سُؤَالٌ حَوْلَ آيَةِ: (عَبَسَ وَتَوَلَّى) وَعُثمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
أَبُو شِهَابٍ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ. اذْكُرُوا لَنَا الأَدِلَّةَ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ سُورَةَ (عَبَسَ وَتَوَلَّى) نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ؟
الأَخُ أَبُو شِهَابٍ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
لَا نَعْرِفُ لِمَاذَا هَذَا الإِصْرَارُ مِنَ البَعْضِ فِي السَّعْيِ لِتَبْرِئَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِنْ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ نُزُولُهَا فِيهِ مَنْقَصَةً فَكَيْفَ تَرْضَوْنَ ذَلِكَ لِنَبِيِّكُمْ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حِينَ تُصَرِّحُونَ فِي مَرْوِيَّاتِكُمْ بِنُزُولِهَا فِيهِ؟!!
وَإِنْ كَانَ نُزُولُهَا فِيهِ مَنْقَبَةً، فَلِمَاذَا تَدْفَعُونَ المَنَاقِبَ إِذَا جَاءَتْ مِنْ كُتُبِ مُخَالِفِيكُمْ، فَالفَضْلُ كَمَا يُقَالُ: مَا شَهِدَ بِهِ الأَعْدَاءُ أَوْ المُخَالِفُونَ؟!!
أَمَّا إِذَا كُنْتُمْ تَبْحَثُونَ عَنِ الحَقِيقَةِ بِمَا هِيَ حَقِيقَةٌ، فَدَعْوَى نُزُولِهَا فِي النَّبِيِّ الأَقْدَسِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) غَيْرُ مَقْبُولَةٍ نَقْلًا وَعَقْلًا.
أَمَّا النَّقْلُ فَقَدْ طَعَنَ بَعْضُ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الرِّوَايَاتِ الوَارِدَةِ فِي شَأْنِ نُزُولِهَا بِالنَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ).
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي "فَتْحِ القَدِيرِ" 5: 386: (قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فِيهِ غَرَابَةٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي إِسْنَادِهِ). انْتَهَى.
وَجَاءَ عَنِ القُرْطُبِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ دَعْوَى لِقَاءِ كِبَارِ المُشْرِكِينَ مَعَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ عِنْدَ النَّبِيِّ (ص): (وَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ وَجَهْلٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَحَقَّقُوا الدِّينَ، ذَلِكَ أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ وَالوَلِيدَ كَانَا بِمَكَّةَ، وَابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ بِالمَدِينَةِ، مَا حَضَرَ مَعَهُمَا، وَلَا حَضَرَا مَعَهُ، وَكَانَ مَوْتُهُمَا كَافِرَيْنِ، أَحَدُهُمَا قَبْلَ الهِجْرَةِ، وَالآخَرُ بِبَدْرٍ، وَلَمْ يَقْصِدْ قَطُّ أُمِّيَّةُ المَدِينَةَ، وَلَا حَضَرَ عِنْدَهُ مُفْرَدًا، وَلَا مَعَ أَحَدٍ). [تَفْسِيرُ القُرْطُبِيِّ 19: 212].
وَأَمَّا عَقْلًا; لِأَنَّ العُبُوسَ وَالتَّوَلِّيَ عَنِ المُؤْمِنِ وَقْتَ حَاجَتِهِ وَسُؤَالِهِ هُوَ مِنْ رَذَائِلِ الأَخْلَاقِ، وَرَذَائِلُ الأَخْلَاقِ تَتَنَافَى مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَصْدُرَ هَذَا الفِعْلُ الرَّذِيلُ مِنَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لمُنَافَاتِهِ لِلثَّابِتِ القَطْعِيِّ مِنْ عَظَمَةِ أَخْلَاقِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ).
يَبْقَى السُّؤَالُ عَنْ هَذِهِ الوَاقِعَةِ فِيمَنْ نَزَلَتْ؟!
تَقُولُ بَعْضُ مَرْوِيَّاتِنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَفِي بَعْضِهَا الآخَرُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ، وَعَلَى كِلَا الأَمْرَيْنِ لَا يُوجَدُ مَحْذُورٌ عَقْلِيٌّ فِي ذَلِكَ كَمَا هُوَ المَحْذُورُ العَقْلِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ).
وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.
اترك تعليق