تَهْدِيدُ طَلْحَةَ بِتَزَوُّجِهِ مِنْ عَائِشَةَ ثَابِتٌ مَشْهُورٌ.
سَيْفُ الدِّينِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. قَالَ التِّيجَانِيُّ ص 184: (قَالَ طَلْحَةُ: إِنْ مَاتَ رَسُولُ اللهِ تَزَوَّجْتُ عَائِشَةَ فَهِيَ بِنْتُ عَمِّي). هَذَا كَذِبٌ وَادِّعَاءٌ بَاطِلٌ، وَلَا جَدِيدٌ، وَيَعْجَزُ التِّيجَانِيُّ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الأَفَّاكِينَ أَنْ يُثْبِتُوا هَذَا الإِدِّعَاءَ.
الأَخُ سيف الدين المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
لَا نَقُولُ لَكُمْ إِلَّا: مَا أَجْهَلَكُمْ بِكُتُبِكُمْ، وَمَا أَجْرَأَكُمْ عَلَى تَكْذِيبِ الشِّيعَةِ وَإِنْكَارِ الحَقِيقَةِ؟! وَسَنَكْتَفِي بِإِيرَادِ مَا رَوَاهُ كِبَارُ عُلَمَائِكُمْ فِي كُتُبِكُمْ وَمَرَاجِعِكُمْ الحَدِيثِيَّةِ وَالتَّفْسِيرِيَّةِ المُعْتَبَرَةِ وَمَا قَالُوهُ وَنَقَلُوهُ دُونَ تَعْلِيقٍ مِنَّا وَنَدَعُ المِنْصِفَ البَاحِثَ عَنْ الحَقِّ لِيَحْكُمَ بِنَفْسِهِ مِنْ دُونِ أَيِّ تَفْسِيرٍ أَوْ تَحْلِيلٍ مِنَّا:
1- قَالَ الحَافِظُ البَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى (7 / 69):
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): لَوْ قَدْ مَاتَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَتَزَوَّجْتُ عَائِشَةَ أَوْ أُمَّ سَلَمَةَ. فَأَنْزَلَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ): (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا).
2- وَقَال العَلَّامَةُ العَيْنِيُّ فِي عُمْدَةِ القَارِي شَرْحِ صَحِيحِ البُخَارِيِّ (19 / 121):
قَوْلُهُ: (وَمَا كَانَ لَكُمْ) يَعْنِي: وَمَا يَنْبَغِي لَكُمْ وَمَا يَصْلُحُ لَكُمْ (أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مِنْ الأَشْيَاءِ (وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا) نَزَلْتَ فِي رَجُلٍ كَانَ يَقُولُ: لَئِنْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَأَتَزَوَّجَنَّ عَائِشَةَ. زَعَمَ مُقَاتِلٌ أَنَّهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ.
3- وَقَالَ الزَّيلعِيُّ تَخْرِيجُ الأَحَادِيثِ وَالآثَارِ (3/127):
قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: أَنُنْهَى أَنْ نُكَلِّمَ بَنَاتِ عَمِّنَا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، لَئِنْ مَاتَ مُحَمَّدٌ لَأَتَزَوَّجَنَّ فُلَانَةَ. فَأَعْلَمَ اللهُ أَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ. قُلْتُ: قَالَ الطَّيْبِيُّ: ذَكَرَ البَغوِيُّ أَنَّ هَذَا القَائِلَ هُوَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ. وَفِي رِوَايَةٍ بَدَلَ فُلَانَةَ: عَائِشَةَ. انْتَهَى.
وَرَوى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ: أَخْبَرَنَا مُعَمَّرٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لَوْ قَدْ مَاتَ مُحَمَّدٌ لَأَتَزَوَّجَنَّ عَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللهُ: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ) الآيَةُ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، ثنا مَهْرَانُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) الآيَةُ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ هَمَّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِبَعْضِ نِسَاءِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَعْدَهُ. قَالَ رَجُلٌ لِسُفْيَانَ: أَهِيَ عَائِشَةُ؟ قَالَ: هَكَذَا ذَكَرُوا.
ثُمَّ أُسْنِدَ إِلَى السديِّ أَنَّ الَّذِي عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ: طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ حَتَّى نَزَلَ تَحْرِيمُ ذَلِكَ. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ مُرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمِيدٍ، ثنا مَهْرَانُ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ السديِّ.
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ هُوَ الوَاقِدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَزْمٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) الآيَةُ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ لِأَنَّهُ قَالَ: إِذَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تَزَوَّجْتُ عَائِشَةَ. انْتَهَى. انْتَهَى كَلَامُ الزَّيلعِيِّ.
4- وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعَانيُّ فِي تَفْسِيرِ القُرْآنِ (3 / 122):
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُعَمَّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لَوْ قُبِضَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَتَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ. يَعْنِي: عَائِشَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا) عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ مُعَمَّرٌ: سَمِعْتُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ.
5- وَقَالَ شَيْخُ المُفَسِّرِينَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ جَامِعِ البَيَانِ (22 / 50):
وَقَوْلُهُ: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ... وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي رَجُلٍ كَانَ يَدْخُلُ قَبْلَ الحِجَابِ، قَالَ: لَئِنْ مَاتَ مُحَمَّدٌ لَأَتَزَوَّجَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ. سَمَّاهَا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا).
ذَكَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهَبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا) قَالَ: رُبَّمَا بَلَغَ النَّبِيَّ (ص) أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ النَّبِيَّ (ص) تُوُفِّيَ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ مِنْ بَعْدِهِ، قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ يُؤْذِي النَّبِيَّ (ص) فَنَزَلَ القُرْآنُ: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ)... الآيَةُ.
6- وَقَالَ النَّحَّاسُ فِي مَعَانِي القُرْآنِ (5 / 373):
وَقَوْلُهُ (عَزَّ وَجَلَّ): (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا...):
قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): إِنْ مَاتَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ. قَالَ مُعَمَّرٌ: قَالَ هَذَا "طَلْحَةُ" لِعَائِشَةَ.
7- وَقَالَ الواحِدِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ (243):
قَوْلُهُ تَعَالَى :(وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ سَادَةِ قُرَيْشٍ: لَوْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَتَزَوَّجْتُ عَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى مَا أَنْزَلَ.
8- وَقَالَ البَغوِيُّ المُحَدِّثُ السَّلَفِيُّ وَالمُفَسِّرُ الكَبِيرُ الَّذِي يَرْتَضِيهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَيُفَضِّلُهُ عَلَى تَفَاسِيرِ غَيْرِهِ، قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ (3 / 541):
(وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) لَيْسَ لَكُمْ أَذَاهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الأَشْيَاءِ (وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا) نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: لَئِنْ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَأَنْكِحَنَّ عَائِشَةَ. قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: هُوَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ. فَأَخْبَرَهُ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) أَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ، وَقَالَ: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا) أَيْ ذَنْبًا عَظِيمًا... (إِنْ تَبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءِ عَلِيمًا) نَزَلَتْ فَيمَنْ أَضْمَرَ نِكَاحَ عَائِشَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَقِيلَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: مَا بَالُنَا نُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَى بَنَاتِ أَعْمَامِنَا؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
9- وَحَتَّى النَّاصِبيِّ ابْنِ العَرَبِيِّ لَمْ يَسْتَطِعْ إِنْكَارَ ذَلِكَ كَعَادَتِهِ فِي الدِّفَاعِ وَالْغُلُوِّ فِي الصَّحَابَةِ حَيْثُ قَالَ فِي أَحْكَامِ القُرْآنِ 3 / 617:
المَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ ((وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا)):
وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِهِ، فَقَدْ خُصَّ بِأَحْكَامٍ وَشُرِّفَ بِمَعَالِمَ وَمَعَانٍ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا أَحَدٌ تَمْيِيزًا لِشَرَفِهِ وَتَنْبِيهًا عَلَى مَرْتَبَتِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الكَلِمَةِ أَنَّ آيَةَ الحِجَابِ لَمَّا نَزَلَتْ قَالُوا: يَمْنَعُنَا مِنْ بَنَاتِ عَمِّنَا لَئِنْ حَدَثَ بِهِ المَوْتُ لَنَتَزَوَّجَنَّ نِسَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ. فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الكَلِمَةَ.
وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لَئِنْ مَاتَ لَأَتَزَوَّجَنَّ عَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ وَصَانَ خلوَةَ نَبِيِّهِ وَحَقَّقَ غِيْرَتَهُ فَقَصَرَهُنَّ عَلَيْهِ وَحَرَّمَهُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ.
10- وَكَذَا حَالُ ابْنِ الجَوْزِيِّ كَمَا فِي تَفْسِيرِهِ زَادِ المَسِيرِ (6/213) حَيْثُ قَالَ:
(وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا): رَوَى عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: لَوْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) تَزَوَّجْتُ عَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى مَا أَنْزَلَ. وَزَعَمَ مُقَاتِلٌ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ.
.... قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ) قِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَا أَبَدَاهُ القَائِلُ: لَئِنْ مَاتَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَأَتَزَوَّجَنَّ عَائِشَةَ.
11- وَقَالَ القُرْطُبِيُّ أَيْضًا فِي تَفْسِيرِهِ 14 / 228:
الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ - قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا) رَوَى إِسْمَاعِيلُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مُعَمَّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لَوْ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تَزَوَّجْتُ عَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) الآيَةُ. وَنَزَلَتْ: (وَأَزْوَاجَهُ أُمَّهَاتُهُمْ). وَقَالَ القشيرِيُّ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ سَادَاتِ قُرَيْشٍ مِنَ العَشَرَةِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَلَى حِرَاءٍ - فِي نَفْسِهِ - لَوْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَتَزَوَّجْتُ عَائِشَةَ، وَهِيَ بِنْتُ عَمِّي. قَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَنَدِمَ هَذَا الرَّجُلُ عَلَى مَا حَدَّثَ بِهِ فِي نَفْسِهِ، فَمَشَى إِلَى مَكَّةَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَحُمِلَ عَلَى عَشَرَةِ أَفْرَاسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَعْتَقَ رَقِيقًا فَكَفَّرَ اللهُ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: رُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالَ: لَوْ مَاتَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَتَزَوَّجْتُ عَائِشَةَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَتَأَذَّىَ بِهِ، هَكَذَا كَنَّى عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِبَعْضِ الصَّحَابَةِ. وَحَكَى مَكِّيٌّ عَنْ مُعَمَّرٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ.
12- وَنَخْتِمُ بِابْن ِكَثِيرٍ الدِّمَشْقِيِّ تِلْمِيذِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الغُلَاةَ فِي الصَّحَابَةِ وَالَّذِي فَسَّرَهَا وَنَقَلَ ذَلِكَ دُونَ أَيِّ تَعْلِيقٍ مِنْهُ أَوْ تَضْعِيفٍ لَهَا فَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ (3 / 513):
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا) قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا مَهْرَانُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) قَالَ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ هَمَّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَعْضَ نِسَاءِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَعْدَهُ. قَالَ رَجُلٌ لِسُفْيَانَ: أَهِيَ عَائِشَةُ؟ قَالَ: قَدْ ذَكَرُوا ذَلِكَ. وَكَذَا قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَذَكَرَهُ بِسَنَدِهِ عَنْ السديِّ أَنَّ الَّذِي عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَتَّى نَزَلَ التَّنْبِيهُ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ.
فَهَلْ التِّيجَانِيُّ ابْتَكَرَ هَذِهِ القِصَّةَ أَمْ أَنَّكُمْ تَجْهَلُونَ مَا فِي كُتُبِكُمْ أَوْ أَنَّ أَئِمَّتَكُمْ وَكُتُبَكُمْ رَوَتْهَا لَنَا ؟!!
وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.
اترك تعليق