تصدّقُ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليهِ السّلامُ) بالخاتمِ ثابتٌ بإجماعِ المسلمينَ
أبو عبد الرحمن/: مِن أدلّةِ بُطلانِ إستدلالِ الشّيعةِ بقولهِم: إنَّ عليّاً أعطى خاتمهُ زكاةً فِي حالِ ركوعهِ فنزلتِ الآيةُ – أنّهُ مخالفٌ للواقعِ؛ لأنَّ عليّاً رضيَ اللهُ عنهُ لم يكُنْ ممَّن تجبُ عليهِ الزّكاةُ على عهدِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، فإنّهُ كانَ فقيراً، وزكاةُ الفضّةِ إنّمَا تجبُ على مَن ملكَ المِقدارَ المعيّنَ لمدّةِ عامٍ كاملٍ وعليٌّ لم يكُنْ مِن هؤلاءِ لِما جاءَ فِي بحارِ الأنوارِ ج41 ص30 تأريخُ أميرِ المؤمنينَ.
الأخُ أبو عبدِ الرّحمنِ المحترمُ، السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ
بالنّسبةِ لتصدّقِ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليهِ السّلامُ) بالخاتمِ أثناءَ صلاتهِ، وهوَ الموردُ الذي نزلَ فيهِ قولهُ تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}، المائدة:55، فهوَ أمرٌ ثابتٌ بإجماعِ المفسِّرينَ:
1- قالَ القاضِي عضدُ الدّينِ الأيجي في كتابهِ (المواقفُ فِي علمِ الكلامِ): ((وأجمعَ أئمّةُ التّفسيرِ أنَّ المرادَ عليٌّ)). [المواقفُ في علمِ الكلامِ 3:641].
2- قالَ الشّريفُ الجُرجانيُّ فِي (شرحِ المواقفِ): ((وقَد أجمعَ أئمّةُ التّفسيرِ على أنَّ المرادَ بـ: (الّذين يقيمونَ الصّلاةَ) إلى قولهِ تعالى (وهُم راكعونَ) عليٌّ، فإنّهُ كانَ فِي الصّلاةِ راكعاً فسألهُ سائلٌ فأعطاهُ خاتمهُ، فنزلتِ الآيةُ)). [شرحُ المواقفِ 3:641].
3- قالَ سعدُ الدّينِ التّفتازانيُّ فِي (شرحِ المقاصدِ): ((نزلَت باتّفاقِ المفسّرينَ فِي عليٍّ بنِ أبِي طالبٍ - رضيَ اللهُ عنهُ - حينَ أعطى خاتمهُ وهوَ راكعٌ فِي صلاتهِ)). [شرحُ المقاصدِ 2:288].
4- قالَ القوشجيُّ فِي (شرحِ تجريدِ الاعتقادِ): ((أنّهَا نزلَت باتّفاقِ المفسّرينَ فِي حقِّ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ حينَ أعطى السّائلَ خاتمهُ وهوَ راكعٌ فِي صلاتهِ)). [شرحُ تجريدِ الاعتقادِ:368].
5- وقالَ إبنُ حجرٍ الهيثميُّ فِي (الصّواعقِ المحرقةِ): ((وقَد أجمعَ أهلُ التّفسيرِ على أنَّ المرادَ بالذينَ يقيمونَ الصّلاةَ ويؤتونَ الزّكاةَ وهم راكعونَ، عليٌّ، إذ سببُ نزولِهَا أنّهُ سُئِلَ وهوَ راكعٌ فأعطى خاتمهُ)). [الصّواعقُ المحرقةُ:120].
6- وعنِ الآلوسي فِي (روحِ المعانِي): ((والآيةُ عندَ معظمِ المحدِّثينَ نزلَتْ فِي عليٍّ كرّمَ اللهُ وجههُ)). [روحُ المعانِي 6:186].
7-وعنِ السّيوطيِّ فِي (أسبابِ النّزولِ) بعدَ ذكرهِ لمجموعةٍ منَ الرّواياتِ فِي الحادثةِ، قالَ: ((فهذهِ شواهدُ يقوّي بعضُهَا بعضاً)). [أسبابُ النّزولِ:104].
8-وعنِ إبنِ عطيّةَ الأندلسي فِي (المحرّرُ الوجيزُ فِي تفسيرِ الكتابِ العزيزِ) عندَ تفسيرهِ للآيةِ الكريمةِ: ((إتّفقَ أنَّ عليّاً أعطى صدقةً وهوَ راكعٌ)).
9- وجاءَ فِي تفسيرِ أبي حاتمٍ، الذي صرّحَ في أوّلِ تفسيرهِ أنّهُ لا يوردُ فيهِ إلّا الأحاديثَ والآثارَ الصّحيحةَ، أنّهَا نزلَت فِي عليٍّ (عليهِ السّلامُ) حينَ تصدّقَ بالخاتمِ. [تفسيرُ القرآنِ العظيمِ لابنِ أبي حاتمٍ:1162].
أمَّا أنّهُ كيفَ تصدّقَ عليٌّ (عليهِ السّلامُ) وهوَ فقيرٌ والزّكاةُ ليسَتْ واجبةً عليهِ؟
يُجيبُنَا العلّامةُ القرطبيُّ - وهوَ مِن أكابرِ علماءِ أهلِ السّنّةِ ومفسّريهِم - على هذا السّؤالِ وأنَّ مَا قامَ بهِ أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السّلامُ) هوَ صدقةُ تطوّعٍ وليسَ زكاةً واجبةً، فقالَ:
((المسألةُ الثّانيةُ: وذلكَ أنَّ سائلاً سألَ فِي مسجدِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فلَم يُعطِهِ أحدٌ شيئاً، وكانَ عليٌّ فِي الصّلاةِ فِي الرّكوعِ وفِي يمينهِ خاتمٌ، فأشارَ إلى السّائلِ بيدهِ حتّى أخذهُ. قالَ إلكِيا الطّبري: وهذا يدلُّ على أنَّ العملَ القليلَ لا يبطِلُ الصّلاةَ، فإنَّ التّصدُّقَ بالخاتمِ فِي الرّكوع ِعملٌ جاءَ بهِ فِي الصّلاةِ ولم تبطُلْ بهِ الصّلاةُ. وقولهُ: "ويؤتونَ الزّكاةَ وهُم راكعونَ" يدلُّ على أنَّ صدقةَ التّطوّعِ تُسمَّى زكاةً؛ فإنَّ عليّاً تصدّقَ بخاتمهِ في الرّكوعِ، وهوَ نظيرُ قولهِ تعالى: "وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ". [الرّومُ:39]. وقَد انتظمَ الفرضُ والنّفلُ، فصارَ إسمُ الزّكاةِ شاملاً للفرضِ والنّفلِ، كإسمِ الصّدقةِ وكإسمِ الصّلاةِ ينتظمُ الأمرانِ)). إنتهى [تفسيرُ الجامعِ لأحكامِ القرآنِ للقرطبيِّ 8:55].
ودمتُم سالِمينَ.
اترك تعليق