ما هوَ منشأ الاختلافِ بينَ العلماءِ الشيعةِ في الآراءِ الفقهيّة؟ وهل تصديرُ الرأيّ المشهورِ يعتبرُ إقصاءً لباقي الآراءِ وإن كانَت مُستندةً إلى أدلّة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : يتصوّرُ الاختلافُ بينَ الفقهاءِ في بعضِ المسائلِ الفرعيّةِ المُترتّبةِ على أحكامِ العباداتِ أو المُعاملات، ولا وجودَ لهذا الاختلافِ في أصلِ هذه المسائلِ الشرعيّة، والاختلافُ من هذا النوعِ أمرٌ طبيعيٌّ ومتصوّرٌ في جميعِ التخصّصاتِ، فمثلاً علمُ الطبِّ يقومُ على أصولٍ وقواعدَ أساسيّة تمثّلُ مُشتركاً بينَ جميعِ الأطبّاء، إلّا أنَّ تشخيصَ بعضِ الأمراضِ وتحديدَ العلاجاتِ المُناسبة قد يختلفُ مِن أخصائيٍّ لآخر، وكذلكَ الحالُ في عمليّةِ استنباطِ الأحكامِ الشرعيّة مِن أدلّتِها التفصيليّة، فمعَ أنّها عمليّةٌ دقيقةٌ وخاضعةٌ لمجموعةٍ منَ الشروطِ والضوابطِ إلّا أنَّ هناكَ مساحةً لملكةِ الاستنباطِ بينَ فقيهٍ وآخر، ومِن هُنا قد يختلفُ فقيهانِ في تقديرِهم للمسألةِ أو في فهمِهم للأدلّةِ الخاصّةِ بتلكَ المسألة، وقد فصّلنا هذا الأمرَ في إجابةٍ سابقة تحتَ عنوانِ (الاجتهاد والتعدّد الفكري) يمكنُ مراجعتُه على الموقع. أمّا مصادرةُ الآراءِ الأخرى على حسابِ الرّأي المشهورِ فليسَ صحيحاً، فالأساسُ عندَ الفُقهاءِ هوَ المستندُ الذي يقومُ عليه الحُكم، فحتّى لو كانَ الاستئناسُ برأي المشهورِ أمراً طبيعيّاً إلّا أنّهُ لا يُعدُّ لوحدِه دليلاً، ولذا قيلَ رُبَّ مشهورٍ لا أصلَ له.
اترك تعليق