الشبهة: اخْتِلافُ الآراءِ في المَذهبِ الوَاحدِ يُنافِي كَونَه فِرقةً نَاجِيةً!!

ألَا يَجبُ أنْ تَكونَ الفِرقةُ النَّاجِيةُ على رأْيٍ وَاحدٍ؟ والحَالُ أنَّه لا يُوجدُ مَذهبٌ آراؤه وَاحِدةٌ؟

: اللجنة العلمية

        السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُه. 

     الإجْتِهادُ في اسْتِنباطِ الأحْكامِ من أدلَّتِها الشَّرعِيةِ قد دلَّتْ عليْه الآياتُ والرِّوايَاتُ والسِّيرةُ العُقلَائيةُ المَقطُوعةُ وإجْماعُ الطَّائِفةِ، ولَازِمُ هذا الجَوازِ في اسْتِنباطِ الأحْكامِ أنْ تَختلِفَ الآراءُ في بَيانِ الأحْكامِ؛ لأنَّ أدلَّةَ  الشَّرِيعةِ لَيستْ على  نَمطٍ وَاحدٍ منَ البَيانِ، فمِنها النصُّ (الذي لا يَحتمِلُ مَعنى ثانياً)، ومِنها الظَّاهرُ (الذي يَحتمِلُ أكثرَ من مَعنى)، ومِنها المُجمَلُ (الذي لا يُمكنُ حَملُه على مَعنى مُعيَّنٍ إلا بِمعُونةِ القَرآئنِ)، وهكذا يُوجدُ المُطلَقُ والمُقيَّدُ والعَامُّ والخَاصُّ، وتُوجدُ المَفاهِيمُ والدِّلالَاتُ الإلتِزامِيةُ للْألفَاظِ والمُلازَماتِ العَقلِيةِ، وكلُّ هذِه الأمُورِ هي مَحلُّ نِقاشٍ وحِوارٍ من حيثُ الدِّلالةُ والحِجيَّةُ بينَ الفُقهاءِ، فالْإخْتلِافُ في الفَتاوَى هو أمرٌ طَبيعيٌ لِتنوُّعِ الأدلَّةِ وطَبيعَتِها.

     نعم، كلُّ هؤلاءِ المُختَلِفينَ في آرائِهِم الفِقهيَّةِ هم مُتفِقونَ في الأمُورِ العَقائِديةِ الأسَاسِيةِ في مَذهَبِهم، والنَّجاةُ تَدورُ على تَمامِيةِ العَقائدِ لا على الإتِّفاقِ في الآراءِ الفِقهيَّةِ.

     ودُمتُم سَالِمينَ.