هل الضار من أسماء الله؟
من اسماء الله الحسنى الضَّار كيف يكون هذا اسم من اسماء الله ؟؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
اثبتت النصوص الشرعية كون الله هو الضار النافع، قال تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)، وقال: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)، وقال: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ). وجاء في صحيحة صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السلام) قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) يَقُولُ: لَا يَجِدُ عَبْدٌ طَعْمَ الإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَه لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَه وأَنَّ مَا أَخْطَأَه لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَه وأَنَّ الضَّارَّ النَّافِعَ هُوَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ"( الكافي، ج2، ص85). وفي صحيحة عَبْدِ اللَّه بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (عليه السلام) وهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْكَعْبَةِ وهُوَ يَقُولُ -اللَّه أَكْبَرُ اللَّه أَكْبَرُ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ- اللَّهُمَّ لَا تُجْهِدْ بَلَاءَنَا رَبَّنَا ولَا تُشْمِتْ بِنَا أَعْدَاءَنَا فَإِنَّكَ أَنْتَ الضَّارُّ النَّافِعُ) (الكافي، ج4، ص 529). وعن جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّه الْخَافِضِ الرَّافِعِ، الضَّارِّ، النَّافِعِ، الْجَوَادِ، الْوَاسِعِ، الْجَلِيلِ ثَنَاؤُه الصَّادِقَةِ أَسْمَاؤُه الْمُحِيطِ بِالْغُيُوبِ) (الكافي، ج8، ص 170). وغير ذلك من النصوص التي تثبت كون الضار من صفات الأفعال وبالتالي هي من أسماء الله الحسنى، ومن الملاحظ أن اسم الضار لا يطلق منفرداً وإنما يطلق معه دائماً النافع فيقال (الضار النافع) وكذلك يقال: (المعز المذل) أو (المعطي والمانع) فهي من الأسماء المركبة التي تجري مجرى الاسم الواحد، وذلك لأن الكمال يتجلى بالمقابلة بين الصفتين المتضادتين، فلا يعرف النفع إلا بمقابلته بالضرر، ولا يعرف الكمال إلا بمقابلته بالنقصان. وعليه كل ما في الوجود من نفع وضرر هو تحت سلطان الله وهيمنته، ولذا لا ملجا للإنسان من الضرر الذي يصيبه إلا الله المهيمن على كل شيء، ولذا ربطت الآية التي ذكرناها في اول الكلام بين وجود النفع والضرر وبين كون الله قاهر فوق عباده (.. فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) ومن ثم ربط زيل الآية كل ذلك بالحِكمة (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)، أي أن الحِكمة تقتضي أن يكون الخلق قائم على فلسفة الخير والشر، والسبب في ذلك أن امتحان الإنسان واختباره لا يتحقق إلا من خلال التباين بين الخير والشر، (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)، وعليه لا يمكن أن نفهم أسم الضار مالم نفهم فلسفة الابتلاء والحِكمة من وجود الإنسان في هذه الدنيا، أما إذا نظرنا فقط للدلالة المفهومية لكلمة (الضار) فان المعنى المترتب سيكون معناً سلبياً لا محالة، ومن هنا نجد البعض يتردد في نسبته لله تعالى، والسبب في ذلك هو عدم التمييز بين الأسماء المترتبة على صفات الذات وبين الأسماء المترتبة على صفات الفعل، فالأسماء التي تعود إلى صفة الذات مثل القدير والعليم هي مما يستحقها الله لذاته، أما الأسماء المترتبة على صفات الفعل مثل الرزاق والتواب والغفار والمنتقم وغير ذلك فهي مما يستحقها لفعله، وكل فعل من هذه الأفعال لم يكن عبثاً وإنما له حِكمة، وأسم الضار النافع هي ايضاً استحقها لفعه، وعدم فهم الحِكمة من هذا الفعل هو الذي يدعونا للتردد في نسبته لله تعالى، وهذا ما يدعونا إلى التأكيد بأن صفات الفعل والاسماء المترتبة عليها لا تفهم إلا من خلال تعلقها بالفعل، أي تفهم ضمن الدور الذي تؤديه في نظام الخلقة، ومن الواضح أن النظام الذي تقوم عليه فلسفة وجود الإنسان قائم على الابتلاء والامتحان، وحينها لا يمكننا أن نفهم هذا النظام مالم يكن هناك نفع وضرر، فطبيعة الحياة وطبيعة تكليف الإنسان فيها يستدعي أن يوجد الله نظاماً قائماً على المقابلة بين الخير والشر والنفع والضرر، وبالتالي يصبح الضرر من اللوازم الضرورية لامتحان الإنسان وابتلاءيه، وبما أنه لا فاعل في الوجود إلا الله تعالى وحينها يكون هو الضار النافع.
اترك تعليق