كيف يشفع النبي (ص) يوم القيامة لمرتكبي الكبائر والذنوب من أُمته وهو الذي نهى عن ارتكابها في الدنيا؟
كيف نرد الشبهة التي تقول: كيف يشفع النبي (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة لمرتكبي الكبائر والذنوب من أُمته وهو الذي نهى عن ارتكابها في الدنيا؟! ألا يدعو ذلك إلى استسهال ارتكاب الذنوب بحجة أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) يشفع لهم ويخلصهم من عقوبتها. أرجو الرد بشكل مفصّل ومبسّط، ليتسنا لنا شرحها للبسطاء من الناس في المحاضرات التي نلقيها في المجالس الحسينية.
الاخت المحترمة ام أيمن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقرير الشبهة:
إنّ الشفاعة تتناقض مع النهي الوارد عن ارتكاب المعاصي، هذا بالإضافة إلى أن القول بالشفاعة يؤدي إلى التجري على ارتكاب المحارم، بحجة أنّ النبي (صلى الله عليه واله) سيشفع لهم يوم القيامة.
جواب الشبهة اجمالاً:
إنّ الشفاعة لا تُناقض التكاليف، لأنها لا تعني ترك الإمتثال وترك الباقي على شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله)، كما يذهب إليه أرباب الديانات المحرفة، بل تعني أنّ الإنسان المشفوع له لديه أعمال غير انها ناقصة، فيحتاج هذا الإنسان إلى شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله) لينجو بها من العقوبة يوم القيامة.
جواب الشبهة بالتفصيل:
أولاً: إنّ الشفاعة مما أجمعتْ علية الديانات السماوية قاطبة، وقد أجمع علماء الإسلام كافة على ثبوت الشفاعة لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
ثانياً: إنّ قانون الشفاعة لا يشمل من قَطَعَ كل عرى الإتصال بالله سبحانه، وخرج عن حدود كونه عبداً، إنّ هكذا نوع من الناس غير مشمولين بالشفاعة قطعاً، والسبب هو أنّ معنى الشفاعة لا يشمله، لأنّ الشفاعة من الشفع، والشفع في قبال الوتر، أي الفرد، فالشفع يعني الزوج، والشفاعة متقومة بطرفين:
الطرف الأول: الشفيع، ويشترط فيه أنْ يكون له مقام بحيث يقبل الله شفاعته، وهو رسول الله (صلى الله عليه وآله).
الطرف الثاني: المشفوع له، وهذا لا بدّ أن يكون لديه أعمال، وهذه الأعمال يعتريها بعض النقص، فيأتي هنا دور الشفيع وهو رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيشفع له.
أما إذا كان هذا الشخص نالي الوفاض من أي عمل، فان مفهوم الشفاعة لا يشمله قطعاً، لأنّ الموجود هنا طرف واحد، وهو مقام الشفيع ووجاهته عند الله، أما المشفوع له فلا عمل له، فكيف يتحقق الإقتران؟
خلاصة الجواب:
1- الشفاعة من الثوابت في الديانات السماوية قاطبة (اليهودية والمسيحية والإسلامية).
2- ليست الشفاعة مناقضة لقانون تكليف الإنسان ونهيه عن المحرمات، لأنها لا تعني الإنفلات والتعدّي على القوانين الإلهية والأحكام التكليفية.
ودمتم في حفظ الله ورعايته
اترك تعليق