِهِمْ أَبَدًا كَوْنُهَا لَا تُقَارِبُهَا وَلَا تُدَانِيهَا فَضِيلَةٌ لِأَحَدٍ مِنْ سَلَفِهِ الَّذِينَ يُفَضِّلُهُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَالطَّهَارَةِ، حَتَّى قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ العَسْقَلَانِيُّ فِي لِسَانِ المِيزَانِ (6/320) فِي تَرْجُمَةِ وَالِدِ العَلَّامَةِ الْحِلِّي عَنْ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَكِتَابِهِ مِنْهَاجِ السُّنَّةِ: (طَالَعْتُ الرَّدَّ المَذْكُورَ فَوَجَدْتُهُ كَمَا قَالَ السبكِيُّ فِي الإِسْتِيفَاءِ لَكِنْ وَجَدْتُهُ كَثِيرَ التَّحَامُلِ إِلَى الغَايَةِ فِي رَدِّ الأَحَادِيثِ الَّتِي يُورِدُهَا ابْنُ المُطَهَّرِ وَإِنْ كَانَ مُعْظَمُ ذَلِكَ مِنْ المَوْضُوعَاتِ وَالوَاهِيَاتِ لَكِنَّهُ رَدَّ فِي رَدِّهِ كَثِيرًا مِنْ الأَحَادِيثِ الجِيَادِ الَّتِي لَمْ يَسْتَحْضِرْ حَالَةَ التَّصْنِيفِ مَظَانَّهَا لِأَنَّهُ كَانَ لِاتِّسَاعِهِ فِي الحِفْظِ يَتَّكِلُ عَلَى مَا فِي صَدْرِهِ، وَالإِنْسَانُ عَامدٌ لِلنِّسْيَانِ وَكَمْ مِنْ مُبَالَغَةٍ لِتَوْهِينِ كَلَامِ الرَّافِضِيِّ أَدَّتْهُ أَحْيَانًا إِلَى تَنْقِيصِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهَذِهِ التَّرْجُمَةُ لَا يَحْتَمِلُ إِيضَاحَ ذَلِكَ وَإِيرَادَ أَمْثِلَتِهِ) أَه.
كَمَا قَالَ المُحَدِّثُ السَّلَفِيُّ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ وَالمُعْجَبُ بِابْنِ تَيْمِيَّةَ، بَلْ هُوَ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَالمُحْتَرِمِينَ لَهُ جِدًّا، فَقَالَ فِي سِلْسِلَةِ أَحَادِيثِهِ الصَّحِيحَةِ (4 / 344): (إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَقَدْ كَانَ الدَّافِعُ لِتَحْرِيرِ الكَلَامِ عَلَى الحَدِيثِ وَبَيَانِ صِحَّتِهِ: أَنَّنِي رَأَيْتُ شَيْخَ الإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ قَدْ ضَعَّفَ الشَّطْرَ الأَوَّلَ مِنْ الحَدِيثِ، وَأَمَّا الشَّطْرُ الآخَرُ فَزَعَمَ أَنَّهُ كَذِبٌ! وَهَذَا مِنْ مُبَالَغَاتِهِ النَّاتِجَةِ فِي تَقْدِيرِي مِنْ تَسَرُّعِهِ فِي تَضْعِيفِ الأَحَادِيثِ قَبْلَ أَنْ يَجْمَعَ طُرُقَهَا، وَيُدَقِّقَ النَّظَرَ فِيهَا، وَاللهُ المُسْتَعَانُ). أه
ثُمَّ قَالَ الأَلْبَانِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ سِلْسِلَةِ أَحَادِيثِهِ الصَّحِيحَةِ (5 / 264): فَمِنْ العَجِيبِ حَقًّا أَنْ يَتَجَرَّأَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَلَى إِنْكَارِ هَذَا الحَدِيثِ وَتَكْذِيبِهِ فِي مِنْهَاجِ السُّنَّةِ (4 / 104) كَمَا فَعَلَ بِالحَدِيثِ المُتَقَدِّمِ هُنَاكَ مَعَ تَقْرِيرِهِ رَحِمَهُ اللهُ أَحْسَنَ تَقْرِيرٍ أَنَّ المُوَالَاةَ هُنَا ضِدَّ العَدَاوَةِ، وَهُوَ حُكْمٌ ثَابِتٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ.... فَلَا أَدْرِي بَعْدَ ذَلِكَ وَجْهَ تَكْذِيبِهِ لِلحَدِيثِ إِلَّا التَّسَرُّعَ وَالمُبَالَغَةَ فِي الرَّدِّ عَلَى الشِّيعَةِ غَفَرَ اللهُ لَنَا وَلَهُ). أَه.
2- أَخْرَجَ هَذَا الحَدِيثَ الكَثِيرُ مِنْ عُلَمَاءِ وَمُحَدِّثِي أَهْلِ السُّنَّةِ فَلَا نَدْرِي هَلْ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَعْلَمُ وَأَحْرَصُ مِنْ كُلِّ هَؤُلَاءِ، وَهَلْ إِنَّ هَؤُلَاءِ يَحْرُصُونَ عَلَى نَقْلِ الكَذِبِ عَنْ رَسُولِ اللهِ (ص) فِي مَجَامِيعِهِمْ الحَدِيثِيَّةِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ (ص)، وَهُمْ أَئِمَّةُ وَمُحَدِّثُوا أَهْلِ السُّنَّةِ وَمَرْجِعِيَّاتُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَغَيْرِهِ فِي نَقْلِ وَحِفْظِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ كَالحَاكِمِ فِي مُسْتَدْرَكِهِ (3 / 152) وَقد صَحَّحَهُ، وَالخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ، وَالبَزَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانيُّ، وَابْنُ شَاهِين، وَأَبُو نَعِيمٍ، وَالمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ حَجَرٍ الهَيْتَمِيُّ المَكِّيُّ، وَالسُّيُوطِيُّ، وَالمُتَّقِي الهِنْدِيُّ، وَالحَافِظُ الهَيْثَمِيُّ، وَالعَلَّامَةُ الزُّرْقَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
3- إِنَّ مَعْنَى هَذَا الحَدِيثِ صَحِيحٌ وَمَقْبُولٌ وَتَشْهَدُ لَهُ وَلِمَعْنَاهُ أَحَادِيثُ أُخْرَى، مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ:(إِنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ لِأَنَّ اللهَ قَدْ فَطَمَهَا وَذُرِّيَّتَهَا عَنْ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ).
وَأَخْرَجَ المُتَّقِي الهِنْدِيُّ فِي كَنْزِ عُمَّالِهِ (12 / 110): (إِنَّ اللهَ تَعَالَى غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلَا وُلْدِكِ) قَالَهُ لِفَاطِمَةَ. وَنَسَبَهُ للطَّبَرَانِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَكَذَلِكَ الحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ (3 / 150) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (ص :(وَعَدَنِي رَبِّي فِي أَهْلِ بَيْتِي مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمْ بِالتَّوْحِيدِ وَلَّى بِالبَلَاغِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ).
قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ الأبح: وَمَاتَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عُرُوبَةَ يَوْمَ الخَمِيسِ، وَكَانَ حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيثِ يَوْمَ الجُمُعَةِ مَاتَ بَعْدَهُ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ فِي المَسْجِدِ فَقَالَ قَوْمٌ: لَا جَزَاكَ اللهُ خَيْراً صَاحِبُ رَفْضٍ وَبَلَاءٍ. وَقَالَ قَوْمٌ: جَزَاكَ اللهُ خَيْراً صَاحِبُ سُنَّةٍ وَجَمَاعَةٍ أَدَّيْتَ مَا سَمِعْتَ.
قَالَ الحَاكِمُ :هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
4- قَالَ القَسْطَلَانِيُّ فِي المَوَاهِبِ، وَالزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلمَوَاهِبِ (3 /203): (رُوِيَ) عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَفَعَهُ (إِنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ) بِإِلْهَامٍ مِنْ اللهِ لِرَسُولِهِ إِنْ كَانَتْ وِلَادَتُهَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهَا فَيُحْتَمَلُ بِالوَحْيِ (لِأَنَّ اللهَ قَدْ فَطَمَهَا) مِنْ الفَطْمِ وَهُوَ المَنْعُ، وَمِنْهُ فُطِمَ الصَّبِيُّ (وَذُرِّيَّتَهَا عَنْ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ) أَيْ مَنَعَهُمْ مِنْهَا، فَأَمَّا هِيَ وَإِبْنَاهَا فَالمَنْعُ مُطْلَقٌ، وَأَمَّا مَنْ عَدَاهَا فَالمَمْنُوعُ عَنْهُمْ نَارُ الخُلُودِ، فَلَا يَمْتَنِعُ دُخُولُ بَعْضِهِمْ لِلتَّطْهِيرِ، فَفِيهِ بُشْرًى لِآلِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِالمَوْتِ عَلَى الإِسْلَامِ، وَإِنَّهُ لَا يُخْتَمُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بِالكُفْرِ، نَظِيرُهُ مَا قَالَهُ الشَّرِيفُ السَّمهودِيُّ فِي خَبَرِ الشَّفَاعَةِ لِمَنْ مَاتَ بِالمَدِينَةِ مَعَ أَنَّهُ يَشْفَعُ لِكُلِّ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا، أَوْ إِنَّ اللهَ يَشَاءُ المَغْفِرَةَ لِمَنْ وَاقَعَ الذُّنُوبَ مِنْهُمْ إِكْرَامًا لِفَاطِمَةَ سَلَامُ اللهِ عَلَيْهَا، أَوْ يُوَفِّقُهُمْ لِلتَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَلَوْ عِنْدَ المَوْتِ وَيَقْبَلُهَا مِنْهُمْ [أَخْرَجَهُ الحَافِظُ الدِّمَشْقِيُّ] وَهُوَ ابْنُ عَسَاكِرَ. ثُمَّ قَالَ: (وَرَوَى الغَسَّانِيُّ وَالخَطِيبُ) وَقَالَ: فِيهِ مَجَاهِيلُ (مَرْفُوعًا) إِنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ (لِأَنَّ اللهَ فَطَمَهَا وَمُحِبِّيهَا عَنْ النَّارِ) فَفِيهِ بُشْرًى عَمِيمَةٌ (عَامَّةٌ) لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَحَبَّهَا وَفِيهِ التَّأْوِيلَاتُ المَذْكُورَةُ.
ثُمَّ قَالَ الزُّرْقَانِيُّ: وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو نَعِيمٍ وَالخَطِيبُ: أَنَّ عَلِيًّا الرِّضَا بْنَ مُوسَى الكَاظِمِ ابْنَ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ: إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَهَا اللهُ وَذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ. فَقَالَ: خَاصٌّ بِالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ. وَمَا نَقَلَهُ الإِخْبَارِيُّونَ عَنْهُ مِنْ تَوْبِيخِهِ لِأَخِيهِ زَيْدٍ حِينَ خَرَجَ عَلَى المَأْمُونِ. وَقَوْلَهُ: مَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَسُولِ اللهِ؟ أَغَرَّكَ قَوْلُهُ: إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ؟ الحَدِيثُ. إِنَّ هَذَا لِمَنْ خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا لَا لِي وَلَا لَكَ، وَاللهِ مَا نَالُوا ذَلِكَ إِلَّا بِطَاعَةِ اللهِ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَنَالَ بِمَعْصِيَتِهِ مَا نَالُوهُ بِطَاعَتِهِ؟ إِنَّكَ إِذًا لَأَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنْهُمْ. فَهَذَا مِنْ بَابِ التَّوَاضُعِ وَالحَثِّ عَلَى الطَّاعَاتِ وَعَدَمِ الإِغْتِرَارِ بِالمَنَاقِبِ وَإِنْ كَثُرَتْ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ المَقْطُوعُ لَهُمْ بِالجَنَّةِ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الخَوْفِ وَالمُرَاقَبَةِ، وَإِلَّا فَلَفْظُ (ذُرِّيَّة) لَا يَخُصُّ بِمَنْ خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا فِي لِسَانِ العَرَبِ (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسَلِيمَانَ). الآيَةُ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ قُرُونٌ كَثِيرَةٌ، فَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ مِثْلُ عَلِيٍّ الرِّضَا مَعَ فَصَاحَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ لُغَةَ العَرَبِ، عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بالطَّائِعِ يُبْطِلُ خُصُوصِيَّةَ ذُرِّيَّتِهَا وَمُحِبِّيهَا إِلَّا أَنْ يُقَالَ: لِلَّهِ تَعْذِيبُ الطَّائِعِ. فَالخُصُوصِيَّةُ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُ إِكْرَامًا لَهَا. وَاللهُ أَعْلَمُ. وَأَخْرَجَ الحَافِظُ الدِّمَشْقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا :يَا فَاطِمَةُ تَدْرِينَ لِمَ سُمِّيتِ فَاطِمَةَ؟ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِمْ سُمِّيَتْ؟ قَالَ: إِنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) قَدْ فَطَمَهَا وَذُرِّيَّتَهَا عَنْ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَقَدْ رَوَاهُ الإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا فِي مُسْنَدِهِ، وَلَفْظُهُ: (إِنَّ اللهَ فَطَمَ ابْنَتِي فَاطِمَةَ وَوُلْدَهَا وَمَنْ أَحَبَّهُمْ مِنْ النَّارِ)
5- وَقَالَ حُسَيْنٌ حَفِيدُ عَبْدِ المَلِكِ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ "سمط النُّجُومِ العَوَالِي": وَرَوَى البَزَّارُ وَتَمَّامُ فِي فَوَائِدِهِ، والطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ عَدِي وَالْعُقَيْلِيُّ وَالحَاكِمُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ شَاهِين وَابْنِ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْهُ، والطَّبَرَانيُّ فِي الكَبِيرِ بِسَنَدِ رِجَالٍ ثُقَاتٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: فَاطِمَةُ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَهَا اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) وَذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ. زَادَ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: هَذَا لِلحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَلِمَنْ أَطَاعَ اللهَ مِنْهُمْ. وَفِي لَفْظٍ: إِنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلَا وُلْدِكِ. وَرَوَى الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ أَنَّ الإِمَامَ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا سُئِلَ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا خَاصٌّ بِالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ. قَالَ العَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ الشَّامِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ سَنَدُهُ قَرِيبٌ مِنْ الحَسَنِ، وَالحُكْمُ عَلَيْهِ بِالوَضْعِ غَلَطٌ.
6- وَقَالَ عَبْدُ الرَّؤُوفِ المنَّاوِيُّ فِي إِتْحَافِ السَّائِلِ بِمَا لِفَاطِمَةَ مِنْ المَنَاقِبِ وَالفَضَائِلِ ص59:
الحَدِيثُ السَّادِسُ: أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا: عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (أَنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا، وَإِنَّ اللهَ أَدْخَلَهَا بِإِحْصَانِ فَرْجِهَا وَذُرِّيَّتِهَا الجَنَّةَ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ.
الحَدِيثُ السَّابِعُ: حَرَّمَهَا اللهُ وَذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ:
عَنْهُ – أَيْضًا - (أَنَّ فَاطِمَةَ حَصَّنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَهَا اللهُ وَذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ).
رَوَاهُ الحَاكِمُ وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ لَكِنْ عَضَدَهُ فِي رِوَايَةِ البَزَّارِ لَهُ بِنَحْوِهِ وَبِهِ صَارَ حَسَنًا.
وَالمُرَادُ بِالنَّارِ نَارُ جَهَنَّمَ; فَأَمَّا هِيَ وَإِبْنَاهَا فَالمُرَادُ فِي حَقِّهِمْ التَّحْرِيمُ المُطْلَقُ.
أَمَّا الحَدِيثُ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَوْلَادِهَا فَقَطْ، وَبِهِ فَسَّرَهُ أَحَدُ رِوَايَةِ (أَبِي كُرَيْبٍ) وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا: ذَكَرُوا أَنَّ زَيْدَ بْنَ مُوسَى الكَاظِمِ خَرَجَ عَلَى المَأْمُونِ فَظَفَرَ بِهِ فَبَعَثَ بِهِ لِأَخِيهِ عَلِيٍّ الرِّضَا، فَوَبَّخَهُ الرِّضَا وَقَالَ لَهُ: يَا زَيْدُ، مَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَسُولِ اللهِ إِذَا سَفَكْتَ الدِّمَاءَ، وَأَخَفْتَ السُّبُلَ، وَأَخَذْتَ المَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ؟! غَرَّكَ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَهَا اللهُ وَذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ)؟! إِنَّمَا هَذَا لِمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا فَقَطْ.
وَأَخْرَجَ أَبُو نَعِيمٍ وَالخَطِيبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنْتُ بِبَغْدَادَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِيمَنْ يُدْخِلُكَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا؟ قُلْتُ نَعَمْ، فَأَدْخَلَنِي فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ وَجَلَسْنَا، فَقُلْتُ لَهُ: حَدِيثُ: (إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا..) إلخ، عَامٌ أَوْ خَاصٌّ؟ فَقَالَ: بَلْ خَاصٌّ بِالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ.
الحَدِيثُ الثَّامِنُ: اللهُ غَيْرُ مُعَذِّبِهَا وَلَا وُلْدِهَا:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (ص) لِفَاطِمَةَ: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلَا وُلْدِكِ يَعْنِي الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ بِالنَّارِ).
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِنَاءُ المُصْطَفَى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَلَيْهَا وَتَحْذِيرُهُ مِنْ إِيذَائِهَا وَبُغْضِهَا وَالأَذَى لَهَا!!
7- وَقَدْ أَخْرَجَ الحَافِظُ الهيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ زَوَائِدِهِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ الطَّبَرَانِيِّ، وَوَثَّقَ رِجَالَهُ، وَأَتَى لَهُ بِشَاهِدٍ كَمَا فَعَلْنَا وَفَعَلَ السُّيُوطِيُّ وَالمَنَّاوِيُّ وَالزُّرْقَانِيُّ وَالقَسْطَلَانِيُّ وَحَفِيدُ إِمَامِ الحَرَمَيْنِ، وَالشَّرِيفُ السَّمهُودِيُّ، وَمُحَمَّدٌ الشَّامِيُّ... فَقَالَ الهَيْثَمِيُّ (9 / 202): وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (إِنَّ اللهَ غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلَا وُلْدِكِ). رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَرِجَالُهُ ثُقَاتٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (ص): (إِنَّ فَاطِمَةَ حَصَّنَتْ فَرْجَهَا وَإِنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) أَدْخَلَهَا بِإِحْصَانِ فَرْجِهَا وَذُرِّيَّتِهَا الجَنَّةَ). رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَالبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ عتابٍ، وَقِيلَ ابْنُ غِيَاثٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
8- وَقَالَ المُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي ذَخَائِرِ العُقْبَى 26: (بَابُ) ذِكْرِ تَسْمِيَتِهَا فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِفَاطِمَةَ: (يَا فَاطِمَةُ تَدْرِينَ لِمْ سُمِّيتِ فَاطِمَةَ؟ قَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ لِمْ سُمِّيَتْ فَاطِمَةَ؟ قَالَ: إِنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) قَدْ فَطَمَهَا وَذُرِّيَّتَهَا عَنْ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ) أَخْرَجَهُ الحَافِظُ الدِّمَشْقِيُّ، وَقَدْ رَوَاهُ الإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا فِي مُسْنَدِهِ، وَلَفْظُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: (إِنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) فَطَمَ ابْنَتِي فَاطِمَةَ وَوُلْدَهَا وَمَنْ أَحَبَّهُمْ مِنْ النَّارِ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ فَاطِمَةَ) وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :(إِنَّ ابْنَتِي فَاطِمَةَ حَوْرَاءُ إِذْ لَمْ تَحُضَّ وَلَمْ تَطْمِثْ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا فَاطِمَةَ لِأَنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) فَطَمَهَا وَمُحِبِّيهَا عَنْ النَّارِ). أَخْرَجَهُ النِّسَائِيُّ.
فَلَا يُعْقَلُ تَصْحِيحُ وَإِيرَادُ كُلِّ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءِ لِهَذِهِ الأَحَادِيثِ وَإِرْسَالُهَا إِرْسَالَ المُسَلَّمَاتِ مِنْ بَابِ تَصْدِيقِ الكَذِبِ وَنَقْلِهِ وَتَصْحِيحِهِ وَالمَجِيءِ بِالشَّوَاهِدِ وَالمُتَابَعَاتِ وَالشُّرُوحِ لِتَقْوِيَتِهِ ثُمَّ يَأْتِي مِثْلُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ النَّاصِبِيِّ فَنُصَدِّقُهُ وَنَتْرُكُ أَقْوَالَ كُلِّ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءِ الكِبَارِ!؟
9- وَأَخِيرًا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّنَا غَيْرُ مُلْزَمِينَ بِتَصْحِيحِ كُلِّ مَا رُوِيَ عِنْدَنَا أَوْ عِنْدَهُمْ حَتَّى يُمْكِنَنَا الأَخْذُ وَالتَّعَبُّدُ بِهِ، فَهَذَا طَلَبٌ غَرِيبٌ بَلْ مُخَالِفٌ لِلبَدَاهَةِ كَوْنُهُمْ حَاوَلُوا عَبْرَ القُرُونِ عَدَمَ تَوْثِيقِ أَيِّ عَالِمٍ أَوْ مُحَدِّثٍ يَشُمُّونَ مِنْهُ رَائِحَةَ حُبِّ أَهْلِ البَيْتِ، أَوْ تَفْضِيلِهِمْ، أَوْ البَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ، أَوْ حَتَّى كَوْنِهِمْ مِنْ الْكُوفَةِ مَثَلًا، فَحَاوَلُوا إِغْلَاقَ جَمِيعِ الأَبْوَابِ فِي وَجْهِ رِوَايَاتِ فَضْلِ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) أَوْ تَفْضِيلِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَلَا يَصِحُّ الجَرْيُ خَلْفَهُمْ وَمُحَاوَلَةُ تَطْبِيقِ قَوَاعِدِهِمْ فِي التَّصْحِيحِ وَالتَّضْعِيفِ الَّتِي صَاغُوهَا وَغَزَلُوهَا وَنَسَجُوهَا وَفَصَّلُوهَا كَمَا يَشَاؤُونَ وَبِمَا يُوَافِقُ مَذْهَبَهُمْ، وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ قَدْ أَقَامُ اللهُ تَعَالَى الحُجَّةَ عَلَيْهِمْ، وَهَا نَحْنُ نَرَى فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ غَيْرِ المُهِمَّةِ وَلَا تَدْخُلُ فِي المَسَائِلِ الأَسَاسِيَّةِ لِلمَذْهَبِ، فَقَدْ رَأَيْنَا الحَاكِمَ يُصَحِّحُ حَدِيثَيْنِ مِنْهَا، وَكَذَا صَحَّحَ وَوَثَّقَ الهَيْثَمِيُّ رِجَالَ أَحَدِهَا، وَكَمَا رَأَيْنَا غَيْرَهُمَا، وَيَكْفِي فِي الإِحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ تَصْحِيحُ أَحَدِ عُلَمَائِهِمْ لِلحَدِيثِ نَاهِيكَ عَنْ الجَمْعِ مِنْهُمْ، كَمَا رَأَيْنَا كَيْفَ رَوَوْهَا وَجَاؤُوا لَهَا بِالشَّوَاهِدِ، وَحَاوَلُوا شَرْحَهَا وَفَهْمَهَا فَهْمًا يَتَنَاسَبُ مَعَ قَوَاعِدِ الإِسْلَامِ وَفَضْلِ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) وَأَوْلَادِهِمْ وَشِيعَتِهِمْ وَمُحِبِّيهِمْ رَدًّا عَلَى النَّوَاصِبِ الَّذِينَ أَشْكَلُوا عَلَى سَنَدِ وَمَتْنِ الرِّوَايَاتِ كَابْنِ تَيْمِيَّةَ كَمَا فِي السُّؤَالِ. وَالحَمْدُ للهِ أَوَّلًا وَآخِرًا.
اترك تعليق