كيفَ نَتخلَّصُ مِنَ النِّفاقِ ؟!!
حُسينُ التّميميّ: السَّلامُ عَليكُم ورَحمَةُ اللهِ و برَكاتُهُ .. أُريدُ أنْ أعرفَ كيفَ نتخلَّصُ منَ النِّفاقِ و أكونُ ممنوناً منكم و جزاكُمُ اللهُ عنّا خيراً.
الجواب:
الأخُ حسينٌ المُحترَمُ، السَّلامُ عليكُم ورحمَةُ اللهِ وبركاتُهُ
النِّفاقُ والإيمانُ ضِدّانِ ، فكُلمّا قلَّ الإيمانُ باللهِ وقلَّ الإلتزامُ بالشَّريعَةِ إزدادَ النِّفاقُ ، فالعِلاقَةُ عَكسيَّةٌ بينَ الإثنينِ ، والتَّخلُّصُ مِنهُ يَكونُ بالتَّوبةِ النَّصوحِ للهِ عزّوجلَّ ، ثُمَّ التَّقرُّبِ إلى اللهِ بالعِبادَةِ وقِراءَةِ القُرآنِ ، فالعاقلُ لا يَرضى لِنفسهِ أنْ يَكونَ غداً في الدَّركِ الأسفلِ مِنَ النّارِ ، الّذي هوَ مكانُ المُنافقينَ كما صرَّحَ بهِ القرآنُ الكريمُ : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ) النِّساء : 145.
وجاءَ عَنْ رَسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآلهِ وسلَّم قولُهُ : ( يَجيءُ يومَ القيامَةِ ذو الوَجهينِ دالِعاً لِسانَهُ في قَفاه وآخرُ مِنْ قُدّامهِ يَلتهبانِ ناراً حتّى يُلهِبا جَسَدَهُ، ثُمَّ يقالُ هذا الّذي كانَ في الدّنيا ذا وجهَينِ ولِسانَينِ يُعرَفُ بذلكَ يومَ القيامَةِ) . [ وسائل الشّيعةُ، المُجلَّدُ الثّامن، البابُ 143، مِنْ أبوابِ العِشرَة، حديث 5]
وجاءَ عَنِ الإمامِ الصّادقِ عليهِ السَّلامُ، قالَ: "مَنْ لَقِيَ المُسْلِمِين بِوَجْهَيْنِ وَلِسَانَيْنِ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَهُ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ" [ أصولُ الكافي، المجلَّدُ الثّاني، كتابُ الإيمانِ والكفرِ بابُ ذي اللّسانين، ح 1]
وجاءَ عَنِ الإمامِ الباقرِ (عليهِ السّلامُ): " لَبِئسَ العبدُ عبدٌ يكونُ ذا وَجهَينِ وذا لِسانين، يُطري أخاهُ شاهداً ويأكلهُ غائباً، إنْ أُعطِيَ حسدَهُ، وإنْ إبتُلِيَ خذَلَهُ " [ الكافي 2: 343]
جاءَ في " جامِعِ السَّعاداتِ " للشَّيخِ النَّراقي : ( النِّفاقُ وهوَ مخالفَةُ السِّرِّ والعَلَن ، سَواءٌ كانَ في الإيمانِ أو في الطّاعاتِ أو في المُعاشَراتِ معَ النّاسِ ، وسواءٌ قصَدَ بهِ طلَبَ الجاهِ والمالِ أم لا . وعلى هذا فهوَ أعَمُّ مِنَ الرِّياءِ مُطلقاً ، وإنْ خُصَّ بِمُخالفةِ القلبِ واللّسانِ أو بمخالفَةِ الظّاهرِ والباطِنِ في مُعاملَةِ النّاسِ ومُصاحبَتِهم ، فبَينَهُما عُمومٌ وخُصوصٌ مِنْ وجهٍ وعلى التَّقاديرِ ، إن كانَ باعِثُهُ الجُبنُ فهوَ مِنْ رَذائلِ قوَّةِ الغَضَبِ مِنْ جانِبِ التَّفريطِ ، وإنْ كانَ باعثُهُ طلَبُ الجاهِ فهوَ مِنْ رذائِلِها مِنْ جانِبِ الإفراطِ وإنْ كانَ منشأَ تَحصيلِ مالٍ أو مَنْكحٍ فهوَ مِنْ رَداءَةِ قوَّةِ الشَّهوةِ . ولا ريبَ في أنَّهُ مِنَ المُهلكاتِ العَظيمةِ ، وقَد تعاضدَتِ الآياتُ والأخبارُ على ذَمِّهِ ).
ثمَّ قالَ : ( وأشَدُّ أنواعِ النّفاقِ - بعدَ كفرِ النِّفاقِ - كونُ الرَّجلِ ذا وجهَينِ ولِسانَينِ ، بأنْ يمدَحَ أخاهُ المسلمَ في حُضورِهِ ويُظهِرَ لهُ المحبَّةَ والنَّصيحةَ ، ويَذُمَّهُ في غيبتِهِ ويؤذيَهُ بالسَّبِّ والسِّعايَةِ إلى الظالمين وهتكِ عرضِهِ وإتلافِ مالهِ وغيرِ ذلكَ ، وبأنْ يتردَّدَ بينَ مُتعادِيَيْنِ ويتكلَّمَ لكُلِّ واحدٍ بكلامٍ يوافِقُهُ ، ويُحَسِّنَ لكُلِّ واحدٍ مِنهُما ما هوَ عليهِ مِنَ المُعاداةِ معَ صاحِبهِ ويَمدحَهُ على ذلكَ ، أو يَعِدَ كُلَّ واحدٍ مِنهُما أنَّهُ ينصرُهُ ، أو يَنقلَ كلامَ كُلِّ واحدٍ إلى الآخرِ . وهذا شَرُّ مِنَ النَّميمةِ الّتي هِيَ النَقْلُ مِنْ أحدِ الجانِبَينِ . وبالجُملَةِ : هوَ بِجميعِ أقسامهِ مَذمومٌ مُحرَّمٌ) . إنتهى [ جامِعُ السَّعاداتِ 2: 219]
ودُمتُم سالِمين.
اترك تعليق