هل حديث الفرقة الناجية ثابت ولا غبار عليه ؟ وإن كان ثابت فهل ممكن أن يخلو زمان من الفرقة الناجية ؟

سؤال يرحمكم الله: هل حديث الفرقة الناجية ثابت ولا غبار عليه ؟ وإن كان ثابت فهل ممكن أن يخلو زمان من الفرقة الناجية ؟ بمعني هل إن الفرقة الناجية موجودة في كل زمان منذ لحظة إستشهاد النبي إلى حين ظهور صاحب الأمر ؟

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :1- يُعَـدُّ حديثُ الفرقةِ النّاجيةِ مِنَ الأحاديثِ الثّابتةِ عنِ النّبيّ، ولا خلافَ فيهِ بينَ جميعِ مَنْ يُعتدُّ بقولِه مِن عُلماءِ المُسلمينَ, بَل نصَّ بعضُ العُلماءِ على تواترِه كالسّيوطيّ كما في كتابِ (فيضُ القديرِ), والكتّانيّ كما في كتابِ (نظمُ المُتناثرِ مِنَ الحديثِ المُتواترِ).ولفظُ الحديثِ الواردِ عنِ النّبيّ أنّهُ قالَ: ستفترقُ أُمّتي على ثلاثٍ وسبعينَ فِرقةً كُلّها في النّارِ إلّا واحدةً, وفي لفظٍ آخر: واحدةٌ ناجيةٌ والباقونَ هالكون.2- هذا الحديثُ يقضِي عدمَ خلوِّ زمنٍ منَ الأزمنةِ مِن فرقةٍ ناجيةٍ تدعو إلى الهُدى ومصيرُها الجنّةُ, وفرقٌ أُخرى تدعو إلى الضّلالِ ومصيرُها النّارُ إلى زمانِ ظهورِ الحُجّةِ المُنتظرِ (عجّل اللهُ فرجه الشريف).3- تمييزُ الفرقةِ النّاجيةِ منَ الفرقِ الهالكةِ يكونُ بالأدلّةِ التي يُقدّمُها كلُّ فريقٍ مِن فِرقِ المُسلمينَ لإثباتِ مُدّعاهُم, فأمّا أهلُ السّنّةِ, فقَد حاولوا جاهدينَ ولا يزالونَ بأنْ يعدُّوا أنفسَهُم منَ الفرقةِ النّاجيةِ بدعوى أنّهُم مِـمَّنْ إتّبعَ الصّحابةَ الذينَ مدحَهُم اللهُ في كتابِه العزيزِ في أكثرِ مِن آيةٍ, مُؤيّدينَ ذلكَ بما وردَ في ذيلِ بعضِ طُرقِ حديثِ الإفتراقِ بأنَّ بعضَ الصّحابةِ سألَ النّبيَّ عَن هذهِ الفرقةِ؟ فأجابَهُ بقولِه: ما أنا عليهِ اليومَ وأصحابي. والجوابُ عَن ذلكَ: بأنْ نقولَ: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ كما مدحَ الصّحابةَ في بعضِ آياتِه قَد ذمَّهُم في آياتٍ أُخرى؛ وسورةُ التّوبةِ وغيرها أكبرُ شاهدٍ على ذلكَ, وهُناكَ عِدّةُ أدلّةٍ صحيحةٍ مُتّفقٍ عليها بينَ الفريقينِ تُثبتُ أنَّ كثيراً منَ الصّحابةِ قَد إرتدّوا بعدَ وفاةِ رسولِ اللهِ على أدبارِهم القهقرى. وعليهِ: فكيفَ يكونُ المدحُ شامِلاً لجميعِ الصّحابةِ؟! وأمّا الاستدلالُ بعبارةِ: (ما أنا عليهِ اليومَ وأصحابي) التي وردَت في ذيلِ بعضِ طُرقِ الحديثِ, فإنّما هوَ إستدلالٌ باطلٌ, وذلكَ لأنَّ هذهِ العبارةَ قَد إنفردَ بها أحدُ الرّواةِ الضّعفاءِ مِـمَّنْ كانَ يُدلّسُ في الحديثِ, وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ زيادٍ بنِ أنعمَ الإفريقيّ طِبقاً لروايةِ التّرمذيّ والحاكمِ وغيرِهما, ولَم يثبُت ذلكَ عَن رسولِ اللهِ مُطلقاً. وأمّا الشّيعة الإماميّةُ فإنّهم قدّموا أدلّةً قويّةً متينةً تُثبتُ أنّهُم الفرقةُ النّاجيةُ, فمِن أهمِّ تلكَ الأدلّةِ حديثُ الثّقلين الذي يدلُّ دلالةً واضحةً على أنَّ مَنْ تمسّكَ بهِما لَن يضِلَّ أبداً, وهكذا هوَ حالُ حديثِ السّفينةِ الذي ينصُّ على أنَّ مَنْ ركبَ سفينةَ أهلِ البيتِ نجا, ومَنْ تخلّفَ عنهَا غرقَ وهوى وغيرِهما منَ الأدلّةِ , بَل لَو لَم يكُن لدى الشّيعةِ الإماميّةِ إلّا هذينِ الحديثينِ للاستدلالِ على أنّهُم هُم الفرقةُ النّاجيةُ, لكفى بذلكَ حُجّةً على مَنْ أنصفَ وتجرّدَ منَ الهوى والعصبيّةِ , إذْ لا يُنكرُ أدلّةَ الشّيعةِ الإماميّةِ إلّا مُكابِرٌ أو مُعانِدٌ لا ينفذُ نورُ الحقِّ إلى قلبِه.ودمتُم سالِمينَ.