إبليس بين الثقة والغرور
السؤال: من أين أتى إبليس بالثقة عندما قال: ( لأغوينّهم أجمعين)؟
الجواب:
الثقة هي نتاج التواضع، والغرور هو نتاج التكبّر، وإبليس كان متكبّراً مغروراً ولم يكن واثقاً، وبسبب استكباره وتكبّره أخرجه الله من رحمته، كما قال تعالى: (إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)، وقال تعالى: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ)
والكِبَرُ مرض خطير سببه الشعور بالنقص، والمتكبّر لجهله يضخّم ذاته في محاولة للتغلّب على هذا الشعور، فكلّ متكبّر في الواقع يخفي تحت تكبّره شعور قاتل بالنقص والهوان، ومن هنا لا يمكن أن يجتمع التكبّر مع الشعور بالثقة، صحيح يمكن للمتكبّر أن يدّعي ذلك، ولكنْ في الواقع يكون مجرّد غرور وادّعاء فارغ، فإذا كان أصل التكبّر هو الشعور بالنقص، فإنّ أصل الثقة هو إدراك حدود الذات والشعور بقيمتها الواقعيّة، وذلك لا يحدث إلّا بعد الإيمان بالله والاعتماد عليه، فأصل الثقة بالنفس هي ثقة بالله تعالى، والذي يرى ذاته ولا يرى الله لا يكون إلّا متكبّراً مغروراً.
وقد أكد القرآن الكريم على محدوديّة إبليس وكيده الضعيف، فقال: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)، وقال تعالى: (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً)، فلا يتعدّى كيده وتأثيره الوسوسة القلبيّة، قال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم)، وبالتالي ليس لإبليس أيّ سلطة على الإنسان إلّا إذا أراد الإنسان ذلك، يقول تعالى: (إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ).
اترك تعليق