لماذا أمرَ اللهُ نوحاً بأخذِ مِن كلِّ حيوانٍ زوجين، ولم يخلِق غيرَهم؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : بالنسبةِ للإنسانِ فإنَّ حِكمةَ اللهِ اقتضَت أن يكونوا جميعاً مِن ذُريّةِ آدم (عليهِ السلام)، حيثُ خلقَ اللهُ آدم وأنزلهُ للأرضِ ليكونَ أباً لجميعِ البشر، ولا يمكنُنا افتراضُ مسارٍ آخر للإنسانِ غير المسارِ الذي أرادَه اللهُ تعالى، فالأمورُ ليسَت مُعلّقةً بالقُدرةِ فقط وإنّما هناكَ حِكمةٌ فيما أرادَه اللهُ واختارَه، وما نعرفُه مِن تلكَ الحِكمةِ هيَ أنَّ اللهَ خلقَ آدمَ وذُرّيّتَه ليمتحنَهم في هذهِ الحياة، وقد قدّرَ اللهُ وقتاً لحشرِهم وحسابِهم يومَ القيامة، وهذا يقتضي أن يستمرَّ نسلهم إلى ذلكَ اليوم، ولا علمَ لنا بعدَ ذلكَ ماذا سيحصلُ في الأرضِ وهل اللهُ سيخلقُ فيها بشراً مِن غيرِ ذُرّيّةِ آدمَ أم لا؟ أمّا بالنسبةِ لبقيّةِ الحيواناتِ فكلُّ ما نأتي به لا يُعبّرُ بالضرورةِ عن الحِكمةِ التي أرادَها اللهُ تعالى؛ وذلكَ لأنَّ اللهَ لم يُخبِرنا عنها كما أخبرنا عن حِكمةِ خلقِ آدم والإنسانِ في الأرض، وعليهِ فما نتصوّرُه يبتني على أنَّ اللهَ خلقَ هذه الحيواناتِ وسخّرَها للإنسان، أي أنّه خلقَها مِن أجلِ وجودِ الإنسانِ نفسِه، ومِن هُنا كانَ منَ الطبيعيّ أن يستمرَّ نسلها معَ نسلِ الإنسان، وإذا تردّدَ الأمرُ بينَ خلقِ حيواناتٍ جديدةٍ وبينَ استمرارِ نسلِ الحيواناتِ القديمة، فإنَّ الخيارَ الراجحَ هوَ استمرارُ نسلِها، لأنَّ ضرورةَ وجودِ الحيوانِ بالنسبةِ للإنسانِ لا يتوقّفُ على خلقِ حيواناتٍ جديدةٍ طالما كانَ هناكَ إمكانيّةٌ لإبقاءِ نفسِ تلكَ الحيواناتِ المعروفةِ للإنسان، ومِن هُنا أمرَ اللهُ نبيَّه أن يأخذَ معَه مِن كلِّ صنفٍ زوجينِ اثنين حتّى يستمرَّ نسلُ تلكَ الحيوانات.
اترك تعليق