لماذا تخلّفَ بعضُ بني هاشمٍ عن الخروجِ مع الإمامِ الحُسين (ع)
566 – هل عمرُ بنُ الإمامِ عليٍّ وأخيه الثاني، ومحمّدٌ بنُ الحنفيّةِ، وزوجِ السيّدةِ زينبَ عليها السّلام، هل هؤلاءِ خانوا الإمامَ الحُسينَ عليه السّلام أم أنّ هذا كذب ؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يمكنُ الحكمُ بخيانتِهم وخذلانِهم للإمامِ الحُسينِ (عليهِ السّلام)، فيحتملُ أن يكونَ الإمامُ قد أذنَ لهم في البقاءِ، كي لا يفنى نسلُ أميرِ المؤمنينَ (ع)، أو لعلّ الإمامَ لم يطلب منهُم الخروجَ معه، لحصولِ الغرضِ بمَن خرجَ معَه مِن بني هاشم، وأذنَ للبقيّةِ منهم بالبقاءِ ليشكّلوا ثقلاً في مقابلِ بني أميّة، ولا تخلو السّاحةُ منهم، ويكون لهم دورٌ في معادلاتِ الأحداثِ لاحقاً.
فلا يجوزُ الكلامُ عنهم بسوءٍ ما دامَ لا وجودَ لبيّنةٍ شرعيّةٍ ثابتةٍ تثبتُ إدانتَهم أو إدانةَ الإمامِ المعصومِ لهم.
( 1 )
وقد فصّلنا الكلامَ في عدمِ خروجِ محمّدٍ بن الحنفيّة، وذكرنا هناكَ وجوهاً عديدةً لبقائهِ وعدمِ خروجِه، فيمكنُ ملاحظةُ بعضِها وتطبيقِها على عدمِ خروجِ البقيّةِ منهم.
( 2 )
نقلَ بعضُ علماءِ الأنسابِ أنّ الإمامَ الحسينَ (ع) دعا أخاهُ عمرَ إلى الخروجِ معه، ولكنّهُ رفضَ! ويقالُ: إنّه لمّا بلغَه قتلُ أخيهِ الحسينِ (ع) خرجَ في معصفراتٍ له وجلسَ بفناءِ داره وقالَ: أنا الغلامُ الحازمُ ولو أخرج معهم لذهبتُ في المعركةِ وقُتِلت. (عمدةُ الطّالبِ لابنِ عنبة ص362).
ولكن ما نقلوهُ كلامٌ مرسَلٌ يصعبُ البناءُ عليه.
ولا تصحُّ روايةُ حضورِه في كربلاءَ معَ أخيهِ الحُسين (ع).
( 3 )
أمّا عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ زوجُ السيّدةِ زينب (ع)، فهوَ رجلٌ متفانٍ في ولايةِ أهلِ البيتِ (ع)، ولم يتزحزَح قيدَ أنملةٍ، وقدّمَ ثلاثاً أو إثنين مِن أبنائهِ شهداءَ بينَ يدي أبي عبدِ اللهِ الحُسين (ع).
وتنصُّ الرّواياتُ أنّهُ كانَ يحاولُ جاهداً رفعَ حُكمِ القتلِ الصّادرِ بحقِّ الإمامِ الحُسين (ع).
ولذا لم يجلِس مكتوفَ اليدينِ، بل فعّلَ وحرّكَ ما بوسعِه مِن علاقاتٍ ومعارفَ، واستطاعَ بشكلٍ جُزئيٍّ وبسيطٍ أن يتركَ تأثيراً، ولكن لمّا كانَت القضيّةُ أكبرَ بكثيرٍ ممّا يتصوّرُه، وخرجَ أبو عبدِ اللهِ الحُسين (ع) من مكّةَ، أرسلَ مجموعةً مِن أبنائه معَه.
( 4 )
وأمّا عبيدُ اللهِ بنُ عليٍّ بنِ أبي طالب، فلم نعثُر على شيءٍ يدلّ على دعوةِ الإمامِ الحُسين (ع) إيّاهُ إلى النّصرة.
قالَ العلّامةُ الحلّي في تبريرِ عدمِ خروجِ عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ وأمثالِه من عُبيدِ اللهِ وبقيّةِ أبناءِ أميرِ المؤمنينَ (ع) بعدَ أن ذكرَ أنَّ محمّداً بنَ الحنفيّةِ كانَ مريضاً: ويحتملُ في غيرِه (يعني في غيرِ محمّدٍ بنِ الحنفيّة) عدمُ العلمِ بما وقعَ لمولانا الحُسينِ عليهِ السّلام منَ القتلِ وغيرِه، وبنوا على ما وصلَ مِن كتبِ الغدرةِ إليهِ وتوهّموا نصرتَهم له. (أجوبةُ المسائلِ المهنائيّة ص38 – 39).
وخلاصةُ كلامِه: أنّ هؤلاءِ لم يكُن عندَهم علمٌ بأنّ الإمامَ الحُسينَ (ع) سيُقتَل، وإنّما ظنّوا أنّ الكوفيّينَ سينصرونَه، ولذا لم يخرجوا معه.
وسواءٌ صحّ هذا الوجهُ أم لم يصحَّ، ففيما ذكرنا كفايةٌ إن شاءَ اللهُ تعالى.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق