نُبذَةٌ عنِ السَّيِّدَةِ نَفِيسةَ حَفِيدةِ الإِمامِ الحَسَنِ (ع).
عَلِيُّ رِضا: السَّلَامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ ٱللهِ وَبَرَكَاتُه .. أُذكُروا لَنَا سِيرةَ حَياةِ السَّيِّدَةِ نَفِيسةَ الحَسَنِيَّةِ (رَضِيَ اللهُ عَنهَا).
الأَخُ عَلِيٌّ المُحتَرَمُ:
السَّلَامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ ٱللهِ وَبَرَكَاتُه:
وُلِدَتِ السَّيِّدَةُ نَفِيسةُ بِنتُ الحَسَنِ الأَنورِ بنِ زَيدٍ بنِ الإِمامِ الحَسَنِ (عليهِ السَّلامُ) في الحادِي عَشَرَ مِن رَبيعٍ الأَوَّلِ سنةَ 145 هـ في مكَّةَ المُكرَّمةِ في بيتِ علمٍ ووَرَعٍ وَتقوَى، عاشَت مَعَ أَبِيها في المَدينةِ المُنوَّرةِ في الدَّارِ الَّتي تَقَعُ في الجانِبِ الغَربيّ مِنَ المَدينةِ مُقابِلَ بيتِ الإِمامِ الصَّادق ِ(عليهِ السَّلامُ)، عِندَما بلغتِ الخامِسةَ عَشرةَ زَوَّجها أَبُوها مِن إِسحاقَ المُؤتَمنِ بنِ الإِمامِ الصَّادقِ (عليهِ السَّلامُ) نَتيجةَ رُؤيا رآها، وقد أَنجَبتْ لإِسحاقَ وَليدَينِ، هُما: القاسِمُ وأُمُّ كُلثُومَ.
في سنةِ 193 هـ رحلتِ السَّيِّدَةُ نَفيسةُ مَعَ أُسرَتها إِلى مِصرَ، وحينَ علمَ أَهلُ مِصرَ بِقدُومِهم خرجوا لٱسْتِقبالِهم في العَريشِ. وصلتْ نفيسةُ إِلى القاهِرةِ في 26 رمضانَ 193 هـ، ورَحَّبَ بها أَهلُ مِصرَ. قال صاحبُ "ناسخِ التَّوارِيخِ": عظيمةُ الشَّأنِ رَفيعةُ المَنزلةِ مِثالُ العِفَّةِ وكانَ بيتُها مَلاذاً لِلناسِ.
سَكَنَتْ مَعَ زَوجِها في بيتِ أَحدِ التُّجَّارِ المِصريِّينَ يُعرَفُ بجَمالِ الدِّينِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ الجَصَّاصِ ثُمَّ ٱنٔتَقَلَتْ بعدَ عدَّةِ شُهورٍ إِلى بيتِ أُمِّ هانِئ ومِنها إِلى بيتِ أَبي السَّرايا أَيُّوبَ بنِ صابرٍ.
وأَقبلَ عليها المِصريُّونَ يلتمِسُونَ مِنها العلمَ حتَّى كادوا يَشغلُونَها عمَّا ٱعْتادَتْ عليهِ مِنْ عِباداتٍ، فَخَرَجَتْ عليهِم قائِلةً: «كُنتُ قدِ ٱعْتَزَمْتُ المَقامَ عِندَكم، غَيرَ أَنِّي ٱمرأةٌ ضَعِيفةٌ، وقد تَكاثرَ حَولي النَّاسُ فَشَغَلُوني عنْ أَورادِي، وجَمعِ زادِ مَعادِي، وقدْ زادَ حَنيني إِلى رَوضةِ جَدِّي المُصطَفى.» ففَزِعُوا لِقَولِها، ورَفَضُوا رحيلَها، حتَّى تدخَّلَ والي مِصرَ السَّري بنُ الحَكَمِ وقالَ لهَا: «يا ٱبنةَ رَسُولِ اللهِ، إِنِّي كَفيلٌ بإِزالةِ ما تَشكِينَ مِنهُ». فوَهَبَها داراً واسِعةً، وحدَّدَ يَومينِ في الأُسبُوعِ يَزُورها النَّاسُ فِيهما طلباً لِلعلمِ والنَّصِيحةِ؛ لِتَتفرَّغَ هي لِلعبادةِ بَقيَّةَ الأُسبوعِ. فرَضِيَتْ وبَقِيَتْ (رَضوانُ اللهِ عَليهَا) حتَّى وافاها الأَجلُ هُناكَ.
مِن فَضائِلها: أَنَّها كانتْ يُغشَى عَليهَا عِندَما تَمُرُّ بقولهِ تعالى: (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
كمَا ذَكَرُوا أَنَّها حَجَّتْ أَكثرَ مِن ثَلاثِينَ حَجَّةً أَكثرُها مَاشِيةً.
وكانتْ كَثيرةَ البُكاءِ خَشيةً مِنَ اللهِ تَعالى وكانتْ تُحيِي اللَّيلَ بالعِبادةِ والتَّضرُّعِ والتَّهجُّدِ، كَثيرةَ الصِّيامِ.
وقِيلَ إِنَّها حَفَرَتْ قَبرَها _ الَّذي دُفِنَتْ فيهِ _ بِيدَيها، وكانتْ تَنزِلُ فيهِ وتُصلِّي كَثيراً، وخَتَمَتْ فيهِ المُصحفَ عَشَرَاتِ المَرَّاتِ وهِي تَبكي بُكاءً شَديداً.
[المَصَادِرُ: طَبقاتُ الكِرامِ لِآغَا بُزُرگ الطَّهرَانيّ، إِعْتِمادُ السَّلطَنَةِ، المَآثِرُ والآثارُ لِمُحَمَّدِ حَسَنِ خان، أَعلامُ النِّساءِ لِعُمَرَ رِضَا كِحَالة، كَريمةُ الدَّارَينِ لِلنَّبَوِيِّ جَبرِ سِراج].
ودُمتُم سالِمِينَ
اترك تعليق