سلسلة سؤال وجواب حول التوحيد (5)
التوحيد في الربوبية
س1: ما معنى الربّ لغةً؟
ج: الربّ: لغةً: قال ابن منظور: الربّ: يُطلق على المالك والسيد والمُدبِّر والمربي والقيِّم والمنعم, وقال أيضاً: ولا يُطلق غير مضاف, إلا على الله – عز وجل – وإذا اُطلق على غيره اُضيف فقيل: ربُّ كذا ))1 .
س2: ما معنى الربوبيّة إصطلاحاً؟الربوبيّة: اصطلاحا: هي صفةٌ ثابتةٌ لله سبحانه, معناها التصرف والمُدبريّة للكون بالإستقلال, إذ لا مُدَبِّرَ في الوجود مستقلاً إلا هو سبحانه.
س3: ما معنى التوحيد في الربوبيّة؟معناه: الإعتقاد بأنّه لا مُدبِّر في الوجود مستقلاً إلا الله جلّت قدرته, فهو المتصرف والمُدبِّر دون سواه.
بمعنى أنّنا نعتقد أنّ الله سبحانه وتعالى, هو متصرف بالخلق والرزق والإحياء والإماتة, وكل أفعاله تعالى, فهو مستقل فيها ولا متسلّط عليها إلا هو, ولا مُدبّر لها إلا هو, فإنّ هذا العالم على نظمه وترتيبه, المتجانس والمعقد, يستحيل أنْ يُدار من موجود ممكن.
فائدة:إذا راجعنا تاريخ الأمم السابقة, نجد أنّها كانت تؤمن بأنّ لا خالق إلا الله تعالى, أي كانت تؤمن بتوحيد الخالقية, فهم يعتقدون بأنّ الله سبحانه وتعالى, هو الذي خلق السماوات والأرض وكل ما في الوجود, وهو ما يشير إليه قوله تعالى: ((ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنّ الله))2
* وقوله تعالى: ((ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنّ خلقهنّ العزيز العليم))3
إلى غيرها من الآيات الشريفة, وواضح منها أنّه لا مشكلة في التوحيد في الخالقية, وإنّما تظهر المشكلة في التوحيد في الربوبية وفي العبادة, فإنّ هؤلاء, وحتى أصحاب قريش اعتقدوا اعتقاداً باطلاً, وهو أنّ الله سبحانه قد فوض بعض الأفعال إلى بعض الموجودات, فقالوا بأنّ هذه الموجودات - الأصنام والأوثان - مُدبّرة, فهي تُنزل المطر والرزق والإحياء والإماتة وغير ذلك, ومن ثمَّ توجوا لها في العبادة, فأشركوا في الربوبية وفي العبادة.
* ولذا قال تعالى: (( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنّ الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إنْ أرادني الله بضرٍ هل هنّ كاشفاتُ ضره أو أرادني برحمةٍ هل هنّ ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون))4
نعم, فإنّ هؤلاء لا يعتقدون أنّ هذه الأصنام الحجرية والخشبية هي ذاتها المتصرفة والمدبرة للكون, بل كانوا يعتقدون أنّ هناك آلهة قد فوض الله سبحانه التدبيّر والتصرف إليها, ولما لم تكن تحت أنظارهم عمدوا إلى تجسيدهم من خلال صنع أصنامٍ لهم, فنسبوا إليها التدبّير, وقاموا بعبادتها عوضاً عن الآلهة المزعومة, ولعل الجهلة منهم لم يميّز ذلك, فقاموا بعبادة نفس الصنم أو الوثن بظنه هو الرب فعلاً.5
_______________________
1- لسان العرب, أبن منظور.
2- سورة لقمان : 25 .
3- سورة الزخرف : 9 .
4- سورة الزمر : 38 .
5- أنظر الإلهيات , للشيخ السبحاني , ج2 , ص62 .
اترك تعليق