مُصْطَلَحُ الإِسنادِ العَالِي والإِسنَادِ النَّازِلِ؟
زَيدٌ/ العِرَاقُ: السَّلامُ عَليكُم .. مَا هُو المُرادُ بالإِسنادِ العَالِي والإِسنادِ النَّازلِ الَّذي يَستَعمِلُهُ عُلَماءُ الحَدِيثِ فِي حُكمِهِم على بَعضِ الأَحادِيثِ؟
الأَخُ زَيدٌ المُحتَرَمُ:
السَّلَامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ ٱللهِ وَبَرَكَاتُه:
إِنَّ المُرادَ بالإِسنادِ العَالِي هُو الحَدِيثُ الَّذي قَلَّ عَدَدُ رِجالِ سَندِهِ معَ الٱتِّصَالِ، بالنِّسبَةِ إِلى سَنَدٍ آخَرَ يَرِدُ بهِ ذلك الحَدِيثُ نفسُهُ بعَدَدٍ أَكثرَ مِن رِجالِ السَّنَدِ، وأَمَّا الإِسنادُ النَّازِلُ فهُو عَكسُ الإِسنادِ العَالي، أَيْ هُو الحَدِيثُ الَّذي كَثُرَ عَدَدُ رِجالِ سَندِهِ مَعَ الٱتّصَالِ، بالنِّسبَةِ إلى سَنَدٍ آخَرَ يَرِدُ بهِ ذلكَ الحَدِيثُ نَفسُهُ بِعَدَدٍ أَقَلَّ مِن رِجالِ السَّنَدِ. فمَثلاً: لو قلنا: إنَّ البُخاريّ يَسنِدُ حَدِيثاً مُعَيَّناً بِواسِطةِ ثلاثةٍ مِنَ الرّوَاةِ إِلى أَحَدِ المَشايخِ الكِبارِ، ولِيَكُنْ الزُّهَرِيّ، فيَروِي عنهُ حَدِيثاً مُسنَداً بهَذا النَّحوِ، حيثُ يَقولُ البُخاريّ: حَدَّثَنا أَحمدُ بنُ حَنبلَ حَدَّثَنا إِسماعِيلُ بنُ عَيَّاش عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمَّدٍ المَروِزيّ عنِ الزُّهَرِيّ عن عَطاءِ بنِ يَسارٍ عن أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ (ص) قال: لا زَكاةَ إِلَّا في أُمورٍ ثَلاثَةٍ. في حِين نَجِدُ مُسلِمَ بنَ الحَجَّاجِ يَروِي نَفسَ هذهِ الرّوَايةِ بِواسِطةِ ٱثنَينِ مِنَ الرُّوَاةِ إِلى الزُّهَرِيّ نَفسِهِ بهَذا النَّحوِ: فيقُولُ مُسلِمٌ حَدَّثَنا يَحيَى بنُ يَحيَى النَّيسَابُورِيّ حَدَّثَنا سُفيَانُ عنِ الزُّهَرِيّ عن عَطاءِ بنِ يَسارٍ عن أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ (ص) قال: لا زَكاةَ إِلَّا في أُمورٍ ثَلاثَةٍ. هُنا المُحَقِّقونَ مِن عُلماءِ الحَدِيثِ يُفَضِّلُونَ إِسنادَ مُسلِمٍ على إِسنادِ البُخارِيّ، وإِنْ كانَ كلٌّ مِنهُما مُتَّصِلاً وصَحِيحَاً؛ وذلكَ لأَنَّ إِسنادَ مُسلِمٍ يُعتَبرُ مِنَ الإِسنادِ العالي الَّذي قَلَّ عَدَدُ رُوًاتِهِ، في حِين أَنَّ إِسنادَ البُخارِيّ يُعتَبرُ مِنَ الإِسنادِ النَّازِلِ الَّذي كَثُرَ رُوَاتُهُ، والإِسنادُ العالِي مَرغُوبٌ فيهِ عِندَ أَهلِ الحَدِيثِ؛ لأَنَّهم يَعتَبِرُونَه ُسُنَّةً عمَّن سَلَفَ، بلْ إِنَّ يحيَى بنَ مُعِينٍ - وهُو أَحَدُ أَئِمَّةِ الجَرحِ والتَّعدِيلِ عِندَ أَهلِ السُّنَّةِ - قَدْ قِيلَ لهُ في مَرَضِهِ الَّذي ماتَ فيهِ: ما تَشتَهي؟ قال: بَيتٌ خالٍ، وإِسنادٌ عالٍ. ومَن أَرادَ الزِّيادَةَ والتَّفصِيلَ فلِيَنظُر: البابَ التَّاسِعَ والعِشرينَ مِن عُلومِ الحَدِيثِ، كمُقدِّمةِ ٱبنِ الصَّلاحِ أَو تَدريبِ الرَّاوِي لِلسُّيوطِيّ وغَيرِهِ.
ودُمتُم سالِمِين
اترك تعليق