لماذا خلق الله انسان على مختلف أشكال ابيض و اسود و غيرها
الأخُ المُحترمُ، السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
لابُدَّ منَ التّأكيدِ أوّلاً على أنَّ اختلافَ النّاسِ في ألوانِهم دليلُ كمالٍ في خلقِ الإنسانِ وليسَ دليلَ نقصٍ كما يتوهّمُ البعض، فلَو كانَ البشرُ جميعاً على صورةٍ واحدةٍ لما عرفَ الإنسانُ ما عليهِ مِن عظيمِ الخِلقةِ، قالَ تعالى: (ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلْأَرْضَ قَرَارًا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) وبالتّالي صورةُ الإنسانِ ليسَت واحدةً وإنّما صورٌ كثيرةٌ تدلُّ على حُسنِ التّصويرِ والتّصميمِ، وقَد وصفَ اللهُ كُلَّ هذهِ الصّورِ بالحسنةِ ممَّا يعني لا وجودَ لصورةٍ مِن بينِ هذهِ الصّورِ غيرِ حسنةٍ، وقَد أشارَ صدرُ الآيةِ إلى الأرضِ التي جعلَها اللهُ مقرّاً للإنسانِ مِمّا يدلُّ على أنَّ كُلَّ صورةٍ تتناسبُ معَ طبيعةِ الأرضِ التي تعيشُ فيها، مِن هُنا كانَت ألوانُ الشّعوبِ التي تعيشُ على خطِّ الإستواءِ مختلفةً عَن ألوانِ الشّعوبِ التي تعيشُ في شمالِه وجنوبِه، وقَد أثبتَتِ الدّراساتُ العلميّةُ أنَّ العاملَ المُؤثّرَ في اختلافِ الألوانِ هوَ مادّةٌ تفرزُها خلايا الجلدِ، وتُسمَّى هذهِ المادّةُ المُلوّنةُ الميلانين، وإنَّ الفرقَ بينَ الإنسانِ الأبيضِ والإنسانِ الأسودِ لا يزيدُ على غرامٍ واحدٍ مِن هذهِ المادّةِ، وقد جعلَ اللهُ إفرازَ هذهِ المادّةِ عندَ البعضِ أكثرَ مِنَ البعضِ الآخرِ، وذلكَ لأنَّ خصائصَ هذهِ المادّةِ هوَ اِمتصاصُ الأشعّةِ فوقَ البَنفسجيّةِ الضّارّةِ، ولأنَّ أشعّةَ الشّمسِ في خطِّ الإستواءِ عموديّةٌ فإنَّ الشّعوبَ في هذهِ المنطقةِ ذواتُ ألوانٍ داكنةٍ، ومِن هُنا كانَ اختلافُ ألوانِ البشرِ آيةً دالّةً على عظمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، قالَ تعالى: (ومِن آياتِه خلقُ السّمواتِ والأرضِ واِختلافُ ألسنتِكُم وألوانِكُم إنَّ في ذلكَ لآياتٍ للعالمين) ومِن هُنا كانَ اِختلافُ ألوانِ النّاسِ مُتناسباً معَ طبيعةِ الأرضِ والبيئةِ التي يعيشُ فيها، وبما أنَّ البيئةَ مُختلفةٌ فإنَّ اختلافَ الإنسانِ أمرٌ طبيعيٌّ ومُتوقّعٌ، قالَ تعالى: (ألَم ترَ أنَّ اللهَ أنزلَ منَ السّماءِ ماءً فأخرجنَا بهِ ثمراتٍ مُختلفاً ألوانُها ومِنَ الجبالِ جُددٌ بيضٌ وحُمرٌ مُختلفٌ ألوانُها وغرابيبُ سود ومنَ النّاسِ والدّوابِّ والأنعامِ مُختلفٌ ألوانُها كذلكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) فقَد نصَّت الآيةُ على مجموعةٍ منَ التّبايناتِ في الخِلقةِ بما فيها الإنسانُ وجعلَت كُلَّ ذلكَ دليلاً وبرهاناً على عظمةِ الخالِق، فمثلاً معَ أنَّ الماءَ الذي ينزلُ منَ السّماءِ واحدٌ والأرضَ التي ينزلُ عليها واحدةً إلّا أنّهُ يخرجُ نباتٌ مُختلفُ الألوانِ والثّمار، وعليه فإنَّ طبيعةَ الأرضِ المُختلفةَ وطبيعةَ الحياةِ عليها تستوجبُ اختلافاً وتنوّعاً في الإنسانِ الذي يعيشُ عليها.
اترك تعليق