مناقب أبي طالب (عليه السلام)
السؤال: هل توجد لعمِّ النبي أبي طالب مقامات وفضائل في رواياتنا؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم –أيّدك الله- أنّ أبا طالب (عليه السلام)، عمّ المصطفى ووالد المرتضى (عليهما وآلهما السلام)، له خصال نبيلة، وفضائل جليلة ومقامات شامخة تميّز بها فهو -كما ورد في أخبار أئمة الهدى- مؤمن كمؤمن آل فرعون، مُسرٌّ بإيمانه كأصحاب الكهف، وقد كان عبداً مصطفى، ووصيّاً من الأوصياء، طاهراً مطهَّراً، وشافعاً مشفَّعاً، ونوره يوم القيامة يُطفئ أنوار الخلائق كنور المعصومين الأربعة عشر، ويُحشر رفيقاً للأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين، وغيرها من الفضائل الدالة على علوِّ مقامه كما سيتبيَّن ذلك بما نذكره من نقاط:
1ـ أنه من الطاهرين المطهّرين:
روى الشيخ الكلينيّ بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنّ الله كان إذ لا كان، فخلق الكان والمكان، وخلق نور الأنوار الذي نوّرت منه الانوار، وأجرى فيه من نوره الذي نوّرت منه الأنوار، وهو النور الذي خلق منه محمّداً وعليّاً، فلم يزالا نورين أوّلين، إذ لا شيء كون قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهّرين في الاصلاب الطاهرة، حتّى افترقا في أطهر طاهرين، في عبد الله وأبي طالب (عليهم السلام)» [الكافي ج1 ص442].
وجاء في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام): «أشهد أنّك طهر طاهر مطهَّر من طهر طاهر مطهَّر» [كامل الزيارات ص101، من لا يحضره الفقيه ج2 ص590، تهذيب الأحكام ج6 ص27].
2ـ أن نوره يطفئ أنوار الخلق يوم القيامة:
روى ابن شاذان والطوسي والكراجكي وغيرهم بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً، إنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلائق إلا خمسة أنوار: نور محمّد (صلى الله عليه وآله)، ونوري، ونور فاطمة، ونورَي الحسن والحسين ومن ولده من الأئمّة؛ لأنّ نوره من نورنا الذي خلقه الله (عزّ وجلّ) من قبل خلقِ آدم بألفي عام» [المائة منقبة ص174، الأمالي للطوسيّ ص305، كنز الفوائد ص80].
3ـ أنه من أوصياء الأنبياء:
ورد في الخبر: أنّه «قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): مَن كان آخر الأوصياء قبل النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال: أبي» [ينظر الغدير ج7 ص389].
وروى الشيخ الكلينيّ بالإسناد عن درست بن أبي منصور أنّه سأل أبا الحسن الأوّل (عليه السلام): أكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) محجوجاً بأبي طالب؟ فقال: «لا، ولكنّه كان مستودعاً للوصايا، فدفعها إليه (صلى الله عليه وآله)..» [الكافي ج1 ص653].
قال الشيخ الصدوق: (ورُوي: أنّ عبد المطلب كان حجّة، وأبا طالب كان وصيّه) [الاعتقادات ص110].
وقال التقيّ المجلسيّ: (رُوي أنّه كان من أوصياء إبراهيم وإسماعيل، كما كان أبوه عبد المطلب (عليه السلام) كذلك) [روضة المتقين ص151]، وقال نحوه العلّامة المجلسيّ في [بحار الأنوار ج17 ص142].
4ـ أنّه شافع مشفَّع:
روى ابن شاذان والطوسيّ والكراجكيّ وغيرهم بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً، لو شفع أبي في كلِّ مذنب على وجه الأرض لشفّعه الله تعالى فيهم» [المائة منقبة ص174، الأمالي للطوسي ص305، كنز الفوائد ص80].
5ـ أنّه بشّر بمولد أمير المؤمنين قبل ثلاثين سنة:
روى الشيخ الكلينيّ بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنّ فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشّره بمولد النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فقال أبو طالب: اصبري سبتاً أُبشّرك بمثله إلّا النبوّة، وقال: السبت ثلاثون سنة، وكان بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاثون سنة» [الكافي ج١ ص٤٥٢].
وروى الكليني بالإسناد عن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : «لما ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فتح لآمنة بياض فارس وقصور الشام ، فجاءت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين إلى
أبي طالب ضاحكة مستبشرة، فأعلمته ما قالت آمنة، فقال لها أبو طالب: وتتعجّبين من هذا؟! إنّك تحبلين وتلدين بوصيّه ووزيره» [الكافي ج1 ص452] .
وروى أيضاً بالإسناد عن أسباط بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان حيث طلقت آمنة بنت وهب وأخذها المخاض بالنبيّ (صلى الله عليه وآله) حضرتها فاطمة بنت أسد امرأة أبي طالب فلم تزل معها حتّى وضعت فقالت، إحداهما للأخرى: هل ترين ما أرى؟ فقالت: وما ترين؟ قالت: هذا النور الذي قد سطع ما بين المشرق والمغرب فبينما هما كذلك إذا دخل عليهما أبو طالب فقال لهما: ما لكما من أي شئ تعجبان؟ فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت فقال: لها أبو طالب: ألا أبشّرك؟ فقالت: بلى، فقال: أما إنك ستلدين غلاماً يكون وصيَّ هذا المولود» [الكافي ج8 ص302].
6ـ مثله كمثل أصحاب الكهف ومؤمن آل فرعون:
روى الشيخان الكلينيّ والصدوق بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسرّوا الإيمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرّتين» [الكافي ج١ ص٣٧٣، الأمالي للصدوق ص٧١٢، معاني الأخبار ص285].
وورد عن الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) -في حديث طويل يذكر فيه-: «إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسوله (صلّى الله عليه وآله): إنّي قد أيّدتك بشيعتين: شيعة تنصرك سرّاً وشيعة تنصرك علانية، فأمّا التي تنصرك سرّاً فسيّدهم وأفضلهم عمّك أبو طالب، وأمّا التي تنصرك علانيّة فسيّدهم وأفضلهم ابنه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ثمّ قال: وإنّ أبا طالب كمؤمن آل فرعون يكتم إيمانه» [الحجّة على الذاهب ص362].
7ـ كفالته وتربيته ونصرته للنبي (صلى الله عليه وآله):
روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن حبيب بن أبي ثابت - رفعه - قال: «دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عمّه أبي طالب وهو مسجّى، فقال: يا عمّ، كفلتَ يتيماً، وربّيتَ صغيراً، ونصرتَ كبيراً، فجزاك الله عنّي خيراً، ثمّ أمر عليّاً (عليه السلام) بغسله» [الأمالي ص489].
وروى الصدوق أيضاً بالإسناد عن محمد ابن مروان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنّ أبا طالب أظهر الكفر وأسرّ الإيمان، فلمّا حضرته الوفاة أوحى الله عزّ وجلّ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله): اخرج منها، فليس لك بها ناصر، فهاجر إلى المدينة» [كمال الدين ص171] .
وروى الشيخ الكلينيّ بالإسناد عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لمّا توفّي أبو طالب نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمّد، اخرج من مكّة، فليس لك فيها ناصر، وثارت قريش بالنبيّ (صلى الله عليه وآله)، فخرج هارباً حتّى جاء إلى جبل بمكّة يُقال له: الحجون، فصار إليه» [الكافي ج1 ص439] .
8ـ تسميته النبيّ بـ(أحمد):
روى الشيخ الكلينيّ بالإسناد عن أبي السائب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام) قال : «عقّ أبو طالب عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم السابع، ودعا آلَ أبي طالب فقالوا : ما هذه؟ فقال: عقيقة أحمد، قالوا: لأيّ شيء سمّيته أحمد؟ قال: سمّيته أحمد لمحمدة أهل السماء والأرض» [الكافي ج6 ص34].
9ـ أنّه لم يسجد لصنم قط:
روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول : «والله، ما عبد أبي ولا جدّي عبد المطّلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قط، قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: كانوا يصلّون إلى البيت، على دين إبراهيم (عليه السلام) متمسِّكين به» [كمال الدين ص171].
10ـ أنّ الشاك في إيمانه يستحقّ النار:
روى الشيخ الكارجكي بالإسناد عن أبان بن محمّد قال: «كتبتُ إلى الإمام الرضا عليّ بن موسى (عليه السلام): جعلت فداك، قد شككتُ في إيمان أبي طالب، قال: فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، أمّا بعد، فمَن يتّبع غير سبيل المؤمنين نولّهِ ما تولّى، إنّك إن لم تقرّ بايمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار» [كنز الفوائد ص80].
وذكر السيّد فخار الموسويّ: أنّ الشيخ الصدوق يروي بإسنادٍ له: «أنّ عبد العظيم بن عبد الله العلوي الحسنيّ - المدفون بالري، [و]كان مرضيّاً - يكتب إلى أبى الحسن الرضا (عليه السلام): عرّفني -يا ابن رسول الله - عن الخبر المرويّ: أنّ أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه، فكتب إليه الرضا (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإنّك إنْ شككتَ في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار» [الحجّة على الذاهب ص82].
نكتفي بهذا القدر والحمد لله أوّلا وآخرا
اترك تعليق