رأي الشيعة في مسألة رؤية الله يوم القيامة

صرّحَت رواياتُ الشيعةِ برؤيةِ اللهِ يومَ القيامة كما في كتابِ بحارِ الأنوار - للمجلسيّ - ج ٨ - الصفحة ٢١٥ ما مضمونُه .... فنعمَ عُقبى الدار " فبينما هُم كذلك إذ يسمعونَ صوتاً فيسمعونَ الصوتَ فيقولون: يا سيّدَنا سمِّعنا لذاذةَ منطقِك وأرِنا وجهَك فيتجلًى لهم سبحانَه وتعالى ، حتّى ينظرونَ إلى وجهِه تباركَ وتعالى المكنونِ مِن كلِّ عينِ ناظرٍ فلا يتمالكونَ حتّى يخرّوا على وجوهِهم سجّداً فيقولون: سبحانَك ما عبدناك....

: السيد علي المشعشعي

الجواب:

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرحيم

المُستشكلُ حرّفَ النصَّ فحذفَ منه: (فأرِنا نورَ وجهك، فيتجلّى لهم سبحانَه وتعالى حتّى ينظرونَ إلى نورِ وجهِه)(1).

فما يراهُ المؤمنونَ في يومِ الآخرة إنّما هوَ نورُ جلالِ ووجهِ الله ينسبُه اللهُ تعالى إلى نفسِه، كما نسبَ العرشَ إلى نفسِه، أو كما نسبَ الكُرسيَّ إلى نفسِه، وهكذا وليسَ ذاتَه -جلّ جلاله-، فاللهُ تعالى ليسَ جسماً حتّى يُرى والعياذُ بالله.

يقولُ العلّامةُ المجلسي: والمرادُ إمّا مشاهدةُ نورٍ مِن أنوارِه المخلوقةِ له، أو النبيُّ وأهلُ بيتِه الذينَ جعلَ رؤيتَهم بمنزلةِ رؤيتِه، أو غايةُ المعرفةِ التي يعبّرُ عنها بالرؤية، والأوّلُ أنسبُ بهذا المقام (٢).

وهناكَ عشراتُ الأحاديثِ الواردةِ عن الأئمّةِ -عليهم السلام- تنفي رؤيةَ الله -عزّ وجل- ، وذكرنا طُرفاً مِنها كشواهدَ فمِن كلامٍ لأميرِ المؤمنين -عليهِ السلام- وقد سألَه ذعلبُ اليمانيّ فقالَ: هل رأيتَ ربّك يا أميرَ المؤمنين ؟ فقالَ عليهِ السلام : أفأعبدُ ما لا أرى ؟! قالَ : وكيفَ تراه ؟ قالَ عليهِ السلام : لا تدركُه العيون بمُشاهدةِ العيان ، ولكِن تدركُه القلوبُ بحقائقِ الإيمان ... (٣).

ومنها: سُئلَ الصّادقُ -عليهِ السلام- : هل يُرى اللهُ في المعاد ؟ قالَ عليهِ السلام : سبحانَه وتعالى عن ذلكَ علوّاً كبيراً إنّ الأبصارَ لا تدركُ إلّا ما له لونٌ وكيفيّة ، واللهُ خالقُ الألوانِ والكيفيّة (٤).

ومنها: عن أبي عبدِ الله قال : جاءَ حبرٌ إلى أميرِ المؤمنين -عليهِ السلام- فقالَ : يا أميرَ المؤمنين ، هل رأيتَ ربّكَ حينَ عبدتَه ؟ فقالَ عليه السلام : ويلَك ما كنتُ أعبدُ ربّاً لم أرَه. قالَ وكيفَ رأيتَه ؟ قالَ عليهِ السلام : ويلَك لا تدركُه العيون في مشاهدةِ الأبصار ولكن رأته القلوبُ بحقائقِ الإيمان (5).

ومنها: عن الأشعثِ بنِ حاتم قالَ : قالَ ذو الرئاستين : قلتُ لأبي الحسنِ الرّضا عليهِ السلام : جعلتُ فداك ، أخبِرني عمّا اختلفَ فيه الناسُ منَ الرؤية. فقالَ عليهِ السلام : يا أبا العبّاس مَن وصفَ اللهَ بخلافِ ما وصفَ به نفسَه فقد أعظمَ الفريةَ على الله ، قالَ اللهُ تعالى : (لا تدر‌كُه الأبصار‌ُ وهو يدر‌كُ الأبصار‌َ وهوَ اللطيفُ الخبير‌) (6).

والحمدُ للهِ أوّلاً وآخراً..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- بحارُ الأنوار ج8ص215
2- بحارُ الأنوار ج8ص221.
3- التوحيدُ للصًدوق باب ٥ بابُ نفي الرؤيةِ وتأويلِ الآيات فيها ح ۲
4- بحارُ الأنوار ج ٤ ص ۳۱.
5- أصولُ الكافي ج۱ ص ۹۸
6- بحارُ الأنوار ، ٤ ، ٥۳ ح ۳۱