الإمامُ الحُسين ع بعدما تركَ المدينةَ واتّجهَ إلى مكّةَ بقيَ في مكّة أربعةَ أشهرٍ، فلماذا لم يُقتَل الإمامُ خلالَ هذهِ المدّة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
تؤكّدُ الأحداثُ التاريخيّة عزمَ الجهازِ الأمويّ قتلَ الإمامِ الحُسين (عليه السّلام) في مكّةَ وإجهاضَ نهضتِه المُباركة، إلّا أنَّ ذلكَ لا يتمُّ جهاراً نهاراً لمكانةِ الحُسين (عليه السّلام) في الأمّةِ أوّلاً، ولحساسيّةِ المكانِ ثانياً، ولذا كانَت السّلطةُ الأمويّة تحيكُ المؤامراتَ وتتحيّنُ الفرصَ التي تغتالُ فيها الحُسينَ (عليهِ السّلام) من دونِ إحداثِ بلبلةٍ تؤدّي إلى تأليبِ الأمّةِ عليها، ولذا كانَ الخيارُ المناسبُ هوَ اغتياله غدراً، وقد كانَ الإمامُ الحُسين (عليهِ السّلام) مُلتفتاً لِما يحاكُ ضدّه فتركَ مكّةَ وخرجَ منها قبلَ مناسكِ الحج؛ لسهولةِ اغتيالِه مِن بينِ جموعِ الحُجّاجِ مِن غيرِ أن يلتفتَ إلى القاتلِ فيضيعَ دمُه هدراً.
يقولُ العلّامةُ المُحقّقُ السيّدُ هاشم معروف الحسني (رحمَه الله): لقد عزمَ على الخروجِ إلى العراقِ مهما كانَت النتائجُ وكانَ مسلمٌ بنُ عقيل رضوانُ اللهِ عليه قد كتبَ إليهِ يستعجله القدومَ ويخبرُه بما رأى وسمعَ مِن إقبالِ الناسِ عليه وإلحاحِهم في طلبه.
وقد علمَ يزيدُ وأعوانُه بكلِّ ما يجري في الكوفةِ فاستغلّوا موسمَ الحجِّ ودسّوا عدداً كبيراً مِن أجهزتِهم لقتلِه ولو كانَ مُتعلّقاً بأستارِ الكعبة، ولمّا أحسَّ بذلكَ أحلَّ مِن إحرامِه وخرجَ مِن مكّةَ في اليومِ الثامنِ مِن ذي الحجّة قبلَ أن يُتمَّ حجَّهُ مخافةَ أن يُقتلَ في الحرمِ فيضيعُ دمُه ولا يُعطي ما أعطاهُ قتله بالنّحو الذي تمَّ عليهِ منَ النتائجِ التي قضَّت مضاجعَ الطغاةِ والظالمين.
ولو تمكَّنَت أجهزةُ يزيد مِن اغتيالِه في الحرمِ كما أمرَهم بذلك، وكما خطّطَ أبوه مِن قبلِه لاغتيالِ عليٍّ (عليهِ السَّلام) وهوَ يُصلّي في بيتِ الله لقالوا وأشاعوا أنّه أُغتيلَ بسيفِ خارجي، وتبرّأوا مِن دمِه كما تبرّأوا مِن دمِ أبيه، وراجَت مقالتُهم حتّى أصبحَت وكأنّها مِن حقائقِ التّاريخ.
وجاءَ في المرويّاتِ التي وصفَت خروجَه مِن مكّة ووداعَه لأخيهِ محمّدٍ ابنِ الحنفيّة أنّهُ قالَ لأخيهِ محمّدٍ في الليلةِ التي أرادَ الخروجَ في صبيحتِها: يا أخي لقد خفتُ أن يغتالني يزيدُ بنُ معاوية في الحرمِ فأكونُ الذي يُستباحُ بهِ حُرمةُ هذا البيتِ (سيرةُ الأئمّةِ الإثني عشر : 2 / 64)
اترك تعليق