لا وجه للمقارنة بين أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) وأبي هريرة.

ابو دجانة/: انتم تعيبون على بعض الصحابة كثرة مروياتهم عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مثل أبي هريرة رضي الله عنه, بينما نجد أن بعض رواة الشيعة فاق أبا هريرة رضي الله عنه في لمرويات. فهذا راوي الإفك والضلال (أبان بن تغلب) روى ثلاثين ألف رواية عن جعفر الصادق رحمه الله تعالى, (.رجال النجاشي 9، وسائل الشيعة 20/116، مجمع الرجال للقهبائي 1/22) وأيضاً (محمد بن مسلم) فيذكرون أنه سمع من الباقر ثلاثين ألف حديث ومن الصادق ستة عشر ألف حديث مع العلم بأنه ملعون على لسان أئمة الشيعة. (رجال النجاشي 224، جامع الرواة 2/143، رجال الكشي 146، وسائل الشيعة 20/343، معجم رجال الحديث 17/253 .) وكذلك (جابر الجعفي), يقولون إنه روى عن الباقر سبعين ألف حديث وعن باقي الأئمة مائة وأربعين ألف حديث (وسائل الشيعة 20/151) . مع أنه لم يدخل على الصادق (إلا) مرة واحدة ولم يراه عند أبيه إلا مرة واحدة: عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن أحاديث جابر. فقال: ما رأيته عند أبي قط إلا مرة واحدة وما دخل عليّ قط (رجال الكشي 169، تنقيح المقال للمامقاني 2/203 ). ولنا أن نتساءل عن كثرة مرويات جابر الجعفي عن الصادق وأبيه، وهو لم يدخل إلا مرة واحدة على والد الصادق ، ويزعم الجعفي أنه روى خمسين ألف حديث ما سمع منه تلك المرويات أحد (رجال الكشي 171، مجمع الرجال 2/9 ). وكان جابر الجعفي الذي يذهب إلى الجبال فيحفر حفرة ويُدلّ رأسه فيها ويقول: حدثني محمد بن علي بكذا وكذا ( رجال الكشي 171، تنقيح المقال 1/202، مجمع الرجال 2/9.)

: اللجنة العلمية

السلام عليكم 

هذه المقارنة بين أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) وأبي هريرة لا وجه لها ؛ لأنّ أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) عاصروا الأئمة لفترات طويلة وبعضهم كان يعاصر أكثر من إمام لفترة طويلة ، وكان أغلبهم يكتب ما يسمعه عن الأئمة ( عليهم السلام ) في أصول سميت بعد ذلك بـ ( الأصول الأربعمائة ) ، تلك الأصول التي اعتمد عليها المحمدون الثلاثة ( محمد بن يعقوب الكليني ومحمد بن علي بن بابويه الصدوق ومحمد بن الحسن الطوسي ) ودونوا ذلك التراث الضخم ( الذي بلغ أربعين ألف حديث ) من أحاديث أئمة العترة الطاهرة في كتب سميت بـ ( الكتب الأربعة ) ، وهي : كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني ، وكتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق ، وكتابي  التهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي . 

هذا بشكلٍ عام ٍعن الرواة من أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) ، أمّا بخصوص المذكورين في مورد السؤال ، فأبان بن تغلب عاصر ثلاثة أئمة من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) هم : الإمام السجاد والإمام الباقر والإمام الصادق ( عليهم السلام ) ، وإذا علمنا أنه قد توفي سنة 141 هـ وأن الإمام الصادق ( عليه السلام ) توفي سنة 148 هـ ، فهذا معناه أنه عاصر الإمام الصادق ( عليه السلام ) أكثر من خمسين عاما على أقل تقدر لأنّ عمر الإمام الصادق ( عليه السلام ) بلغ 68 عاما ، وأبان قد عاصر جدّه وأباه معا ، هذا إذا فرضنا أن أبان تعرّف على الإمام السجّاد ( عليه السلام ) في أواخر حياته ( لأن الإمام السجاد توفي سنة 95 هـ بينما ولادة الصادق عليه السلام كانت 85 هـ ) .

فمدّة خمسين عاما للراوي هي مدّة طبيعة جدّا لرواية ثلاثين ألف رواية عن إمام يفيض علما صباحا ومساءً .

وهذا النبز الوارد في السؤال بحق أبان ( رضوان الله عليه ) بأنّه راوي الأفك والضلال  مردود على صاحبه ؛ لأنّ أبان هو ثقة الطرفين : السنّة والشيعة معا ، فقد قال في حقّه الذهبي بأنّه : الامام المقرئ أبو سعد ... وهو صدوق في نفسه، عالم كبير.[ سير أعلام النبلاء: ٦: ٣٠٨ الرقم ١٣١]

وعن يحيى بن معين وأبي حاتم والنسائي قالوا فيه بأنه : ثقة .[ تهذيب الكمال: ٢ / 7]

وسئل أحمد بن حنبل عن أبان بن تغلب وزياد بن خيثمة فقال: أبان ثقة، كان شعبة يحدث عنه. قيل له: أبان وإدريس الأودي؟ قال: أبان أكثر . [ الجامع في علل ومعرفة الرجال: 2 / 194]

وجاء عن ابن عدي  في حقّه : له أحاديث ونسخ وعامتها مستقيمة إذا روى عنه ثقة، وهو من أهل الصدق في الروايات، وكان مذهبه مذهب الشيعة. [ الجامع في علل ومعرفة الرجال: 2 / 194]

فمثل هذا الراوي الذي يوثقه كبار علماء الجرح والتعديل من أهل السنّة ويقرون بصدقه لا يمكن أن يكون من رواة الأفك والضلال ، اللهم إلا عند مرضى القلوب الذين تكون أهواؤهم هي المسيطرة على نفوسهم .

 

امّا محمد بن مسلم المتوفي سنّة 150 هـ  على أقل الروايات وسنة 177هـ على رواية أخرى  ، والمتولد سنة 80 هـ كان قد عاصر ثلاثة من الأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) ، هم : الإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الكاظم ( عليهم السلام ) ، فهو يكون قد عاش على أقل تقدير سبعين عاما قضاها في خدمة أئمته ( عليهم السلام ) والنهل من علومهم الثرية ، وهذه مدّة كافية جدّا وطبيعية جدّا لرواية هذه الأحاديث التي ذكرت عنه مع طول معاشرته للأئمة ( عليهم السلام ) .

أما دعوى اللعن هذه فهي دعوى سقيمة جدّا لا واقع لها ، بل الرجل على درجة عالية من الوثاقة عند أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) وعند شيعتهم كذلك .

فقد وردت الكثير من الروايات عن أهل بيت العصمة(عليهم السلام) التي تبين مكانة محمد بن مسلم الثقفي عندهم، منها: قول الإمام الباقر عليه السلام فيه لما دخل عليه محمد بن مسلم فقال : بشّر المخبتين ، مشيرا إليه[ انظر : منتهى المقال  للمازندراني ، ج 6، ص 199] وكقول الإمام الصادق عليه السلام عندما سأله عبد الله بن أبي يعفور عن تكليفه إذا سُئل عن شئ ولم يجده فقال له  الإمام عليه السلام: فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي فإنه قد سمع من أبي وكان عنده وجيها [ رجال الكشي، ص 161 - 162] ، وكقول الإمام الصادق عليه السلام: أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة: محمد بن مسلم وبُريد بن معاوية وليث بن البختري المرادي وزرارة بن أعين [ رجال الكشي، ص 238].

وقد قال النجاشي عنه: وجه أصحابنا بالكوفة، فقيه، ورع، صحب أباجعفر وأبا عبد الله عليهما السلام  وروى عنهما وكان من أوثق الناس[ رجال النجاشي، ص 323 - 324].

 وعدّه الشيخ المفيد في رسالته العددية من الفقهاء، والأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والأحكام الذين لا يطعن عليهم، ولا طريق إلى ذم واحد منهم،[ معجم رجال الحديث  للسيد الخوئي ، ج 18، ص 261].

 وقال النراقي: ثقة وجه، فقيه ورع، كان من أوثق الناس في زمانه، صاحب أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام وروى عنهما، وكان من حواريّهما، ومن الأركان الأربعة.[ شعب المقال، ص 133 - 134]

وعنونه الذهبي في ميزانه وقال عنه : وثّقه يحيى بن معين، وقال عبد الرحمن بن مهدي: كتبه صحاح، وقال معروف بن واصل: رأيت سفيان الثوري يكتب بين يديه[ميزان الاعتدال 4: 40] .

 

وأما جابر بن يزيد الجعفي المتوفى سنة 128هـ على رواية ,وعلى قول الذهبي توفي سنة 167هـ ،  فهو قد عاصر الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام ) ، فهو يكون ممن عاشر الإمامين ( عليهما السلام ) فترة طويلة أيضا تلائم كمية الأحاديث التي رواها عن أئمة العترة الطاهرة ، 

وأما قول الصادق عليه السلام ، في موثقة زرارة ( بابن بكير ) : ما رأيته عند أبي إلا مرة واحدة ، وما دخل علي قط ، فلابد من حمله على نحو من التورية ،كما يذكر ذلك السيد الخوئي في " معجم رجال الحديث " حيث قال :إذ لو كان جابر لم يكن يدخل عليه سلام الله عليه ، وكان هو بمرأى من الناس، لكان هذا كافيا في تكذيبه وعدم تصديقه ، فكيف اختلفوا في أحاديثه ، حتى احتاج زياد  إلى سؤال الإمام عليه السلام عن أحاديثه على أن عدم دخوله على الإمام عليه السلام لا ينافي صدقه في أحاديثه ، لاحتمال أنه كان يلاقي الإمام عليه السلام في غير داره  فيأخذ منه العلوم والاحكام ، ويرويها ، إذن لا تكون الموثقة معارضة للصحبة الدالة على صدقه في الأحاديث المؤيدة بما تقدم من الروايات الدالة على جلالته ومدحه ، وأنه كان عنده من أسرار أهل البيت سلام الله عليهم .انتهى ما أفاده السيد الخوئي قدس سره [  معجم رجال الحديث : ج4 ص 345]

وهذا كلّه بخلاف أبي هريرة الذي ذكر المؤرخون وأصحاب التراجم أنه عاصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) على أقصى حد أربع سنين وفي أقل الأحوال سنة وتسعة أشهر  ، وهي مدّة لا تتلاءم وتلك الكثرة الكاثرة من الأحاديث التي يرويها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) مع كونه لا يكتب ويعتمد على حافظته فقط  ، تلك الحافظة التي سببت له الكثير من المشاكل لضعفها وعدم ضبطها أحيانا وتدليسه في بعض الأحيان حين يذكر الرواية بما يفيد السماع المباشر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) والحال هو سمعها من بعض الصحابة ، حتّى شكّ الصحابة في مروياته واتهموه بكثرة الحديث على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

فمن حيث تدليسه في الحديث أنه روى عن رسول الله حديثا جاء فيه : ( من أدرك الصبح وهو جنب فلا يصم ) ، فأرسلت له عائشة أن لا تحدث بهذا الحديث عن رسول الله فالنبي (ص) كان يصبح جنبا ويغتسل ويصوم ، فاضطر أمام شهادة عائشة أن يتراجع ويقول هذا ليس حديثي بل حديث الفضل بن العباس وأسامة بن زيد [ راجع : فتح الباري لابن حجر 4: 126 ]  

وأيضا في كذب صريح منه يذكر حديثا عن النبي (ص) أنه أخذ بيده وحدّثه بهذا الحديث الذي ردّه الكثير من علماء أهل السنّة لمخالفته الصريحة للقرآن الكريم ،فقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال : اخذ رسول الله (ص)

 بيدي فقال خلق الله عز وجل التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال

يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق

النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم عليه السلام

بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما

بين العصر إلى الليل . [ صحيح مسلم 8: 127]

قال ابن تيمية في معرض ذكره الأحاديث الضعيفة في صحيح مسلم : (( ومثله حديث مسلم: "إن الله خلق التربة يوم السبت، وخلق الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة". فإن هذا طَعَنَ فيه من هو أعلم من مسلم، مثل يحيى بن معين ومثل البخاري وغيرهما. وذكر البخاري أن هذا من كلام كعب الأحبار. وطائفةٌ اعتبرت صِحته مثل أبي بكر بن الأنباري وأبى الفرج ابن الجوزي وغيرهما. والبيهقي وغيره، وافقوا الذين ضعفوه. وهذا هو الصواب، لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام. وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة. فيلزم أن يكون أول الخلق يوم الأحد. وهكذا هو عند أهل الكتاب. وعلى ذلك تدل أسماء الأيام. وهذا هو المنقول الثابت في أحاديثَ وآثار أُخَر.

ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة لكان قد خَلَقَ في الأيام السبعة. وهو خلاف ما أخبر به القرآن)). انتهى  [ مجموع الفتاوى 18: 17]

وبمثل ما أفاده ابن تيمية هنا أفاده ابن باز ،بل اعتبره من الإسرائيليات الباطلة ،قال في "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" ما نصّه : (( ومما أخذ على مسلم رحمه الله رواية حديث أبي هريرة : (أن الله خلق التربة يوم السبت . . . إلخ الحديث). والصواب : أن بعض رواته وهم برفعه للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار ؛ لأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة كلها قد دلت على أن الله سبحانه قد خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، أولها يوم الأحد ، وآخرها يوم الجمعة ؛ وبذلك علم أهل العلم غلط من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن الله خلق التربة يوم السبت) ، وغلط كعب الأحبار ومن قال بقوله في ذلك ، وإنما ذلك من الإسرائيليات الباطلة)). انتهى [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 25: 70]

هذا ، وقد اتهم أبو هريرة كبار الصحابة في حديثه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال الشيخ السبحاني في كتابه " الحديث النبوي بين الرواية والدراية " :  (( يظهر ممّا نقله الذهبي وغيره انّ الرجل [ أي أبا هريرة ] كان متهماً في روايته بعد رسول اللّه « صلى الله عليه وآله وسلم » في عهد الخلافة وبعدها ، وإليك بعض ما نقله في ذلك المقام:

 1 . أخرج غير واحد من المؤرّخين والمحدّثين ، عن السائب بن يزيد انّه سمع عمر يقول لأبي هريرة : لتتركنّ الحديث عن رسول اللّه وإلاّ لألحقنّك بأرض الدوس . .

وقال لكعب : لتتركنّ الحديث أو لألحقنَّك بأرض القردة . 

لم يكن الخليفة مانعاً عن التحديث بقلة ، ولذلك كان يقول : « أقلّوا الرواية

عن رسول اللّه » وإنّما خالف أبا هريرة في تكثيره .

2 . روى ابن عجلان أنّ أبا هريرة ، كان يقول : إنّي لأحدِّث أحاديث لو تكلّمت بها في زمن عمر ، لشجّ رأسي .

3 . روى الشعبي قال : حدث أبو هريرة فسرد عليه سعد حديثاً ، فوقع بينهما كلام حتى ارتجَّت الأبواب .

4 . روى إسحاق بن سعيد ، عن أبيه قال : دخل أبو هريرة على عائشة ، فقالت له : أكثرت يا أبا هريرة عن رسول اللّه « صلى الله عليه وآله وسلم » ، قال : أي واللّه يا أُمّاه ، ما كانت تشغلني عنه المرآة ، ولا المِكْحَلةُ ، ولا الدهن ، قالت : لعلّه .

5 . لما أرادوا أن يدفنوا الحسن في الحجرة النبوية وقع خصام .

قال الوليد بن رباح : سمعت أبا هريرة يقول لمروان : واللّه ما أنت وال ، وانّ الوالي لغيرك ، فدعه - يعني حين أرادوا دفن الحسن « عليه السلام » مع رسول اللّه « صلى الله عليه وآله وسلم » - ولكنّك تدخل فيما لا يعنيك ، إنّما تريد إرضاء من هو غائب عنك - يعني معاوية - .

فأقبل عليه مروان مغضباً ، وقال : يا أبا هريرة ، إنّ الناس قد قالوا: أكثَرَ أبو هريرة الحديث عن رسول اللّه « صلى الله عليه وآله وسلم » وإنّما قدم قبل وفاته بيسير . 

6 . أخرج البخاري عن أبي صالح ، قال : حدّثني أبو هريرة ، قال : قال النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » : أفضل الصدقة ما ترك غنىً ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول ، تقول المرأة : إمّا أن تطعمني وإمّا أن تطلقني .

ويقول العبد : أطعمني واستعملني .

ويقول الابن : أطعمني إلى من تدعني ؟

فقالوا : يا أبا هريرة ، سمعت هذا من رسول اللّه « صلى الله عليه وآله وسلم » ؟ !

قال : لا ، هذا من كيس أبي هريرة . 

ورواه الإمام أحمد في مسنده باختلاف طفيف في اللفظ . 

انظر إلى الرجل ينسب في صدر الحديث الرواية إلى النبي بضرس قاطع ، ولكنّه عندما سُئل عن سماع الحديث من رسول اللّه عدل عمّا ذكره أولاً ، وصرح بأنّه من كيسه الخاص أي من موضوعاته .

وبعد هذا فهل يصح توثيقه ؟ !

هذه النصوص تعرب عن أنّ الرجل كان متهماً في عصره ، وإن كان هو يبرّر عمله بأنّ الآخرين كانوا منشغلين بالصفق في الأسواق أو بالمرآة والمكحلة والدهن ، ولكن كان في القوم من لم يكن له ذلك الشأن كعلي بن أبي طالب « عليه السلام » وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي وأُبيّ بن كعب وأبي أيوب الأنصاري وعبد اللّه بن عمر وعبد اللّه بن عمرو ، إلى غير ذلك من أقطاب الحديث ، الذين كان لهم شغف بنقل الحديث وضبطه وتحديثه ، ومع ذلك لم يبلغ حديث أكثرهم معشار ما نقله أبو هريرة )). انتهى [ الحديث النبوي بين الرواية والدراية : 305].

ودمتم سالمين

 

المرفقات