اختيارُ النّاقةِ مَكانَ المَسْجِدِ النَّبَويِّ.
الحقوقيُّ أحمدُ الكنانيُّ: لماذا تُركَ اختيارُ مكانِ المسجدِ للنّاقةِ؟ أهوَ احتقارٌ للمسلمينَ؟ أمْ هوَ احترامٌ لقرارِ الحيوانِ بجعلِهِ يحدِّدُ مكانَ العبادة؟ أرجو توضيحَ ذلكَ لتعمَّ الفائدةُ.
الأخُ المحترمُ، السَّلامُ عليْكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
تحديدُ مكانِ بناءِ المسجدِ بحسبِ بعضِ الرِّواياتِ التّاريخيَّةِ كانَ عنْ طريقِ ناقةِ الرَّسولِ الأكرمِ (ص) عندَما قالَ: (دَعُوها إنَّها مَأْمُورَةٌ)، وبالتّالي كانتِ النّاقةُ تتحرَّكُ بأمرِ اللهِ وإرادتِهِ، وفي ذلكَ تثبيتٌ لقلوبِ المؤمنينَ الذينَ خرجوا لاستقبالِهِ عندَ مقدَمِهِ الشَّريفِ، وزيادةٌ في إيمانِهمْ برسالةِ الرَّسولِ (ص)، وفيهِ أيضاً سدٌّ لبابِ الاختلافِ والتَّنازُعِ بينَ الأنصارِ الذينَ كانَ كلُّ واحدٍ منْهمْ حريصاً على أنْ يتشرَّفَ بأنْ يكونَ المسجدُ في أرضِهِ ودارِهِ. وإذا نظرَ أيُّ محلِّلٍ إلى هذا الحدثِ التّاريخيِّ لا يمكنُ أنْ يفهمَ منْهُ المعانيَ التي أشارَ إليْها صاحبُ السُّؤالِ، فالاستعانةُ بوسيلةٍ مادِّيَّةٍ أوْ حيَوانيَّةٍ لتحديدِ المكانِ ليسَ فيها احتقارٌ للمسلمينَ لا منْ قريبٍ ولا منْ بعيدٍ، والنّاقةُ ليستْ إلّا وسيلةً محايدةً لاختيارِ مكانِ المسجدِ. وفي الاتِّجاهِ الآخرِ ليسَ في هذا الحدثِ احترامٌ لقرارِ الحيَوانِ؛ لأنَّ القرارَ ليسَ قرارَهُ، وإنَّما هوَ قرارُ اللهِ تعالى، ومعَ أنَّ الحيَوانَ في التَّعاليمِ الإسلاميَّةِ محترمٌ، إلّا أنَّ احترامَهُ لا يمكنُ استنباطُهُ منْ هذا الحدثِ؛ لكونِهِ حدثاً محايداً ليسَ ناظراً لمكانةِ المسلمينَ أوْ إلى مكانةِ الحيَوانِ، وإنَّما هوَ ناظرٌ إلى تحديدِ مكانِ المسجدِ فقطْ.
ودُمْتُمْ سالِمِينَ.
اترك تعليق