ماهو الفرق بين التقوى والتقيه و الاتقاء

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله : بعدَ التّتبّعِ والبحثِ عنِ الفرقِ بينَ هذهِ الألفاظِ تبيّنَ لنا عدمُ وجودِ فارقٍ واضحٍ فيما بينَها, بَل ذهبَ إبنُ الأعرابيّ وهوَ مِن أهلِ اللّغةِ المُحتجّ بهِم إلى القولِ: إنَّ التّقاةَ ، والتّقيّةَ ، والتّقوى والإتّقاءَ كلُّه واحدٌ , ولهذا جاءَ في بعضِ القراءاتِ القرآنيّةِ ( إلّا أنْ تتّقوا منهم تقيّة), في موضوعِ (تُقاة), كما في لسانِ العربِ لابنِ منظورٍ في مادّةِ (وقى). وعنِ الزّبيديّ في تاجِ العروسِ (ج10/ص396), مادّةُ (وقي): أنَّ التّقيّةَ في اللّغةِ معناها الحذرُ والحيطةُ منَ الضّررِ ، والإسمُ : التّقوى. وفي الحديثِ: « تبَقَّه وتوَقَّه »‍ ! ومعناهُ : إستبقِ نفسَك ولا تُعرِّضها للهلاكِ والتّلفِ, وتحرَّر منَ الآفاتِ واتّقها كما في النّهايةِ في غريبِ الحديثِ لابنِ الأثيرِ (ج5/ص217), وفي الحديثِ أيضاً: قلتُ : وهَل للسّيفِ مِن تقيّةٍ ؟ قالَ : نعَم ، تقيّةٌ على إقذاءٍ ، وهدنةٌ على دخن. ومعناهُ: أنّهم يتّقونَ بعضَهم بعضاً ، ويُظهرونَ الصّلحَ والإتّفاقَ ، وباطنُهم بخلافِ ذلكَ, كما في لسانِ العربِ لابنِ منظورٍ (مادّةُ وقى).وأمّا التّقيّةُ في الإصطلاحِ فقَد عرّفَها جماعةٌ مِن عُلماءِ العامّةِ بتعاريفَ لا تفترقُ عَن تعريفِ الإماميّةِ لها إلّا مِن حيثُ صياغةُ الألفاظِ في تصويرِ المعنى, فقَد عرّفَها السّرخسيّ في [المَبسوطِ] (44/45) بقولِه: والتّقيّةُ : أن يقي نفسَه منَ العقوبةِ بما يُظهرَه ، وإن كانَ يضمرُ خلافَه. وعرّفها الحافظُ إبنُ حجرٍ العسقلانيّ في [فتحِ الباري] (ج12/ص136), بقولِه: التّقيّةُ : الحذرُ مِن إظهارِ ما في النّفسِ ـ مِن مُعتقَدٍ وغيرِه ـ للغيرِ. وعرّفَها صاحبُ تفسيرِ المنارِ مُحمَّد رشيد رضا في (ج3/ص280) بقولِه: ما يقالُ أو يُفعَلُ مُخالِفاً للحقِّ لأجلِ توقّي الضّررِ. وهذا يُعَـدُّ مِن أجودِ التّعريفاتِ التي تتوافقُ معَ تعريفِ الشّيعةِ الإماميّةِ لها, إذْ عرّفَها الشّيخُ الأنصاريُّ (رضوانُ اللهِ تعالى عليه) في كتابِه [التّقيّةُ, ص37], بقولِه: التّقيّةُ : إسمٌ لإتّقى يتّقي ، والتّاءُ بدلٌ عنِ الواوِ كما في النّهمةِ والتّخمةِ. والمرادُ هُنا: التّحفّظُ عَن ضررِ الغيرِ بموافقتِه في قولٍ أو فعلٍ مُخالفٍ للحقِّ. وهذا ما عليهِ جُملةٌ مِن علمائِنا الأعلامِ في موضوعِ التّقيّةِ , وانظُر على سبيلِ المثالِ: كتابَ التّقيّةِ للشّيخِ السّبحانيّ ففيهِ كثيرٌ منَ الفوائدِ. ودمتُم سالِمين.