منهج علماء الشيعة الإماميّة في بيان حال الصحابة وغيرهم من رواة الحديث

بعض الوهابية يقولون ان الشيعة يزكون اصحاب الائمة عليهم السلام ولا يزكون اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اطلب منكم بعض اسماء اصحاب الائمة عليهم السلام ولكنهم ضالين لكي نرد عليهم وشكرا لكم

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنّ منهج علماء الشيعة الإماميّة في تقويم الصحابة وبيان أحوالهم وأحوال غيرهم من الرواة جرحاً وتعديلاً كان ولا يزال يُعَـدُّ منهجاً سليماً ذا أساسٍ متين يستند تارة إلى القرآن العظيم، وتارة إلى ما ورد من أحاديث صحيحة عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم أجمعين، وتارة إلى أقوال الرجاليين الموثوق بهم مِـمّنْ خاضوا هذا المعترك الوعر، ومحّصوا الرواة ودقّقوا في أحوالهم، فوصفوا كلَّ واحدٍ منهم بمقتضى الصناعة الحديثيّة والرجاليّة.

فعلى سبيل المثال حين درس علماء الشيعة الإماميّة نظريّة عدالة أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وآله) جميعهم التي يتديّن بها أهل الحديث والأشاعرة وغيرهم من أهل السنّة، توصّلوا إلى أنّ إثبات هذه النظريّة على أرض الواقع لا يصحُّ مطلقاً، بل حال المتمسّك بها والمصرِّ عليها كحال القابض على الماء خانته فروج الأصابع، وذلك لأنّ الصحابة في الذكر الحكيم على صنفين: فصنف يمدحهم القرآن العظيم ويصفهم بما يستحقّون في آيات متعدّدة، كقوله تعالى:( وَالسّابِقُونَ الأَوّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرينَ وَالأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسان رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ).[التوبة : ١٠٠]. وقوله تعالى:(لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ). [الفتح : ١٨]. وقوله تعالى : ( لِلْفُقَراءِ المُهاجِرينَ الَّذينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللّهِ ورضْواناً). [الحشر : ٨]. وقوله تعالى:( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ والَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاء عَلى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ). [الفتح : ٢٩].

وصنف آخر يذّمهم ويصفهم في آيات أخرى متعدّدة، كقوله تعالى: ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنّكَ لَرَسُولُهُ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقينَ لَكاذِبُونَ ). [المنافقون:1]. وقوله تعالى : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُم ). [التوبة : ١٠١]. وقوله تعالى: ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنا اللّهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً ). [الأحزاب : ١٢]. وقوله تعالى: ( لَوْ خَرجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاّ خَبالاً ... وفيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَليمٌ بِالظّالِمين ). [التوبة : ٤٧]. وقوله تعالى:( وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْر الحَقِّ ظَنّ الجاهِليةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْء). [آل عمران : ١٥٤]. وقوله تعالى: ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ...). [الحجرات : ٦].

وقوله تعالى: ( قالَتِ الأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا ). [الحجرات : ١٤]. وقوله تعالى: ( وَمَنْ يُولِّهِمْ يَومَئِذ دُبُرَهُ إِلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتال أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَة فَقَدْ باءَ بِغَضَب مِنَ اللّهِ ). [الأنفال: ١٦].

فإذا كان أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وآله) على صنفين وَفْقِ الذكر الحكيم ، فكيف يمكن لنا أن نَعُدَّ الجميع عدولاً؟! هذا كلّه إذا رجعنا إلى الكتاب العزيز.

وأمّا إذا رجعنا إلى السنّة الشريفة المطهّرة، فيعرّفهم النبيّ (صلّى الله عليه وآله) على حسب ما أخرجه البخاريّ ومسلم في صحيحيهما، لـمّا أوردا عدّة روايات عن رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) جاء في إحداها، أنّه (صلّى الله عليه وآله) قال : « يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلؤون عن الحوض ، فأقول : يا ربِّ أصحابي ، فيقول : إنّه لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى ».

إلى غير ذلك من الأحاديث الحاكية عن ارتداد قسم من الصحابة بعد رحيل النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله). هذا فضلاً عن كون قسم آخر من الصحابة قد همّوا بقتل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في حادثة العقبة المشهورة، وقسم آخر من الصحابة كان يبغض الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، فلذا اشتهر عن بعض الصحابة من الأنصار قولهم في هذا الصدد: (ما كنّا نعرف منافقينا معاشر الأنصار إلّا ببغض عليّاً) كما في كتاب فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل وغيره. 

وعليه: فالصحابيُّ لأنّه رأى النور وتشرّف برؤية النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فهو معزّز مكرّم ، إلّا أنّ ذلك لا يمنعنا من التفتيش عن أحواله وحالاته في حياة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وبعد رحيله ، فلو ثبتت وثاقته نأخذ بها، وإلّا فيكون حاله كالتابعين وتابعيّ التابعين ، فما لم تحرز وثاقة الرجل لا يؤخذ بقوله. ألا ترى أنّ مصاحبة امرأتي نوح ولوط لم تنفع حالهما، وخوطبا بقوله سبحانه وتعالى: (قيلَ ادْخُلاَ النّارَ مَعَ الدّاخلينَ). ونظير ذلك الكلام في أصحاب الأئمّة عليهم ‌السلام؛ فبمجرّد الصحبة لا يلازم وثاقة المصاحب.وإليك طائفة من أقوال علماء الإماميّة في عدد من أصحاب الأئمّة عليهم السلام: 

1-أبان بن أبي عيّاش من أصحاب السجّاد والباقر والصادق عليهم السلام كما في رجال الشيخ الطوسيّ رقم (164)، قال الطوسيّ في حقّه تابعيٌّ ضعيف، وضعّفه الشيخ المفيد في رسالته العدديّة، وضعّفه النجاشيّ في رجاله. 

2- الحسين بن أحمد المنقريّ من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام كما في رجال الشيخ الطوسيّ رقم (334)، قال فيه النجاشيّ: كان ضعيفاً، ذكر ذلك أصحابنا رحمهم الله.

3- سهل بن زياد الآدميّ: من أصحاب الجواد والهاديّ والعسكريّ سلام الله عليهم كما في رجال الشيخ رقم (375) و(387)، ورقم (399). ضعّفه الطوسيّ في كتابه الفهرست وفي موارد متعدّدة من التهذيب، وقال النجاشيّ: كان ضعيفاً في الحديث غير معتمد فيه، وكان أحمد بن محمّد بن عيسى يشهد عليه بالغلوّ والكذب، وأخرجه من قمّ إلى الري.

4- عبدالله بن خدّاش: من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام كما في رجال الشيخ رقم (231)، ورقم (340). قال النجاشيّ في حقّه ضعيفٌ جدّاً وفي مذهبه ارتفاع. 

5- عبدالله بن القاسم الحضرميّ المعروف بالبطل: من أصحاب الكاظم عليه السلام كما في رجال الشيخ رقم (341). قال الطوسيّ: كان واقفيّاً . وقال النجاشيّ:كذّابٌ غالٍ يروي عن الغلاة لا خير فيه ولا يعتدُّ بروايته.

6- عليّ بن أبي حمزة البطائنيّ : من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام: واقفيّ المذهب كما في رجال الشيخ وفهرسته ورجال النجاشيّ، ذكر الكشّيّ بإسناده إلى ابن فضّال أنّه كذّابٌ متّهم.

7- محمّد بن سنان الزاهريّ: من أصحاب الكاظم والرضا والجواد عليهم السلام. ضعّفه الطوسيّ في رجاله، وقال أبو العباس بن نوح السيرافيّ أستاذ النجاشيّ في حقّه: وهو رجل ضعيف جدّاً لا يعوّل عليه ولا يلتفت إلى ما تفرّد به. وتكلّم فيه أيضاً الفضل بن شاذان وأيّوب بن نوح كما في رجال النجاشيّ والكشيّ. 8- معلّى بن خنيس مولى الصادق عليه السلام: قال النجاشيّ: ضعيف جدّاً لا يعوّل عليه.

9- المفضل بن صالح أبو جميلة.من أصحاب الصادق عليه السلام. ضعّفه النجاشيّ في ترجمة جابر بن يزيد برقم (128).

10- يونس بن ظبيان  مولى روى عن أبي عبد الله عليه السلام: قال النجاشيّ: ضعيف جدّاً لا يلتفت إلى ما رواه، كل كتبه تخليط. ونكتفي بهذا المقدار. دمتم سالمين.