ما هو جزاءُ النبي يونسَ اللّبثُ في بطنِ الحوتِ أم النّبذُ في العراء ؟
246 - في سورةِ القلمِ بشٲنِ النّبيّ یونس: { لَولا أَن تَدارَكَهُ نِعمَةٌ مِن رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالعَراءِ وَهُوَ مَذمومٌ ، فَاجتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحينَ } [القلمُ: ٤٩-٥٠]، في حينِ وردَ التّهديدُ في سورةِ الصّافّاتِ مُغایراً. قالَ تعالى: { فَلَولا أَنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحينَ ، لَلَبِثَ في بَطنِهِ إِلى يَومِ يُبعَثونَ } [الصّافّات: ١٤٣-١٤٤] . فكیفَ یتمُّ رفعُ هذا التّعارضِ؟ فلو نفّذَ التّهدیدَ أكانَ سیُلقی في العراءِ أم یلبثُ في بطنِ الحوتِ إلی یومِ القیامة...؟ أمّا لو كانَ جوابُكم ترقیعاً كٲن یُقالَ أنّهُ كانَ سوفَ یُلقی في العراءِ وهوَ داخلَ بطنِ الحوتِ فهوَ غیرُ مقبولٍ لأنّهُ ترقیعٌ فاضحٌ...معَ تقدیري.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
للجوابِ على هذا السّؤالِ يمكنُ القولُ: كانَت بانتظارِ يونسَ (عليهِ السّلام) عقوبتانِ: إحداهُما شديدةٌ، والأخرى أخفُّ وطأة.
الأولى الشّديدةُ: هيَ أن يبقى في بطنِ الحوتِ إلى يومِ يبعثون.
والأخفُّ: هوَ أن يخرجَ مِن بطنِ الحوتِ وهوَ مذمومٌ وبعيدٌ عَن لطفِ اللهِ سبحانَه.
ولكنَّ العقوبةَ الأولى دُفعَت عنهُ بسببِ أنّهُ كانَ منَ المُسبّحينَ للهِ تعالى، { فَلَولا أَنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحينَ ، لَلَبِثَ في بَطنِهِ إِلى يَومِ يُبعَثونَ}.
فتعيّنَت عليهِ العقوبةُ الثّانيةُ، والجزاءُ الثاني الأخفُّ وطأةً، ولكنَّ اللهَ تعالى رحمَهُ وتلطّفَ بهِ وأنعمَ عليه بأن دفعَ عنهُ العقوبةَ الثّانيةَ أيضاً، فقبلَ دعاءَه وتوبتَه عَن تركِ الأولى، قالَ تعالى: { لَولا أَن تَدارَكَهُ نِعمَةٌ مِن رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالعَراءِ وَهُوَ مَذمومٌ ، فَاجتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحينَ } فلم ينبذهُ في العراءِ وهوَ مذمومٌ مطرودٌ عَن رحمةِ اللهِ، بل نُبذَ في العراءِ غيرَ مذمومٍ، فاجتباهُ وجعلَه منَ الصّالحين.
فاللهُ تعالى دفعَ عنهُ العقوبةَ الثّانيةَ بسببِ توبتِه وإعترافِه بالتّقصير.
(انظر: تفسيرُ الأمثلِ للشّيخِ ناصِر مكارِم الشّيرازي : ١٨ / ٥٦٢ ، تفسيرُ الميزانِ للعلّامةِ الطباطبائي : 19 / 362 ، بتصرّف)
اترك تعليق