العِلَاقَةُ بَيْنَ سُورَةِ الكَوْثَرِ وَفَاطِمَةَ (عَ).

أحْمَدُ العِرَاقِيُّ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. مَا وَجْهُ العِلَاقَةِ بَيْنَ سُورَةِ الكَوْثَرِ بِالسَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ {ع}.

: اللجنة العلمية

      الأخُ أحْمَدُ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     لَقَدْ فُسِّرَ (الكَوْثَرُ) فِي السُّورَةِ المُبَارَكَةِ بِ (فَاطِمَةَ)، وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ وَسِيَاقِ آيَاتِهَا، وَذَلِكَ حِينَ وَصَفَ أحَدُ أقْطَابِ قُرَيْشٍ - العَاصُ بْنُ وَائِلٍ - النَّبِيَّ الأقْدَسَ (ص) بِأنَّهُ أبْتَرُ، وَذَلِكَ أنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصِفُ الشَّخْصَ إِذَا مَاتَ لَهُ ذُكُورٌ بِأنَّهُ أبْتَرُ (كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ أبِي حَاتِمٍ عَنْ السدِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ 10: 333).

     فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ المُبَارَكَةُ تُبَشِّرُ النَّبِيَّ الأَقْدَسَ (ص) بِأنَّ ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الأكْثَرُ فِي الدُّنْيَا، وَأنَّ شَانِئَهُ وَمُعِيبَهُ هُوَ الَّذِي سَيَكُونُ أبْتَرَ وَيَنْقَطِعُ نَسْلُهُ، وَبِالفِعْلِ فَقَدْ انْقَطَعَ نَسْلُ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ، بَلْ نَسْلُ الأُمَوِيِّينَ كُلِّهِمْ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ شَيْءٌ يُذْكَرُ فِي الدُّنْيَا!!

     قَالَ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِي فِي تَفْسِيرِهِ: الكَوْثَرُ أوْلَادُهُ، قَالُوا: لِأنَّ هَذِهِ السُّورَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ رَدًّا عَلَى مَنْ عَابَهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِعَدَمِ الأوْلَادِ، فَالمَعْنَى أنَّهُ يُعْطِيهِ نَسْلًا يَبْقَوْنَ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ، فَانْظُرْ كَمْ قُتِلَ مِنْ أهْلِ البَيْتِ، ثُمَّ العَالَمُ مُمْتَلِئٌ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ يُعْبَأُ بِهِ، ثُمَّ انْظُرْ كَمْ كَانَ فِيهِمْ مِنْ الأكَابِرِ مِنْ العُلَمَاءِ كَالْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ وَالْكَاظِمِ وَالرِّضَا (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) وَالنَّفْسِ الزَّكِيَّةِ وَأمْثَالِهِمْ. انْتَهَى [تَفْسِيرُ الرَّازِي 32: 124].

     وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الذُّرِّيَّةُ الكَثِيرَةُ إِلَّا مِنْ نَسْلِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَكَانَتْ هِيَ (الكَوْثَرَ) فِي السُّورَةِ المُبَارَكَةِ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.