الحَدِيثُ المُتَوَاتِرُ مِنْ حَيثُ المَعنَى، وَكَيفَ نَعرِفُ ذَلِكَ ؟

أَيُّوبُ/الأُردُنُ/: السَّلَامُ عَلَيكُم .. أَخِي الكَرِيمُ مُمكِنُ سُؤَالٌ وَهُوَ: كَيفَ نَجمَعُ الحَدِيثَ المُتَوَاتِرَ بِالمَعنَى وَمَا هِيَ طُرُقِ مَعرِفَتِهِ؟

: اللجنة العلمية

الأَخُ أَيُّوبُ المُحْتَرَمُ:

السَّلامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ ٱللهِ وَبَرَكَاتُهُ

 إِنَّ الحَدِيثَ المُتَوَاتِرَ مِنْ حَيثُ المَعنَى هُوَ ذَلِكَ الحَدِيثِ الَّذِي تَعَدّدَتْ طرقهُ، وٱختَلَفَت فِيهِ أَلفَاظُ المُخبِرِينَ، وَلَكنْ كُلُّ الصِّيَغِ المَنقُولَةِ تَشتَمِلُ عَلَى مَعنَىً مُشتَرُكٌ بَينَهَا إِمَّا بِالتَّضَمُّنِ وَإِمَّا بِالإِلتِزَامِ.

وَأَمَّا كَيفَ نَعرِفُ ذَلِكَ؟ فَهَذَا نُوَضِّحُهُ مِنْ خلال الأمثلة التالية: إِذَا أَخبَر شَخصٌ أَنَّ زَيدَاً ضَرَبَ عَمْرَاً، وَأَخبَرَ شَخصٌ ثانٍ أَنَّ زَيدَاً ضَرَبَ بَكرَاً، وَأَخبَرَ شَخصٌ ثَالِثٌ أَنَّ زَيدَاً ضَرَبَ خَالِدَاً وَأَخبَرَ شَخصٌ رَابِعٌ أنّ زَيدَاً ضَرَبَ أَيُّوبَ، وَهَكَذَا تَتَعَدَّدُ الأَخْبَارُ إِلَى أَنْ تَبلُغَ الكَثْرَةُ حَدَّ التَّوَاتُرِ، فَهَنَا وَإِنْ كَانَتْ صِيَغُ الأَخْبَارِ مُختَلِفَةً مِنْ جِهَةِ أَنَّ الشَّخصَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيهِ الضَربُ مُتَعَدِّدٌ، لكنْ بِالتَأَمُّلِ فِيهَا تَجِدُ أَنَّ هَذِهِ الأَخْبَارَ تَشتَمِلُ عَلَى مَعنَىً مُشتَرِكٍ بَينَهَا يَتَضَمَّنُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَخْبَارِ، وَهَذَا المَعنَى المُشتَرَكُ هُوَ أَنَّ الضَربَ قَدْ صَدَرَ مِنْ زَيدٍ. مِثَالٌ آخَرَ: الأَخْبَارُ العَدِيدَةِ الوَارِدَةُ فِي مَقَامِ  أَفعَالِ الإِمَامِ عَلِيّ ﴿ع﴾ وَمَا كَانَ يَقُومُ بِهِ فِي الحُرُوبِ، فَمَثَلَاً أَفعَالُهُ فِي مَعرَكَةِ بَدرٍ غَيرُ أَفعَالِهِ فِي مَعرَكَةِ أُحُدَ، وَهِيَ أَيضَاً تَختَلِفُ عَمَّا قَامَ بِهِ فِي مَعرَكَةِ الخَندَقِ أَو مَا قَامَ بِهِ مَعَ عَمرِو بْنِ ودٍّ العَامِرِيّ، وَغَيرِها مَنَ المَعَارِكِ الَّتِي خَاضَهَا دِفَاعَاً عَنِ الإِسلَامِ وَالمُسلِمِينَ، لَكِنَّ هَذِهِ الأَخْبَارَ وَإِنْ كَانَتْ مُختَلِفَةً إِلَّا أَنَّهَا تَشتَرِكُ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى شَجَاعَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ﴿ع﴾ بِالإِلتِزَامِ. أَظُنُّنِيْ يَلزَمُ مِنْ هَذِهِ الأَخْبَارِ المُختَلِفِ أَنَّ نَستخرِجَ مَعنَىً جَامُعَاً بَينَها حَاصِلُهُ: أَنَّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ﴿ع﴾ شُجَاعٌ. هَكَذَا يَتَحَقَّقُ الحَدِيثُ الٰمُتَوَاتِرِ بالمـَعنَى إمَّا بِالتَّضَمُّنِ، وَإِمَّا بِالإِلتِزَامِ. 

وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ