هل الصابئة المندائية والمجوس من أهل الكتاب؟
Alaa Maytham: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 1- هل المجوس من أهل الكتاب؟ 2- ديانة الصابئة المندائية ذكرت في القرآن الكريم، أليست من أهل الكتاب؟ وإذا كان الجواب لا، فلماذا؟ وذلك لأنني رأيت تقريراً عن الديانة ورأيت أن لها نبياً (يحيى عليه السلام) وكتاباً، ويقولون دائماً: بسم الحي العظيم. وشكراً.
الأخ علاء المحترم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن المجوس - بحسب الروايات - هم أهل كتاب، فقد ورد في (الكافي ج3 ص567): (إنه سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن المجوس أكان لهم نبي؟ فقال: نعم، أما بلغك كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أهل مكة أن أسلموا، وإلا نابذتكم بحرب، فكتبوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن خذ منا الجزية، ودعنا على عبادة الأوثان. فكتب إليهم النبي (صلى الله عليه وآله): أني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، فكتبوا إليه ـ يريدون بذلك تكذيبه ـ: زعمت أنك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، ثم أخذت الجزية من مجوس هجر. فكتب إليهم النبي (صلى الله عليه وآله): إن المجوس كان لهم نبي فقتلوه، وكتاب أحرقوه، أتاهم نبيهم بكتابهم في اثني عشر ألف جلد ثور).
وورد في وسائل الشيعة: ((إن اسم نبيهم داماست فقتلوه، وكتاب يقال له: جاماست، كان يقع في اثني عشر ألف جلد ثور فحرقوه)) (وسائل الشيعة ج5 ص127).
وليس نبيهم زرادشت كما قد يدعى، فإن تلك دعوى يريدون من أجلها إضفاء صبغة سماوية على تعاليم زرادشت.
وفي (الإحتجاج ج2 ص91): ((سأل زنديق أبا عبد الله (عليه السلام) عن المجوس، أفبعث الله إليهم نبياً؟ فإني أجد لهم كتباً محكمة، ومواعظ بليغة، وأمثالاً شافية، يقرون بالثواب والعقاب، ولهم شرايع يعملون بها.
قال (عليه السلام): ما من أمة إلا خلا فيها نذير، وقد بعث إليهم نبي بكتاب من عند الله فأنكروه وجحدوا كتابه. قال: ومن هو؟ فإن الناس يزعمون أنه خالد بن سنان؟ قال (عليه السلام): إن خالداً كان عربياً بدوياً، وما كان نبياً، وإنما ذلك شيء يقوله الناس. قال: أفزردشت؟ قال: إن زردشت أتاهم بزمزمة، وادعى النبوة، فآمن منهم قوم وجحده قوم، فأخرجوه فأكلته السباع في برية من الأرض)).
ولذا تجد فقهاءنا يعدون المجوس من أهل الكتاب كاليهود والنصارى وغيرهم.
أما الصابئة فهم على قسمين:
1- الصابئة الحرّانيّين، وهم من الوثنيّة.
2- الصابئة المندائيّين، ويدينون بنبوة كل من آدم وشيث ونوح وسام وإدريس وإبراهيم ويحيى بن زكريا (عليهم السلام)، وليس كما قد يتوهم أن نبيهم يحيى بن زكريا (عليهم السلام). وقد جاء هذا الوهم من تعظيم الصابئين للنبي يحيى واعتباره نبياً لهم، أنقذهم من ضلال اليهودية، وقام بالمعمودية.
وقد أشار السيد الخوئي (قده) في كتابه "قبس من تفسير القرآن" ص 196 بأنه قد ورد ذكر الصابئين في آيات ثلاث من القرآن الكريم، فقد قال تعالى: (إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والنصارى والصّابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (٢).
وهي محل البحث في المقام.
وقال تعالى: (إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئون والنّصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (٣).
وقال تعالى: (إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئين والنّصارى والمجوس والّذين أشركوا إنّ الله يفصل بينهم يوم القيامة إنّ الله على كلّ شيء شهيد) (٤) .
وقد وقع الخلاف بين علماء التفسير في دين الصابئة وعقائدهم اختلافاً شديداً، بحيث دار بين تكفيرهم والحكم بوثنيتهم، وبين كونهم موحدين يؤمنون بجميع الأنبياء والرسل (عليهم السّلام)، ونحن تحرياً للحق نحاول استقصاء كلماتهم.
فبعد أن ذكر السيد الخوئي (قده) الأقوال، قال في ص 203: (والذي يقتضيه التأمل في سياق الآيات الكريمة التي تلوناها عليك، والتدبر في مداليلها هو الحكم بكون الصابئة من أهل الكتاب، حالهم في ذلك حال اليهود والنصارى والمجوس، فإنهم قرنوا في الآيتين الأولى والثانية بأهل الكتاب، وجعلوا في عداد الذين لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون إذا ما أخلصوا في دينهم وعملوا بما يفرضه عليهم الواجب الشرعي في ذلك الظرف، فإن ذلك يدلّ وبوضوح على كونهم من أهل الكتاب وأصحاب الرسالات السماوية، خصوصاً أنهم واليهود والنصارى والمجوس جعلوا في قبال الذين أشركوا في الآية الثالثة.
ودمتم في حفظ الله ورعايته
اترك تعليق