أم الحكم أخت معاوية

السؤال: ورد حديث عن مولانا أبي عبدالله الصادق ﷺ، انه لَعَن أربعة رجال وأربع إناث بعد المكتوبة، ومن ضمنِ الاناث اللواتي لُعِنَّ كانت امُّ الحكم اخت معاوية بن أبي سفيان، فما الذي اقترفته هذه المرأة لتُلعن مع من لُعِن. لِمَ الامام ﷺ لم يلعن جعدة مثلا في نطاق الأربع اناث، فإنْ لم يصح الحديث عندكم فأرجو اعطائنا نبذة عن ام الحكم ؟

: الشيخ مروان خليفات

الجواب:

الرواية المشار إليها في السؤال وردت في الكافي للكليني عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن الخيبري، عن الحسين بن ثوير، وأبي سلمة السراج قالا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) وهو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعاً من النساء فلان وفلان وفلان ومعاوية ويسمّيهم، وفلانة وفلانة وهند وأمّ الحكم أخت معاوية. (الكافي، ج 3 ص 346).

قال العلامة المجلسي (ت 1111هـ) معلقاً على الحديث: مجهول. ورواه في التهذيب وأسقط الخيبري بين السند، فعدّه الأصحاب صحيحاً، والظاهر أنّه سقط من قلم الشيخ أو النساخ كما ذكره في المنتقى. (مرآة العقول، ج 15 ص 174). ولاحظ أيضاً: منتقى الجمان، للشيخ حسن بن زين الدين العاملي، ج2 ص 89.

أمّا بخصوص أمّ الحكم فهي ابنةُ أبي سفيان، عدوّ الإسلام، وأمّها هند، آكلة الأكباد، وأخوها معاوية، قائد أعظم فتنة في تاريخ الإسلام، فقد راجعنا ترجمتها في أكثر المصادر ووجدنا أنّها ارتدّت عن الإسلام، والبعض يقول أنّها أسلمت مرّة أخرى. والحقّ أننا لا نملك إلا الشيء اليسير جدّاً حولها.

ترجم لها ابن عبد البر فقال: أمّ الحكم بنت أبي سفيان بن حرب بن أميّة بن عبد شمس، من مسلمة الفتح، كانت في حين نزول: قوله عز وجل: (لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) تحت عياض بن غنم الفهري، فطلَّقها حينئذ، فتزوّجها عبد الله بن عثمان الثقفي. هي أمّ عبد الرحمن بن أم الحكم. (الاستيعاب، ج 4 ص 494) ومثله قال ابن الأثير وابن حجر في: أسد الغابة والإصابة.

أما بخصوص ارتدادها، فقال الثعلبي: (فآتوا الذين ذهبت أزواجهم إلى الكفار منكم مثل ما أنفقوا) ... وكان جميع من لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين راجعة عن الإسلام ست نسوة: أم الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن شداد الفهري... (الكشف والبيان عن تفسير القرآن، ج9 ص 292، معالم التنزيل في تفسير القرآن للبغوي، ج 4 ص 330).

وقال ابن أبي حاتم (ت327هـ) وهو لا يروي في تفسيره إلا الصحيح لديه كما في مقدمته: عن الحسن في قوله: ( وإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ ) قال: نزلت في امرأة الحكم بنت أبي سفيان ارتدّت فتزوجها رجل ثقفيّ، ولم ترتد امرأة من قريش غيرها، فأسلمت مع ثقيف حين أسلموا. (تفسير القرآن العظيم، ج10 ص 212).

وكانت أمّ الحكم تسكن دمشق، وشهدت موت أخيها معاوية. (تاريخ دمشق لابن عساكر، ج70 ص 220) وكان ابنها عبد الرحمن شديد النصب، مدّاحاً لعبد الرحمن بن ملجم. (شرح النهج الحديدي، ج 6 ص 300).

لو افترضنا صحّة صدور الرّواية عن الإمام الصادق (ع) فلا شكّ أنّ أمّ الحكم المذكورة في الرواية قد جنت ما استحقت به اللعن، لكنّ التاريخ أغفل ذكر كثير من الأمور الشنيعة التي ارتكبها السّلف آنذاك، فكانت الرقابة من قبل المحدّثين بمساندة الحكّام تمنع ذكر المثالب وتحارب الرّواة الذين يذكرون مساوىء السّلف حتى لو كانت صحيحة.