دلالات حديث: « فاطمة بضعة مني »

هل يمكن شرح حديث: « فاطمة بضعة مني »، وبيان معناه؟

: - اللجنة العلمية

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنّ حديث: « فاطمة بضعة منّي » ثابت عند المسلمين، نقله الشيعة وغير الشيعة، كالصدوق والخزاز القميّ من الشيعة، والبخاريّ ومسلم من السنّة. ونصّ الشيخ كاشف الغطاء وغيره على تواتر نقله عند الفريقين [كشف الغطاء ج1 ص97].

ذكر علماء الفريقين جملةً من دلالات هذا الحديث، نذكر بعضها:

1ـ أفضليّتها على الخلق:

تمسّك العلماء بهذا الحديث لإثبات أفضليّة الزهراء (عليها السلام) على الخلق، ولنذكر بعض كلماتهم:

فمن الشيعة: الشيخ الطبرسيّ، فإنّه قال – في تفسير آية المباهلة –: (وهذا يدلّ على تفضيل الزهراء على جميع النساء، ويعضده: ما جاء في الخبر: أنّ النبيّ (ص) قال: « فاطمة بضعة منّي، يريبني ما رابها ») [مجمع البيان ج2 ص311].

ومن أهل السنّة: ابن الحاج الشافعيّ، فإنّه قال: (وليس ثَمّ منزلة أعظم من منزلته (ص)، ثمّ منزلتها بعده لقوله (ص) في حقّها: « فاطمة ‌بضعة ‌منّي، يريبني ما رابها »، وقوله..) [المدخل ج1 ص171].

وقال أبو حيّان الأندلسيّ: (قال بعض شيوخنا: والذي رأيت ممّن اجتمعت عليه من العلماء، أنّهم ينقلون عن أشياخهم: أنّ فاطمة أفضل النساء المتقدّمات والمتأخّرات؛ لأنّها بضعة من رسول الله (ص)) [البحر المحيط ج2 ص477].

وقال الزركشيّ: (ذكر الأستاذ أبو المصوّر البغداديّ.. قال: فكان شيخنا أبو سهل محمّد بن سليمان الصعلوكيّ وابنُه سهلٌ يفضّلان فاطمة على عائشة، وبه قال الشافعيُّ، وللحسين بن الفضل رسالة في ذلك، وهذا ممّا لا شكّ فيه، وقد قال (ص): « فاطمة بضعة منّي »، ولا نعدل ببضعةٍ من رسول الله (ص) أحداً، كما قاله ابن داود) [الإجابة ص47]

وقال الكورانيّ الحنفيّ: (كيف؟ وقد قال: « إنّها ‌بضعة ‌منّي »، وشعرة منه لا يوازيها الثقلان فضلاً عن البضعة) [الكوثر الجاري ج10 ص46].

وفي المقام كلمات لعلماء آخرين؛ كالصالحي الشاميّ، وشمس الدين السفيريّ، وزكريا الأنصاريّ، وشهاب الدين الرملي، وأحمد المغربيّ، والأمير الصنعانيّ، والبهوتي الحنبليّ، والعلّامة الآلوسيّ، وغيرهم.

2ـ العصمة:

استدلّ جملة من العلماء بهذا الحديث على عصمة الصدّيقة (عليها السلام).

فمن أهل السنة: نجم الدين الطوفيّ الحنبليّ، فإنّه قال: (وأمّا دليل العصمة في فاطمة (رض) فلقوله (ص): « فاطمة ‌بضعة ‌منّي، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها »، والنبيّ (ص) معصوم، فبضعته أي جزؤه والقطعة منه يجب أن تكون معصومة) [الإشارات الإلهيّة ص506].

ومن الإماميّة: الفاضل النباطيّ، فإنّه قال: (وقد روى مسلم..: « فاطمة بضعة منّي، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها »، وبعضُ المعصوم معصومٌ) [الصراط المستقيم ج1 ص170].

وفي المقام كلمات لعلماء آخرين؛ كالشهيد التستريّ، والعلّامة المجلسيّ، والسيّد شرف الدين، والعلّامة الأمينيّ، وغيرهم.

3ـ وجوب تعظيمها وحفظ حرمتها:

لا يخفى أنّ لازم كون الصدّيقة بضعة النبيّ هو لزوم تعظيمها وحفظ حرمتها لكونها بضعة النبيّ، ونصّت ألفاظ الحديث على جملة من ذلك: كالأذيّة، والنَصب، والريب، والإقباض، والغضب، والسرور، والبسط، وغيرها.

قال ابن الحاج الشافعيّ: (وليس ثَمّ منزلة أعظم من منزلته (ص)، ثمّ منزلتها بعده لقوله (ص) في حقّها: « فاطمة ‌بضعة ‌منّي، يريبني ما رابها »، وقوله (ص) في حقّها: « فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة »، وإذا كانت بهذه المزيّة وأنّها بضعة منه، فيجب ترفيعها وتعظيمها؛ امتثالاً لأمر الله تعالى في كتابه بقوله تعالى: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}..) [المدخل ج1 ص171].

وقال محمّد الشنقيطيّ: (وقال – صلى الله عليه وسلم –: « فاطمة ‌بضعة ‌منّي، يريبني ما يريبها »، وللجزء من الحرمة ما للكلّ) [لوامع الدرر ج5 ص454].

وهناك كلمات أخرى أيضاً لعلماء أهل السنّة.

4ـ حفظ حرمة ذريّتّها:

قال ابن حجر العسقلانيّ: (وفى الحديث: تحريم أذى مَن يتأذّى النبيّ (ص) بتأذيه؛ لأنّ أذى النبيّ (ص) حرام اتّفاقاً، قليله وكثيره، وقد جزم بأنّه يؤذيه ما يؤذي فاطمة، فكلّ مَن وقع منه في حقّ فاطمة شيء فتأذّت به فهو يؤذي النبيّ (ص) بشهادة هذا الخبر الصحيح، ولا شيء أعظم في إدخال الأذى عليها مِن قتل ولدها، ولهذا عُرف بالاستقراء معاجلةُ مَن تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا، ولعذابُ الآخرة أشدّ) [فتح الباري ج9 ص288].

وقال الأمير الصنعانيّ: (قال السمهوديّ: معلوم أنّ أولادها بضعة منها فيكونون بالواسطة بضعة منه... فكلّ مَن يشاهد الآن من ذرّيّتها فهو بضعة من تلك البضعة وإنْ تعددت الوسائط) [التنوير ج7 ص467-468].

وفي المقام كلمات لعلماء آخرين؛ كالمباركفوريّ، والعظيم آباديّ، والسمهوديّ، وغيرهم.

والحمد لله رب العالمين