(مصطلح الناحية المقدسة)
سؤال: هل اصطلاح (الناحية المقدسة) يختص بالإمام المهدي (عليه السلام) أو يشمل غيره من آباءه المعصومين (عليهم السلام) لأن زيارة الشهداء يوم عاشوراء والتي تبدأ (السلام عليك يا أول قتيل من نسل خير سليل....) وذُكر أنها مروية عن الناحية سنة ٢٥٢ هجرية والإمام الحجة لم يولد بعد؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى على كلّ متتبع للآثار: أنّه جرى استعمال مصطلح (الناحية) منذ عصر الإمام الهادي (عليه السلام) حتّى زمان الغيبة الصغرى، ويُراد منه (ناحية الإمام)، حيثُ كان وكلاء الإمام الهادي والعسكريّ والمهديّ (عليهم السلام) يتوسّطون بينهم وبين شيعتهم في أخذ أجوبة المسائل والتوقيعات، وذلك بسبب الظروف الأمنية المشددة.
قال الميرزا محمّد رضا المدرس في [جنات الخلود]: (الناحية المقدسة كان يُدعى (عليه السلام) في أيّام التقيّة أحياناً بهذا اللقب)، انتهى.
وقال العلّامة المامقانيّ في: (وصاحب الناحية: الهادي أو الزكي أو الصاحب) [تنقيح المقال ج1ص401]
وقال الميرزا النوريّ: (صاحب الناحية كثيراً ما يُطلق عليه به في الأخبار، ولكن علماء الرجال قالوا: أنّه يطلق أيضاً على الإمام الحسن (عليه السلام)، بل ويطلق على الإمام علي النقيّ (عليه السلام)) [النجم الثاقب ص199].
وأمّا تاريخ صدور (زيارة الشهداء) من الناحية المقدّسة:
فقد روى السيّد عليّ ابن طاووس بإسناده الى جدّه الشيخ الطوسيّ، عن محمّد بن أحمد بن عياش، عن أبي منصور بن عبد المنعم بن نعمان البغداديّ، عن الناحية المقدسة (عليه السلام): أنّه خرج من الناحية سنة اثنين وخمسين ومائتين على يد الشيخ محمّد بن غالب الأصفهانيّ الزيارة المعروفة المشتملة على أسامي الشهداء [الإقبال ج2 ص73].
نقول: بناءً على هذا التاريخ (252هـ) يستشكل صدورها من الإمام المهدي (عليه السلام)؛ إذ إنّه لا يتّفق مع نسبتها إليه (عليه السلام)؛ لأنّه ولد سنة 256 ه أو 255 ه، وتوفّي والده الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) في اليوم الثامن من شهر ربيع الاول سنة 260، فيكون صدورها متقدّم على ولادته بأربع سنين.
ولهذا احتمل العلّامة المجلسيّ أنّ تكون مرويّة عن الإمام العسكريّ (عليه السلام) [ينظر بحار الأنوار ج98 ص274]، واستظهره العلّامة النمازيّ بقوله: (والظاهر أنّ المراد من الناحية المقدسة ناحية العسكريّين عليهما السلام) [المستدركات ج8 ص458]، وبه جزم المحقّق التستريّ قائلاً: (والمراد بالناحية فيه لابدّ أن يكون العسكري (ع)؛ لأنّ الحجّة (ع) لم يكن ولد في تلك السنة) [قاموس الرجال ج8 ص333].
واحتمل المجلسيّ وقوع تحريف في التاريخ، وأنّ الصواب: (اثنين وستّين ومائتين) لا (اثنين وخمسين ومائتين)، قال: (اعلم أنّ في تاريخ الخبر إشكالاً؛ لتقدّمها على ولادة القائم (عليه السلام) بأربع سنين، [فـ]لعلّها كانت اثنتين وستين ومأتين) [بحار الأنوار ج98 ص274]، وهو احتمال بعيد؛ لعدم قيام الدليل عليه.
والحمد لله أوّلاً وآخراً
اترك تعليق