لماذا الامام علي (ع) بقي في المدينة في خلافة الثلاثة وقد اغتصبوا حقه وضلموه، ولم يهاجر الى الكوفة الا بعد ما مات الثلاثة.

يقول الله في كتابه الكريم: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) اذاً لماذا الامام علي (ع) بقي في المدينة في خلافة الثلاثة وقد اغتصبوا حقه وضلموه، ولم يهاجر الى الكوفة الا بعد ما مات الثلاثة. دمتم برعاية الله...

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله

كانَ الغرضُ مِن بقاءِ أميرِ المُؤمنينَ (عليه السّلام) في المدينةِ المُنوّرةِ زمنَ الخُلفاءِ الثّلاثةِ الحفاظَ على كيانِ الإسلامِ مِنَ المخاطرِ التي تُنذِرُ بزوالِه بسببِ السّياسةِ المُنحرفةِ التي انتهجَها مَن سبقَه، ونُصحُه للخليفةِ الثّاني عندما هدّدَ الفُرسُ الدّولةَ الإسلاميّةَ خيرُ شاهدٍ على ذلك. أمّا في زمنِ حكومتِه (عليه السّلامُ) فالوضعُ مُختلفٌ جذريّاً، حيثُ بدأَتِ الفئاتُ المُتضرّرةُ مِن عدلِ حكومتِه بحياكةِ المُؤامراتِ وضربِ الأمنِ الدّاخليّ للدّولةِ مِمّا إضطرّهُ إلى جعلِ الكوفةِ عاصمةً لدولتِه، لإعادةِ النّظامِ والسّيرِ بالعدلِ، ولحاجتِه إلى مواجهةِ هؤلاءِ عسكريّاً، فتوجّهَ إلى العراقِ، مُستوطِناً الكوفةَ، حيثُ أنَّ نسبةَ القبائلِ المُواليةِ لهُ هُناكَ أكثرُ مِمّا هوَ موجودٌ في المدينةِ.  وأمّا الآيةُ المَذكورةُ فلا علاقةَ لها بما تفضّلتم، حيثُ أنّها تحكي سؤالَ الملائكةِ لمَن إدّعوا الإستضعافَ، عن سببِ تركِهم للدّينِ، فأجابوا بوضعِ السّببِ موضعَ المُسبّبِ وهوَ أنّهم كانُوا يعيشونَ في أرضٍ لا يتمكّنونَ فيها منَ التّلبّسِ بالدّينِ لكونِ أهلِ الأرضِ مُشركينَ أقوياء فاستضعفوهُم فحالوا بينَهم وبينَ الأخذِ بشرائعِ الدّينِ والعملِ بها. فأجابَتهم الملائكةُ: ألَم تكُن أرضُ اللهِ واسعةً؟