هل الرجعةُ خاصّةٌ بالمُسلمينَ أم تشملُ باقي الديانات؟
تقولُ الشيعةُ بالرّجعة، أي رجوعِ بعضِ المؤمنينَ وبعضِ المُضلّينَ، وهُنا لديَّ سؤالان: الأوّلُ هل الرجعةُ خاصّةٌ بالمُسلمينَ أم تشملُ باقي الديانات؟ والثاني كيفَ يُتصوّرُ بقاءُ الكافرِ أو المنافقِ على كُفرِه ونفاقِه بعدَ الرّجعة، وقد شاهدَ العذابَ في البرزخ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
بالنسبةِ للسّؤالِ الأوّلِ فالذي يُفهمُ منَ الرّواياتِ أنَّ الرجعةَ ليسَت عامّةً لكلِّ البشرِ كما أنّها ليسَت عامّةً لجميعِ المؤمنينَ، وإنّما يرجعُ منهُم في عصرِ الإمامِ المهدي (عليهِ السّلام) مَن محضَ الإيمانَ محضاً ومَن محضَ الكُفرَ محضاً، ففي الروايةِ عن الإمامِ الصّادقِ (عليهِ السّلام) قال: (وإنَّ الرّجعةَ ليسَت بعامّةٍ، وهيَ خاصّةٌ لا يرجعُ إلّا مَن محضَ الإيمانَ محضاً أو محضَ الشركَ محضاً) (بحارُ الأنوار، ج53، ص 39).
وقالَ الشيخُ المُفيد في تصحيحِ الاعتقاد: (روى عن الصادقِ عليهِ السّلام أنّه قالَ في الرّجعة: إنّما يرجعُ إلى الدّنيا عندَ قيام ِالقائمِ مَن محضَ الإيمان محضاً أو محضَ الكُفرَ محضاً، فأمّا ما سوى هذين، فلا رجوعَ لهُم إلى يوم المآب) (تصحيحُ الاعتقاد، ص 90).
أمّا السّؤالُ الثاني: فهوَ مِن أمورِ الغيبِ التي لا نعلمُ عنها شيئاً إلّا بمعونةِ الرواياتِ، وليسَ بينَ أيدينا مثلُ هذهِ الرّوايات، ولذا ما يمكنُ قوله لا يخرجُ عَن دائرةِ الاجتهادِ الذي لا يمكنُ القطعُ بصحّتِه.
فالظاهرُ أنَّ الإنسانَ عندَ رجعتِه للدّنيا لا يرجعُ إنساناً آخرَ غيرَ الذي كانَ عليهِ قبلَ وفاته، وإنّما يعودُ كما كانَ في الدّنيا من دونِ أن تتغيّرَ شخصيّتُه، أي أنّهُ يُبعَثُ على نفسِ أفكارِه وعقائدِه وما كانَ يحبُ وما كانَ يكره، فينسى كلَّ ما وقعَ عليهِ في عالمِ البرزخِ ولا يكونُ لهُ تأثيرٌ على شخصيّتِه السابقةِ وقناعاتِه الأولى، والذي يؤكّدُ لنا ذلكَ هوَ قوله تعالى: (وَلَو رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنهُ وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ) حيثُ تؤكّدُ الآيةُ على أنَّ الكافرَ الذي يرى العذابَ يومَ القيامِ ويرجعُ إلى الدّنيا لا يتغيّرُ مِن ضلالِه القديمِ وسوفَ يعودُ لفعلِ المعاصي التي كانَ يعملها مِن قبل.
اترك تعليق