هل يعاقبُ ربُّ العالمينَ المُلحدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : لا ندري ما هوَ الدافعُ لهذا السؤالِ وما هوَ المُبرّرُ الموضوعيُّ الذي يرتكزُ عليه، فبالنسبةِ للمؤمنِ الأمرُ محسومٌ ولا وجودَ لشُبهةٍ تدعو للشكِّ والارتيابِ في وقوعِ العذابِ على المُلحد، فالقرآنُ بجميعِ آياتِه يؤكّدُ على أنَّ جهنّمَ هيَ المصيرُ المحتومُ للكافر، قالَ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُم كُفَّارٌ فَلَن يُقبَلَ مِن أَحَدِهِم مِّلءُ الأَرضِ ذَهَبًا وَلَوِ افتَدَىٰ بِهِ ۗ أُولَٰئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) وقالَ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوفَ نُصلِيهِم نَارًا كُلَّمَا نَضِجَت جُلُودُهُم بَدَّلنَاهُم جُلُودًا غَيرَهَا لِيَذُوقُوا العَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) أمّا بالنسبةِ للمُلحدِ فلا نتوقّعُ أن يسألَ إن كانَ اللهُ سيعذّبُه أم لا؟ إذ كيفَ يسألُ عن اللهِ الذي يعذّبُه وهوَ كافرٌ به؟ وعليهِ لم نفهَم مصدرَ الشبهةِ التي قادَت السّائلَ لهذا السّؤال. ولو احتمَلنا أنَّ الدافعَ للسّؤالِ هوَ إنكارُ المُلحدِ وعدمُ اعترافِه بالعقوبةِ التي تنتظرُه، فإنَّ مُجرّدَ الإنكارِ لا يجعلهُ في مأمنٍ منَ العقوبة، فالحقيقةُ لا تصبحُ باطلاً بمُجرّدِ إنكارها، قالَ تعالى: (وَيَعلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ)، وقالَ تعالى: (أَلَم تَرَوا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ وَأَسبَغَ عَلَيكُم نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)، وقالَ تعالى: (الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيرِ سُلطَانٍ أَتَاهُم ۖ كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ يَطبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)، وقال تعالى: (وَلَا يَحسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُملِي لَهُم خَيرٌ لِّأَنفُسِهِم ۚ إِنَّمَا نُملِي لَهُم لِيَزدَادُوا إِثمًا ۚ وَلَهُم عَذَابٌ مُّهِينٌ) وفي المُحصّلةِ، إنَّ أوجبَ واجباتِ الإنسانِ هو الإيمانُ باللهِ الذي خلقَه وأوجدَه مِن عدم، والذي يستكبرُ عن عبادةِ اللهِ فمصيرُه حتماً جهنّمُ خالداً فيها قالَ تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبغُونَ عَنهَا حِوَلًا).
اترك تعليق