هل تفوق عثمان على علي (ع) بزواجه من بنات النبي؟

السؤال: عثمان بن عفّان تزوّج بأمّ كلثوم ورقيّة بنتيّ النبيّ، وعليّ بن ابي طالب تزوّج فاطمة فقط. وبناءً على ذلك، هل يصحّ أنْ نقول: إنَّ عثمان تفوّق على عليٍّ في هذا الشأن؟

: السيد أبو اَلحسن علي الموسوي

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

في بادئ الأمر لا بُدَّ أنْ يعلم القارئ أنّ رقيّة وأمَّ كلثوم اُختلف فيهما هل هما بنات النبي (صلى الله عليه وآله) أم هن ربائب؟ وعليه فزواج عثمان بهما لا ينبغي للمؤمن اللّبيب أنْ يذهب بخياله الواسع فيعمل مثل هذه الموازنة بين الزواجين، وذلك لأنّ زواج عليٍّ (عليه السلام) من الزهراء (عليها السلام) كان بأمر الله جلّ وعلا كما شهدت بذلك الآثار، ونطقت به ركائبُ الأخبار - كما سيأتي -، في حين أنّ زواج عثمان من أمّ كلثوم ورقيّة أساساً كان زواجاً عاديّاً كزواج بقيّة المسلمين؛ لعدم وجود خصوصيّة فيهما كما هو الحال في الزهراء (عليها السلام)؛ بدليل أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) زوّجهما قبل عثمان من عتبة وعتيبة ابني أبي لهب وهما كافران، فلو كان فيهما خصوصيّة – كما هو الحال مع الزهراء (عليها السلام) – لَـمَا زوّجهما في بادئ الأمر من كافرَينِ، فكما أنّه لا فضيلة لعتبة وعتيبة في زواجهما منهما، لا فضيلة لعثمان في زواجه منهما.

فكما أنّه لا يُعقل أن يوازن بين زواج عليّ (عليه السلام) من الزهراء (عليها السلام) وبين زواج عتبة وعتيبة الكافرين من أمّ كلثوم ورقيّة، كذلك لا يمكن أن يوازن بين زواج عليّ من الزهراء وبين زواج عثمان منهما.

ثُمَّ لتوكيد الخصوصيّة في الزهراء البتول (عليها السلام) نبيّن ما يلي:

أوّلاً: أنَّ السّيّدة فاطمة الزّهراء (عليها السلام) - بإجماع علماء الشيعة الإماميّة ومن يُعتدُّ به من علماء العامّة - هي أفضل نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، إذ وهب الله تعالى لها (عليها السلام) من الأحوال السنيّة والكمالات العليَّة ما لم يشاركها فيه أحدٌ من نساء هذه الأمّة مطلقاً. [ينظر كتاب: فتح الباري ج7 ص105].

ففي الأخبار الثابتة الصحيحة عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله): ((أنّ فاطمة (عليها السلام) سيّدة نساء هذه الأمّة))، وكذلك أخبر (صلّى الله عليه وآله) ((أنَّها سيّدة نساء أهل الجنّة)) [ينظر: صحيح مسلم ج7 ص142، وصحيح البخاريّ ج9 ص258].

قال ابن قيّم الجوزيّة: (وكلُّ أولاده [صلّى الله عليه وآله] توفّي قبله إلّا فاطمة، فإّنها تأخَّرت بعده بستّة أشهر فرفع الله لها بصبرها واحتسابها من الدرجات ما فُضِّلت به على نساء العالمين، وفاطمة أفضل بناته على الإطلاق، وقيل إنَّها أفضل نساء العالمين). [زاد المعاد ج1 ص104].

وثانياً: أنَّ جماعة من الصحابة وفيهم أبو بكر وعمر تقدّموا لخطبتها من النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فردّهم معتذراً إليهم بأنّه ينتظر أمر الله تعالى في زواجها. وهذا ما حصل فعلاً، إذْ كان زواج فاطمة بعليّ بن أبي طالب (عليهما السلام) بأمرٍ من الله تعالى لرسوله إذْ ورد عنه (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: «إنّ اللّه عزّ وجلّ أمرني أنْ أزوّجَ فاطمة من عليّ» [المعجم الكبير ج10 ص156]. [وينظر: فضائل الصحابة ج2 ص614، سنن النسائيّ ج6 ص62].

والحاصل: أنّه لا يمكن الموازنة بين الزواجين، لأنّه أين الثرى من الثريّا؟ نكتفي بهذا القدر والحمد لله أولا وآخرا.