الفرق بين الحزن الممدوح والحزن المذموم

السؤال: يُروى عن الإمام السّجاد (عليه السلام): « إنّ الله يحبّ كلَّ قلبٍ حزين »، لماذا يُطلب منّا الحزن والكآبة دائماً، وكأن الفرح والسعادة حرام على الناس؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

ممّا لا شكّ فيه أنّ الحزن الذي أشارت له الرواية يختلف عن الحزن الذي يتحرّز منه السائل، فهناك حزن ممدوح أمرَت به الكثير من الروايات، وهناك حزن مذموم نهت عنه الكثير من الروايات، وحتّى يتّضح الفرق بين الحزنين نورد بعض الروايات كنماذج لكلّ واحد من القسمين، وبمجرّد الوقوف على هذه الروايات سيتّضح للسائل المقصود من رواية الإمام السجاد (عليه السلام).

الحزن المذموم:

عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: « مَن أصبح على الدنيا حزيناً أصبح على الله ساخطاً ».

وعنه (عليه السلام) قال: « إنّ الله جعل الهمّ والحزن في الشكّ والسخط، فارضوا عن الله وسلّموا لأمره ».

وعنه (عليه السلام): « الرغبة في الدنيا تورث الغمّ والحزن، والزهد في الدنيا راحة القلب والبدن ».

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: « مَن نظر إلى ما في أيدي الناس طال حزنه ودام أسفه ».

وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: « رُبّ شهوة ساعة تورث حزناً طويلاً ».

وعن الإمام علي (عليه السلام) قال: « مَن غضب على مَن لا يقدر أن يضرّه طال حزنه وعذب نفسه ».

وعنه (عليه السلام) قال: « ما رأيتُ ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد: نفس دائم، وقلب هائم، وحزن لازم ».

وعنه (عليه السلام) قال: « إيّاك والجزع، فإنّه يقطع الأمل ويضعف العمل ويورث الهمّ ».

وجاء في أضرار هذا النوع من الحزن: عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: « "الأحزان أسقام القلوب، كما أنّ الأمراض أسقام الأبدان ».

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): « الحزن يهدم البدن ».

ويقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): « تعوّذوا بالله من حبّ الحزن ».

وعن أسباب هذا النوع من الحزن المذموم يقول الإمام الصادق (عليه السلام): « لمّا نزلت هذه الآية: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَن لم يتعزَّ بعزاء الله تقطّعت نفسه على الدنيا حسرات، ومَن رمى ببصره إلى ما في يد غيره كثر همّه ولم يشفَ غيظه ».

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: « أنا زعيم بثلاث لمَن أكبّ على الدنيا: بفقرٍ لا غناء له، وبشغلٍ لا فراغ له، وبهمٍّ وحزنٍ لا انقطاع له ».

وعن علاج هذا النوع من الحزن يقول الإمام علي (عليه السلام): « اطرح عنك واردات الهموم، بعزائم الصبر وحسن اليقين ».

ويقول (عليه السلام): « نعم طارد الهموم اليقين ».

ويقول (عليه السلام): « نعم الطارد للهمّ الاتّكال على القدر »..

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: « إنْ كان كلُّ شيء بقضاء وقدر فالحزن لماذا؟ ».

وعنه (عليه السلام): « إنّ الله جعل الروح والفرح في اليقين والرضا عن الله ».

وعن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال: « مَن اغتمّ كان للغمّ أهلاً، فينبغي للمؤمن أن يكون بالله وبما صنع راضياً ».

وعن الإمام الحسين (عليه السلام) قال: « وُجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن، فيه مكتوب: أنا الله لا إله إلا أنا، ومحمّد نبيّي، وعجبتُ لمَن أيقن بالموت كيف يفرح؟! وعجبتُ لمَن أيقن بالقدر كيف يحزن؟! ».

الحزن الممدوح:

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سُئل: أين الله؟ فقال: « عند المنكسرة قلوبهم ».

وعن الإمام علي (عليه السلام) قال: « مَن طال حزنه على نفسه في الدنيا، أقرّ الله عينه يوم القيامة وأحلّه دار المقامة ».

ويقول (عليه السلام): « ما اكتحل أحدٌ بمثل مكحول الحزن ».

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: « أوحى الله إلى عيسى ابن مريم – عليه السلام –: اكحل عينك بميل الحزن إذا ضحك البطّالون ».

وعنه (عليه السلام) قال: « الحزن من شعار العارفين، لكثرة واردات الغيب على سرائرهم، وطول مباهاتهم تحت ستر الكبرياء... ولو حجب الحزن عن قلوب العارفين ساعة لاستغاثوا، ولو وضع في قلوب غيرهم لاستنكروه ».

وعنه (عليه السلام) قال: « إنْ كان الموت حقّاً فالفرح لماذا؟ ».

وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال لجابر الجعفي: « يا جابر، إنّي لمحزون، وإنّي لمشتغل القلب، قلت: وما حزنك؟ وما شغل قلبك؟ قال: يا جابر، إنّه مَن دخل قلبه صافي خالص دين الله شغله عمّا سواه ».

يمكن مراجعة كلّ هذه الروايات في: ميزان الحكمة ج1 ص610ـ615.