صُحْبَةُ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ.
الشَّامِيُّ العُمَرِيُّ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ وَمَنْ كَانَ عَلَى شَاكِلَتِهِ لَيْسُوا صَحَابَةً. فَإِنْ قَالَ الشِّيعَةُ الرَّوَافِضُ: قَوْلُهُ: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِخَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ عِنْدَمَا وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَسَبَّهُ:" لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهُوَ عِنْدَ البُخَارِيِّ بِدُونِ ذِكْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَخَالِدٍ. قَالَ الشِّيعَةُ الرَّوَافِضُ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ خَالِدًا وَمَنْ كَانَ عَلَى شَاكِلَتِهِ لَيْسُوا مِنْ الصَّحَابَةِ. فَالجَوَابُ عَلَيْهِمْ مِنْ وُجُوهٍ: الوَجْهُ الأَوَّلُ: أَنَّ وَصْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بِالصُّحْبَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الصُّحْبَةِ عَنْ مَنْ خُوطِبُوا بِهَذَا الخِطَابِ، إِنَّمَا المُرَادُ إِثْبَاتُ صُحْبَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الأَعْلَى نَفْيُ الأَدْنَى. الوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَغَيْرَهُ مِنْ السَّابِقِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ لَمْ يَسْلَمُوا مِنْكُمْ أَيْضًا - يَعْنِي مِنْ الرَّوَافِضِ - مَعَ تَسْمِيَةِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَهُمْ بِأَصْحَابِهِ. الوَجْهُ الثَّالِثُ: إِذَا كَانَ خَالِدٌ وَمَنْ مَعَهُ نَهَوْا عَنْ سَبِّ السَّابِقِينَ، فَالزَّجْرُ لِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَيْسُوا بِصَحَابَةٍ أَصَلًا مِنْ بَابٍ أَوْلَى، فَكَيْفَ بِالرَّوَافِضِ؟ الوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ قَوْلِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عِنْدَمَا اسْتَسْمَحَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَلَمْ يَسْمَحْ لَهُ: "أَيُّهَا النَّاسُ فَقَدْ أَتَيْتُكُمْ فَقُلْتُمْ: كَذِبْتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ..." إِلَى آخِرِ الحَدِيثِ. وَفِيهِ: "فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي؟" قَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَفْهَمْ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ هَذَا الحَدِيثِ أَنَّ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ لَيْسُوا بِصَحَابَةٍ، عُمَرَ فَمَنْ دُونَهُ، لَكِنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ هَذَا إِثْبَاتٌ لِصُحْبَةٍ مَخْصُوصَةٍ. وَيَلْزَمُكُمْ يَا رَافِضَةُ أَنْ تُخْرِجُوا بِهَذِهِ الشُّبْهَةِ عَلِيًّا مِنْ الصَّحَابَةِ لِقَوْلِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ): "فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي"؟ وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ.
وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ. البَحْثُ عَنْ مَفْهُومِ الصُّحْبَةِ وَعَدَالَةِ الصَّحَابَةِ طَوِيلٌ لَيْسَ هُنَا مَحَلُّهُ، وَلَكِنْ نُجِيبُ عَلَى الإِخْتِصَارِ:
أَوَّلًا: الشِّيعَةُ الإِمَامِيَّةُ لَا يَنْفُونَ الصُّحْبَةَ العَامَّةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ وَأَمْثَالِهِ، وَلَكِنْ يَنْفُونَ عَنْهُ الصُّحْبَةَ الَّتِي يَلْزَمُ مِنْهَا الثَّبَاتُ وَالوَفَاءُ، صُحْبَةُ الإِقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللهِ، صُحْبَةُ الوَفَاءِ لِرَسُولِ اللهِ، صُحْبَةُ الثَّبَاتِ عِنْدَ المِحَنِ وَالفِتَنِ، قَالَ تَعَالَى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} العَنْكَبُوتُ 2.
الصُّحْبَةُ الَّتِي لَا تُزَعْزِعُ المَرْءَ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالمِحَنِ، صُحْبَةٌ لَا تُزَعْزِعُهَا الرِّيَاحُ العَوَاصِفُ.
وَالصُّحْبَةُ بِهَذَا المَعْنَى مَفْقُودَةٌ فِي أَغْلَبِ الصَّحَابَةِ.
وَأَمَّا الصُّحْبَةُ بِالمَعْنَى العَامِّ فَيَدْخُلُ فِيهَا المُنَافِقُونَ وَالمُرْتَدُّونَ وَالطُّلَقَاءُ وَالمُخَنَّثُونَ وَمَرَضَى القُلُوبِ وَ... وَهَذِهِ الصُّحْبَةُ لَا قِيمَةَ لَهَا فِي سُوقِ الْعَدَالَةِ.
ثَانِيًا: أَحَادِيثُ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي مِنْ رِوَايَاتِ العَامَّةِ، وَنَحْنُ غَيْرُ مُلْزَمِينَ بِهَا، إِذْ مِنْ آدَابِ الإِحْتِجَاجِ عَلَى الطَّرَفِ المُقَابِلِ أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِمَا صَحَّ فِي كُتُبِهِ، وَرِوَايَاتُ كُتُبِكُمْ لَا تَصِحُّ عِنْدَنَا، فَأَغْلَبُ عُلَمَائِكُمْ مَطْعُونٌ فِي عَدَالَتِهِمْ عِنْدَنَا.
ثَالِثًا: أَمَّا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عَ) فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ أَعْلَى مَرَاتِبِ الصُّحْبَةِ، فَلَوْ نَفَيْنَا عَنْهُ الصُّحْبَةَ لَمَا ثَبَتَتْ الصُّحْبَةُ لِأَحَدٍ.
رَابِعًا: الشِّيعَةُ الإِمَامِيَّةُ لَا يَسُبُّونَ الصَّحَابَةَ، وَإِنَّمَا يَتَبَرَّؤُونَ مِنْ الَّذِينَ انْقَلَبُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَنَكَثُوا العُهُودَ وَالمَوَاثِيقَ، وَغَيَّرُوا وَبَدَّلُوا.
وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.
اترك تعليق