هل الشيعي الفاسد أفضل من غير الشيعي النزيه؟
السلام عليكم سمعت من بعض الاشخاص يقولون ان الشيعي الموالي لعلي حتى لو كان فاسدا سارقا مذموماً بين الناس فهو افضل عند الله من "غير الشيعي" النزيه الخلوق الساعي لخير الناس يعني قال لي ان احد الساسة الشيعة الفاسدين هو افضل عند الله يوم القيامة من غير شيعي نزيه غير سارق يخدم وطنه واهله ويشعر بالانسانية تجاههم فهل هذا الشي صحيح ؟ هل الله يفضل الشيعي الموالي على غير الشيعي يوم القيامة حتى لو كان هذا الشيعي ظالما ؟ اذا كان هذا الشيئ حقيقة فاعتقد ان هذا ظلم وتحريض على الظلم وتحريض على ان يشيع الفساد بين الناس وذلك لكونهم شيعة حتى لو كانوا ظالمين فاسدين ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
ما سمعَه السائلُ منَ البعضِ لهُ أصلٌ في كثيرٍ منَ الرواياتِ والأحاديثِ الشريفةِ، إلّا أنَّ توجيهَ هذهِ الرواياتِ وفهمِها بعيداً عن الرؤيةِ الكليّةِ للإسلامِ يجعلُها في حالةٍ منَ التصادمِ معَ نصوصٍ أخرى قرآنيّةٍ أو روائيّة، فطرحُ بعضِ الرواياتِ بعيداً عن سياقِها الطبيعيّ وإخراجِها عن غاياتِها النهائيّة يؤدّي حتماً إلى تشويهِ مضامينِها، ومِن هُنا فإنَّ الإجابةَ على هذا السؤالِ يقتضي البحثَ عن المساحاتِ المُناسبةِ التي يجبُ أن تتموضعَ فيها هذهِ الرواياتُ، فمعَ غيابِ الحِكمةِ والغرضِ مِن مثلِ هذه الرواياتِ لا يمكنُ فهمُها على الوجهِ الذي أرادَه النبيُّ أو الإمام، فعن الإمامِ الصادقِ (عليهِ السلام) قالَ: (حديثٌ تدريهِ خيرٌ مِن ألفٍ ترويه، ولا يكونُ الرجلُ منكُم فقيهاً حتّى يعرفَ معاريضَ كلامنا، وإنَّ الكلمةَ مِن كلامِنا لتنصرفُ على سبعينَ وجهاً، لنا مِن جميعِها المخرج)، وهكذا أمرَ أئمّةُ الهُدى شيعتَهم بأن يكونوا فقهاءَ مِن خلالِ درايةِ أحاديثِهم، وذلكَ بمعرفةِ معاريضِ كلامِهم والإشاراتِ التي تتّصلُ بحديثِهم والظروفِ التي تحيطُ بهم، فالمعاريضُ بحسبِ الظاهرِ وبحسبِ ما يُفهمُ منَ السياقِ تعني تغييرَ وجهةِ الكلامِ بما يقتضيهِ السياقُ الحاليّ والمقالي إلى غيرِه بسببٍ مُعيّنٍ، ويتحقّقُ ذلكَ بمُراجعةِ الاتّجاهِ العامِّ لكلِّ النصوصِ والوقوفِ على الغايةِ التي تعملُ على تأسيسِها، فلو ظهرَ لنا بالفهمِ الأوّلي تعارضُ بعضِ الرواياتِ معَ تلكَ الغاية، حينَها يجبُ تعميقُ النظرِ أكثرَ لفهمِ الوجهِ الحقيقيّ للرّوايةِ بما ينسجمُ معَ تلكَ الغاية.
وقبلَ مُناقشةِ هذه القضيّةِ لابدَّ مِن ذكرِ بعضِ الرواياتِ التي تميّزُ الشيعيَّ عن غيرِه منَ المُسلمينَ حتّى وإن كانَ فاسقاً.
عن الكناني قالَ كنتُ أنا وزرارةُ عندَ أبي عبدِ اللهِ (عليهِ السلام) فقالَ: لا تطعمُ النّارُ أحداً وصفَ هذا الأمرَ، فقالَ زرارةُ: إنَّ ممَّن يصفُ هذا الأمرَ يعملُ بالكبائر؟ فقالَ: أو ما تدري ما كانَ أبي يقولُ في ذلكَ؟ إنّه كانَ يقول: إذا أصابَ المؤمنَ مِن تلكَ الموبقاتِ شيئاً ابتلاهُ اللهُ ببليّةٍ في جسدِه أو بخوفٍ يُدخلُه اللهُ عليه حتّى يخرجَ منَ الدُّنيا وقد خرجَ مِن ذنوبِه.
وفي كتابِ زيدٍ النرسي قالَ: قلتُ لأبي الحسنِ موسى (عليهِ السلام): الرجلُ مِن مواليكم يكونُ عارفاً، يشربُ الخمرَ ويرتكبُ الموبقَ منَ الذنبِ نتبرّأ منه، فقالَ: تبرّؤوا مِن فعلِه ولا تبرّؤوا منه، أحبّوهُ وأبغضوا عملَه ... إلى أن قالَ (عليهِ السّلام): وذلكَ أنّه لا يخرجُ منَ الدنيا حتّى يُصفّى منَ الذنوبِ إمّا بمُصيبةٍ في مالٍ، أو نفسٍ، أو ولدٍ، أو مرضٍ، وأدنى ما يُصفّى به وليُّنا أن يُريهُ اللهُ رؤيا مهولةً، فيُصبحُ حزيناً لِما رأى، فيكونُ ذلكَ كفّارةً له، أو خوفاً يردُ عليهِ مِن أهلِ دولةِ الباطل، أو يُشدّدُ عليهِ عندَ الموتِ، فيلقى اللهَ طاهِراً منَ الذنوب.
وغيرِ ذلكَ منَ النصوصِ الكثيرةِ في هذا الباب، وقبلَ إيرادِ الرواياتِ التي تتعارضُ معها ظاهريّاً، وتقديمِ مُعالجاتٍ لِما أشكلَ على السائلِ، لا بدَّ منَ الإشارةِ إلى أنَّ هذهِ الرواياتِ تنسجمُ معَ رواياتٍ أخرى جاءَت على نفسِ المعنى ولكِن بدلَ الشيعيّ جعلتَ ذلكَ للموحّدِ، ممّا يفيدُنا في بيانِ الاتّجاهِ العامّ للرواياتِ التي تُميّزُ الشيعةَ عن غيرِهم، ومِن تلكَ الرواياتِ، عن ابنِ عبّاس قالَ: قالَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): والذي بعثني بالحقِّ بشيراً ونذيراً لا يعذّبُ اللهُ بالنارِ موحّداً أبداً وإنَّ أهلَ التوحيدِ يشفعونَ فيُشفّعون. ثمَّ قال: إنّه إذا كانَ يومُ القيامةِ أمرَ اللهُ تباركَ وتعالى بقومٍ ساءَت أعمالُهم في دارِ الدّنيا إلى النارِ، فيقولونَ: يا ربِّ كيفَ تدخلُنا النارَ وقد كُنّا نوحّدُك في دارِ الدنيا؟ وكيفَ تحرقُ قلوبَنا وقد عقدتَ على أن لا إلهَ إلّا أنت؟ أم كيفَ تُحرقُ وجوهَنا وقد عفّرناها لكَ في التراب؟ أم كيفَ تُحرقُ أيدينا وقد رفعناها بالدّعاءِ إليك؟ فيقولُ اللهُ جلَّ جلاله: عبادي ساءَت أعمالُكم في دارِ الدّنيا فجزاؤكم نارُ جهنّم، فيقولونَ: يا ربّنا عفوكَ أعظمُ أم خطيئتُنا؟ فيقولُ: بل عفوي، فيقولونَ: رحمتُك أوسعُ أم ذنوبُنا؟ فيقولُ عزَّ وجل: بل رحمتي، فيقولونَ: إقرارُنا بتوحيدِك أعظمُ أم ذنوبُنا؟ فيقولُ عزَّ وجل: بل إقرارُكم بتوحيدي أعظم، فيقولونَ: يا ربّنا فليسعُنا عفوكَ ورحمتُك التي وسعَت كلَّ شيءٍ، فيقولُ اللهُ جلَّ جلاله: ملائكتي! وعزّتي وجلالي ما خلقتُ خلقاً أحبَّ إليَّ منَ المُقرّينَ لي بتوحيدي، وأن لا إلهَ غيري، وحقٌّ عليَّ أن لا أصْلي بالنارِ أهلَ توحيدي أدخلوا عبادي الجنّة.
أمّا الرواياتُ التي تُعارضُ كونَ الشيعةِ مَعفيّينَ منَ النارِ حتّى وإن قبحَت أعمالهم، هيَ كلُّ الرواياتِ التي بيّنَت صفاتِ الشيعيّ وما يجبُ أن يكونَ عليهِ حالُه منَ التقوى والعملِ الصالح، وإنَّ مُجرّدَ انتحالِ الولايةِ مِن دونِ عملِ الصالحاتِ لا يُصيّرُه شيعيّاً، ومِنها على سبيلِ المثال: عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ (عليهِ السّلام) قالَ: قالَ لي: يا جابرُ أيكتفي مَن ينتحلُ التشيّعَ أن يقولَ بحبّنا أهلَ البيت فواللهِ ما شيعتُنا إلّا مَن اتّقى اللهَ وأطاعه، وما كانوا يُعرفونَ يا جابر إلّا بالتواضعِ والتخشّعِ والأمانةِ وكثرةِ ذكرِ اللهِ والصومِ والصلاة، والبرِّ بالوالدين، والتعاهدِ للجيرانِ منَ الفقراءِ وأهلِ المسكنةِ والغارمينَ والأيتام، وصدقِ الحديثِ وتلاوةِ القرآن، وكفِّ الألسنِ عن الناسِ إلّا مِن خيرٍ وكانوا أمناءَ عشائرِهم في الأشياءِ، إلى أن قال: أحبُّ العبادِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ أتقاهُم وأعملهم بطاعتِه، يا جابرُ واللهِ ما نتقرّبُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ إلّا بالطاعةِ، وما معنا براءةٌ منَ النارِ ولا على اللهِ لأحدٍ مِن حُجّةٍ، مَن كانَ للهِ مُطيعاً فهوَ لنا وليٌّ، ومَن كانَ للهِ عاصياً فهوَ لنا عدوٌّ، وما تُنالُ ولايتُنا إلّا بالعملِ والورع.
قالَ جابر: فقلتُ: يا ابنَ رسولِ اللهِ ما نعرفُ اليومَ أحداً بهذهِ الصفة، فقالَ: يا جابرُ لا تذهبنَّ بكَ المذاهبُ حسبُ الرجلِ أن يقولَ: أحبُّ عليّاً وأتولّاهُ ثمَّ لا يكونُ معَ ذلكَ فعّالاً؟ فلو قالَ: إنّي أحبُّ رسولَ اللهِ فرسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) خيرٌ مِن عليٍّ (عليهِ السلام) ثمَّ لا يتّبعُ سيرتَه ولا يعملُ بسُنّتِه ما نفعَه حبُّه إيّاهُ شيئاً، فاتّقوا اللهَ واعملوا لِما عندَ الله، ليسَ بينَ اللهِ وبينَ أحدٍ قرابة، أحبُّ العبادِ إلى اللهِ عزَّ وجل [وأكرمُهم عليه] أتقاهُم وأعملهم بطاعتِه، يا جابرُ واللهِ ما يُتقرّبُ إلى اللهِ تباركَ وتعالى إلّا بالطاعةِ وما معنا براءةٌ منَ النارِ ولا على اللهِ لأحدٍ مِن حُجّةٍ، مَن كانَ للهِ مُطيعاً فهوَ لنا وليٌّ ومَن كانَ للهِ عاصياً فهوَ لنا عدوٌّ، وما تُنالُ ولايتُنا إلّا بالعملِ والورع.
وفي روايةٍ أخرى عَن عمرو بنِ خالد، عن أبي جعفرٍ (عليهِ السّلام) قالَ: واللهِ ما معنا منَ اللهِ براءة، ولا بينَنا وبينَ اللهِ قرابة، ولا لنا على اللهِ حُجّة، ولا نتقرّبُ إلى اللهِ إلّا بالطاعةِ فمَن كانَ منكُم مُطيعاً للهِ تنفعُه ولايتُنا، ومَن كانَ منكُم عاصياً للهِ لم تنفعه ولايتُنا ويحكَم لا تغترّوا ويحكَم لا تغترّوا.
والرواياتُ في هذا البابِ كثيرةٌ وواضحةٌ جدّاً في دلالتِها، كما أنّها تنسجمُ معَ الفهمِ الكُلّي للإسلامِ، الأمرُ الذي يقودُنا إلى ضرورةِ فهمِ الرواياتِ السابقةِ بما ينسجمُ معَ هذهِ الروايات؛ وذلكَ لكونِ هذهِ الرواياتِ تمثّلُ المُحكماتِ التي يجبُ أن نُرجعَ إليها الأحاديثَ المُتشابهة، ولا نقصدُ بذلكَ أن نتحاملَ عليها بالتأويلِ حتّى نُخرجَها عن الفهمِ العُرفي لظواهرِ النصوص، وإنّما يجبُ المُحافظةُ على الظهورِ العُرفي، ولكِن مع البحثِ عن المُرادِ الجدّي الذي يُحدّدُ لنا الوجهةَ التي استهدفَتها الرواية.
فالمُسلّمةُ التي يجبُ أن ننطلقَ منها هيَ أنَّ التشيّعَ يمثّلُ الإسلامَ الذي أرادَه اللهُ للعباد، والإسلامُ كما هوَ مُجمعٌ عليه يقومُ على أمرين، الإيمانُ والعمل، أي معرفةُ الحقِّ ومِن ثمَّ السيرُ وِفقاً لتلكَ المعرفة، ولا يمكنُ أن يستغني أحدُهما عن الآخر، فلا عقيدةَ بلا عملٍ، ولا عملَ من دونِ اعتقاد، والرواياتُ التي تؤكّدُ ذلكَ كثيرةٌ لا داعي لذكرِها.
ومنَ الواضحِ أنَّ لسانَ الرواياتِ التي تحدّثَت عن الولايةِ ناظرةٌ إلى كونِها محلَّ النزاعِ والخلافِ معَ الآخرين، ولذا جاءَت بسياقٍ يؤكّدُ على أنَّ معرفةَ الإمامِ هيَ التي توجبُ للعبدِ دخولَ الجنّة، ومَن ينكرُها يكونُ مصيرُه النار مهما تعاظمَت طاعاتُه، وعليهِ فمنَ الطبيعيّ أن تؤكّدَ رواياتُ الولايةِ على المعرفةِ دونَ التطرّقِ لشرطِ الطاعة، وذلكَ لكونِ الطاعةِ محلَّ اتّفاقٍ ولم يقَع حولها النزاعُ، ومِن هُنا لا يجوزُ فهمُ تلكَ الرواياتِ على أنّها بديلٌ عن العملِ والطاعةِ، لأنّها لم تكُن منَ الأساسِ في واردِ الحديثِ عَن ذلك، وإنّما كانَت في واردِ تحذيرِ المُنكرِ للولايةِ بأنّه لا يمكنُه الاستغناءُ عن الأئمّةِ مِن أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) بطاعاتِه، فمثلاً في روايةِ أبي حمزةَ الثمالي عن الإمامِ السجّادِ (عليهِ السلام) قالَ: (ولو أنَّ رجلاً عمّرَ ما عمّرَ نوحٌ (عليهِ السّلام) في قومِه ألفَ سنةٍ إلاّ خمسينَ عاماً يصومُ النهارَ ويقومُ الليلَ في ذلكَ المكان - ما بينَ الركنِ والمقام - ثمَّ لقى اللهَ عزَّ وجلّ بغيرِ ولايتِنا لم ينفعهُ ذلكَ شيئاً) فلسانُ هذهِ الروايةِ تحذيرُ المُنكرِ للولايةِ أن لا يغترَّ بطاعاتِه، ومَن اغترَّ منَ الشيعةِ بمعرفتِه للإمامِ وظنَّ أنّها تغنيهِ عن الطاعةِ، قامَ الأئمّةُ بردعِه برواياتِ القسمِ الثاني التي جاءَت فيها (فمَن كانَ منكُم مُطيعاً للهِ تنفعُه ولايتُنا، ومَن كانَ منكُم عاصياً للهِ لم تنفعه ولايتُنا ويحكَم لا تغترّوا) فلسانُ هذهِ الرواياتِ هوَ تحذيرُ الشيعي أن لا يغترَّ بولايتِه دونَ الطاعةِ، وعليهِ فالولايةُ شرطٌ في قبولِ الأعمالِ وليسَت بديلاً عن الأعمال.
وبذلكَ يتّضحُ بطلانُ المقولةِ التي نُسبَت لبعضِ الفِرقِ الإسلاميّةِ وهيَ: لا يضرُّ مع الإيمانِ معصيةٌ كما لا ينفعُ معَ الكُفرِ طاعةٌ، أي أنَّ الفرقَ بينَ المؤمنِ والكافرِ ليسَ في عملِهما وإنّما في معرفتِهما، فلا تُقبَلُ أعمالُ الكافرِ مهما صلحَت ولا يعاقبُ المؤمنُ على أعمالِه مهما فسدَت، وبذلكَ لا يكونُ عندَهم العملُ داخلاً في شرطِ الإيمانِ، وإنّما المعرفةُ والتصديقُ هيَ التي تشكّلُ حقيقةَ الإيمانِ وشرطَ وجودِه، وهذا باطلٌ منَ الدينِ بالضرورةِ، صحيحٌ أنَّ المعرفةَ والاعتقادَ السليمَ هوَ شرطٌ في قبولِ الأعمالِ، إلّا أنّها لا تكونُ بديلاً عن الأعمالِ، وإنّما تكونُ مُقدّمةً طبيعيّةً للأعمالِ الصالحةِ، فعن حُسينٍ الصيقل قالَ: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ عليهِ السلام يقولُ: (لا يقبلُ اللهُ عملاً إلّا بمعرفةٍ ولا معرفةَ إلّا بعمل، فمَن عرفَ دلّتهُ المعرفةُ على العملِ، ومَن لم يعمَل فلا معرفةَ له، ألا إنَّ الإيمانَ بعضُه مِن بعض) وعن أبي عبدِ اللهِ (عليهِ السلام) قالَ: (إنَّ أوّلَ ما يُسألُ العبدُ إذا وقفَ بينَ يدي اللهِ جلَّ جلالهُ عن الصلواتِ المفروضاتِ وعن الزكاةِ المفروضةِ وعن الصيامِ المفروضِ وعن الحجِّ المفروضِ وعن ولايتِنا أهل البيت ، فإن أقرَّ بولايتِنا ثمَّ ماتَ عليها قُبلَت منهُ صلاتُه وصومُه وزكاتُه وحجُّه) وبالتالي لا تكونُ الولايةُ بديلاً عن الصلاةِ والزكاةِ والصيامِ والحجِّ وبقيّةِ العباداتِ، وإنّما تأتي بعدَ الإقرارِ بالولاية.
وعلى ذلكَ يجبُ على المؤمنِ أن يُحقّقَ المعرفةَ الصحيحةَ والتي مِن أهمِّ أركانِها بعدَ الإيمانِ باللهِ ورسولِه الإيمانُ بإمامةِ الأئمّةِ مِن أهلِ البيتِ (عليهم السلام) ثمَّ بعدَ ذلكَ يجبُ أن يُترجمَ هذا الإيمانُ بالعملِ الصالح، فإذا وقعَ بعدَ ذلكَ في الذنوبِ والمعاصي مِن غيرِ تعمّدٍ وعنادٍ، فاللهُ برحمتِه قد يشملهُ بالمغفرةِ إذا تابَ وندم، أو أن يبتليه اللهُ في الدّنيا بما يكفّرُ بهِ ذنوبَه، أو قد يضيّقُ عليهِ في موتِه وقبضِ روحِه، أو يعذّبُه في البرزخِ حتّى يتمَّ تطهيرُه، وإذا لم يُطهّره كلّه ذلكَ تبقى أمامَه الشفاعةُ يومَ الحشرِ. فعن الإمامِ الصادقِ (عليهِ السّلام): إنَّ العبدَ إذا كثرَت ذنوبُه ولم يجِد ما يكفّرُها به، ابتلاهُ اللهُ بالحُزنِ في الدُّنيا، ليكفّرَها به فإن فعلَ ذلكَ به وإلّا أسقمَ بدنَه ليُكفّرَها به، فإن فعلَ ذلكَ به وإلّا شدَّدَ عليهِ عندَ موتِه ليكفّرها به، فإن فعلَ ذلكَ به، وإلّا عذّبَه في قبرِه ليلقى اللهَ عزَّ وجلَّ يومَ يلقاه وليسَ شيءٌ يشهدُ عليهِ بشيءٍ مِن ذنوبه)
وفي المُحصّلةِ إنَّ مثلَ هذهِ الأخبارِ تدفعُ الشيعيَّ إلى الالتزامِ والعملِ الجادِّ مِن أجلِ التقرّبِ مِن أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) والتشبّهِ بأفعالِهم حتّى يصيرَ معَهم في الآخرة، كما تؤكّدُ على أنَّ الإنسانَ يجبُ أن يكونَ في الاتّجاهِ الصحيحِ وهو العقيدةُ السليمةُ القائمةُ على التوحيدِ والولايةِ للهِ ولرسولِه وللأئمّةِ مِن أهلِ بيتِه، وما يصيبُ الإنسانَ مِن عثراتٍ وهوَ ماضٍ على هذا الطريقِ يمكنُ أن يُستدركَ بالتوبةِ أو بالابتلاء، أمّا إذا كانَت حركتُه منَ الأساسِ في الاتّجاهِ الخاطئِ والمسارِ المُنحرفِ فإنَّ مصيرَه إلى النارِ مهما كانَت طاعاتُه.
اترك تعليق